سيكون الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون أمام طريق وعر جراء تحديات سياسية واقتصادية ودبلوماسية بعد أزمات طاحنة تعرضت لها البلاد منذ العام 2019.
وسيكون عون في حاجة ماسة إلى دعم دولي لتحقيق إصلاحات اقتصادية توقف التدهور الاقتصادي والنقدي والمصرفي.
وفيما يلي أبرز التحديات الاقتصادية التي تعرّض لها لبنان منذ 2019 عندما عانى تراجعات متتالية في سعر صرف عملته المحلية الليرة حتى اليوم.
منذ عام 2019 يعاني لبنان انهيارا ماليا يعد من أسوأ الأزمات في العصر الحديث وفقا للبنك الدولي، إذ فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها إلى متوسط 90 ألفا أمام الدولار من 1500 سابقا.
وبينما انهارت الثقة بالنظام المصرفي بالكامل فإن البنوك التي كانت يوما رمزا للاستقرار أصبحت عاجزة عن تلبية طلبات السحب بالدولار، مما أدى إلى تآكل مدخرات المواطنين.
والتحدي الأكبر أمام الرئيس الجديد هو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة الثقة بين المواطنين والمستثمرين.
هذه المهمة تتطلب تعاونا مع المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي الذي تراجع عن الدخول في خطة إصلاحات اقتصادية مع لبنان قبل سنوات عدة.
كما يحتاج الرئيس الجديد إلى وضع خطة لإعادة رسملة البنوك وإدارة الديون السيادية التي تجاوزت 90 مليار دولار.
يعيش اللبنانيون تحت وطأة تضخم مفرط، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل هائل.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لعام 2023، يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وسط تضخم مرتفع تجاوز في بعض المراحل 300%، مما أثّر على القوة الشرائية للمواطنين وجعل تأمين الاحتياجات تحديا يوميا.
وللتعامل مع هذه الأزمة يحتاج الرئيس عون إلى وضع سياسات اقتصادية عاجلة، مثل تعزيز الأمن الغذائي، وتشجيع الإنتاج المحلي، ودعم الفئات الأكثر ضعفا عبر برامج حماية اجتماعية فعالة.
ويعاني لبنان اليوم عجزا عن تلبية إمدادات السوق المحلية من مشتقات الطاقة، إلى جانب الوقود المستخدم في توليد الكهرباء، مما أدى إلى انتعاش السوق السوداء لتوفير الوقود.
كما يعد قطاع الطاقة في لبنان من بين الأكثر فشلا، إذ يعاني المواطنون انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يوميا، ويعتمدون على المولدات الخاصة ذات التكاليف الباهظة.
وتعود الأزمة إلى عقود من سوء الإدارة والفساد، مما جعل إنتاج الكهرباء مكلفا وغير مستدام.
ويتعين على الرئيس المنتخب وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الكهرباء تشمل الاستثمار في الطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة محطات التوليد، والحد من الهدر التقني، بحسب دراسة سابقة للبنك الدولي.
يعتبر الدين العام اللبناني من بين الأعلى عالميا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يتجاوز 150% بحلول منتصف 2024، في حين تعاني الموازنة العامة عجزا مزمنا نتيجة الإنفاق غير المبرر والتهرب الضريبي وضعف الإيرادات.
ووفق مسودة إصلاحات كانت قائمة بين لبنان وصندوق النقد الدولي، فإن التحدي هنا يكمن في تنفيذ إصلاحات مالية جذرية تشمل ترشيد الإنفاق الحكومي، وتحسين جباية الضرائب، ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة الدين بما يتماشى مع قدرة الاقتصاد على التعافي.
لبنان يحتاج بشكل عاجل إلى دعم المجتمع الدولي، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو القروض الميسرة.
ومع ذلك، فإن هذا الدعم مشروط بتنفيذ إصلاحات حقيقية، فقد أعربت الدول المانحة وصندوق النقد الدولي مرارا عن استعدادها للمساعدة لكن بشرط تطبيق الشفافية ومكافحة الفساد، وهو ما يتطلب من الرئيس عون بناء علاقات قوية مع المجتمع الدولي، وإظهار الالتزام الجدي بالإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة المانحين.
وارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد لتتجاوز 30% بحلول مطلع 2024، مع مستويات أعلى بين الشباب، وهذا الوضع أدى إلى هجرة جماعية للكفاءات، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والهندسة.
كما تأثرت القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم بشدة نتيجة الأزمة الاقتصادية، في حين تعاني المستشفيات نقصا في التمويل والمعدات الطبية، وتواجه المدارس صعوبة في تأمين رواتب المعلمين وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.
ويعتبر الفساد من أبرز أسباب الانهيار الاقتصادي في لبنان، فالمؤسسات العامة تعاني سوء الإدارة والمحسوبية، مما يعرقل تنفيذ أي إصلاحات جدية.