قال مصرف ليبيا المركزي اليوم الخميس إنه كلف شركة "دي لا رو" البريطانية لطباعة الأوراق النقدية بطباعة 30 مليار دينار (6.250 مليارات دولار) "لحلحلة مشكلة شح السيولة" في البنوك التجارية بالبلاد.
وقال المركزي الأحد الماضي إن مشكلة نقص السيولة "ستحل تدريجيا" بدءا من يناير/كانون الثاني المقبل بما يتسق مع خطة أقرها مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي.
وتعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات رغم ما تملكه من ثروة نفطية، ويضطر المواطنون إلى الوقوف في طوابير خارج البنوك للحصول على النقد والرواتب منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في عام 2011.
ويعتمد اقتصاد ليبيا اعتمادا كبيرا على عائدات النفط.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أن رواتب موظفي الحكومة شكلت النسبة الأكبر من الإنفاق وبلغت 48.6 مليار دينار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضيين من إجمالي عائدات النفط البالغ 67.8 مليار دينار خلال تلك الفترة.
وسعر صرف الدينار الليبي حاليا مقابل الدولار هو 4.8 دنانير.
وقال المصرف -في بيان- إن محافظه ناجي عيسى اجتمع أمس الأربعاء مع كليف فاشير الرئيس التنفيذي للشركة ومايكل ويلسون مديرها الإقليمي لمناقشة تنفيذ التعاقد. وأضاف "كذلك ناقش الاجتماع جدول مواعيد تسلّم الشحنات".
وقال المصرف إنه يعتزم سحب الأوراق النقدية القديمة وفقا لجدول زمني، لكنه لم يكشف عن مزيد من التفاصيل.
دفع نقص السيولة في ليبيا السكان للجوء المتزايد إلى البطاقات المصرفية.
كذلك فإن عدم الثقة بالنظام المالي المتهالك أساسا يعني أن الأموال النقدية نادرا ما يعاد ضخّها في المصارف، إذ يفضّل الليبيون الاحتفاظ بنقودهم في متناول اليد.
وإلى جانب نقص السيولة، غالبا ما يتلقى موظفو القطاع الحكومي، الذين يشكلون حصة الأسد من السكان العاملين في ليبيا (2.3 مليون من أصل 2.6 مليون)، رواتبهم متأخرة.
ويتم تحديد حد أقصى للسحب من نوافذ البنوك عند ألف دينار (205 دولارات)، وغالبا ما يكون ذلك مرة شهريا.
وقال موظف بأحد مصارف مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس)، ثالث كبرى مدن البلاد، إن ثقافة عدم استخدام النقود "لم تتجذر بعد، لكن الأجيال الشابة تتبناها بسهولة".
وأكد القطيط لوكالة الصحافة الفرنسية أهمية الحلول الإلكترونية لتسهيل المعاملات اليومية، وخاصة في أوقات أزمة السيولة، حتى لو كانت البنية التحتية لا تزال غير كافية.
وقال الخبير الاقتصادي خالد الدلفق، للوكالة ذاتها، إنه في حين يدفع نقص السيولة كثيرين للتحول إلى استخدام البطاقات، يجب أن يكون ذلك مصحوبا بالعمل "لجعل هذه الخدمات أكثر سهولة في الوصول إليها".
وتسبّب الاضطراب السياسي في ليبيا بتأثيرات جانبية إضافية، مثل المطبوعات المتعددة للأوراق النقدية من فئة 50 دينارا.
ووقعت مؤسسات ليبيا منذ عام 2014 بين المعسكرين المتنافسين على السلطة، ولم يكن مصرفها المركزي استثناء. وحتى العام الماضي، بقي هذا البنك منقسما إلى جزأين؛ مقر معترف به دوليا في العاصمة وآخر في بنغازي في الشرق، مع توقيع محافظي كل منهما على طباعة النقود الورقية.
وفي 2012، طرحت عملة جديدة للتداول بقيمة 50 دينارا، وهي أكبر فئة متاحة، لتسهيل الحياة على المستهلكين الذين غالبا ما يقومون بدفعات نقدية بالآلاف.
ولكن في أبريل/نيسان، أعلن البنك المركزي سحب أوراق الـ50 دينارا بسبب انتشار كميات "مزيفة" منها، إلى جانب تلك التي أصدرها المصرف وطبعها في بريطانيا، وأخرى مطبوعة في روسيا صادرة عن سلطات شرق ليبيا الموازية.
وكان البنك المركزي قد حدد في البداية موعدا نهائيا لسحب الأوراق النقدية (فئة 50 دينارا) من التداول بنهاية أغسطس/آب، قبل أن يمدد المهلة إلى نهاية العام.
وفي محاولة لمعالجة أزمة السيولة، ضخ البنك 15 مليار دينار في النظام المصرفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بينما حث البنوك على "تسهيل إصدار البطاقات" للعملاء، ومطالبته بخفض العمولات لتشجيع الليبيين أكثر على "الدفع الإلكتروني".