تعيش إسرائيل أزمة متفاقمة في نظامها التعليمي مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي الجديد في سبتمبر/أيلول 2025، وسط عجز حاد في أعداد المعلمين وصعوبات إدارية ومالية تهدد انطلاقة العام الدراسي في موعده. وكشفت وزارة التعليم الإسرائيلية في تقرير رسمي نُشر الأحد أنّ النظام التعليمي يحتاج إلى 1,539 معلماً جديداً من أصل نحو 200 ألف معلم يمثلون الكادر التربوي في البلاد.
ووفق بيانات الوزارة، فإن النقص الأكبر يتركز في المنطقة الوسطى حيث يبلغ العجز 726 معلماً، تليها تل أبيب بـ 467 معلماً، ثم جنوب إسرائيل بـ 145 معلماً، بينما تحتاج القدس إلى 64 معلماً، والضفة الغربية المحتلة إلى 56 معلماً، في حين تسجل حيفا عجزاً بـ 55 معلماً والشمال بـ 26 معلماً. وتؤكد الوزارة أن هذه الأرقام تخص المعلمين فقط، ولا تشمل كوادر رياض الأطفال، أو المستشارين التربويين، أو معلمي التعليم الخاص، ما يعني أن العجز الفعلي قد يكون أكبر بكثير.
تعمل الوزارة حالياً بالتعاون مع مديري المدارس ومراكز التوظيف الإقليمية على رسم خريطة دقيقة للاحتياجات، وتتضمن خطط المعالجة إعادة استدعاء المتقاعدين إلى التدريس، وإعادة تأهيل خريجي الجامعات للعمل في سلك التعليم، وتعزيز التوظيف الإقليمي، إضافة إلى تخصيص معلمين جدد للمواد التي تعاني من نقص كبير. ورغم هذه الجهود، تشير تقارير مؤسسات بحثية مثل ejewishphilanthropy إلى أن الأزمة مرشحة للتفاقم، إذ قد يصل العجز إلى 10,000 معلم بحلول نهاية العام، وقد يتجاوز 24,000 معلم بحلول عام 2026 إذا لم يتم وضع حلول هيكلية عاجلة.
إلى جانب النقص العددي، تكشف تقارير مثل تلك الصادرة عنKohelet Policy Forum أن وزارة التعليم حاولت في وقت سابق معالجة الأزمة عبر برنامج عقود شخصية لجذب معلمين جدد إلى المناطق النائية، لكن هذه المبادرة توقفت بسبب معارضة النقابات التعليمية . وأظهرت بيانات أخرى من صحيفة Davar أن ما يقارب 120 ألف معلم يعملون حالياً دون شهادات تدريس رسمية معتمدة، وهو ما يؤثر سلباً على جودة التعليم في المدارس الإسرائيلية.
وفي استطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة بيرل كاتزلنسون، أقر ربع أولياء الأمور بأن أبناءهم لا يحصلون على حصص كافية في المواد الأساسية مثل الرياضيات والعلوم. كما أظهر الاستطلاع أن معلمين عدة يدرّسون في أكثر من صف لتعويض النقص، وهو ما يزيد من الأعباء ويضعف مستوى التحصيل الأكاديمي لدى الطلاب.
تتزامن أزمة النقص مع تحديات أخرى، أبرزها أزمة تمويل برامج الأمن المدرسي. فقد حذر وزير التعليم يوآف كيش مطلع أغسطس/آب خلال جلسة للجنة التعليم في الكنيست من احتمال تأجيل بدء العام الدراسي في حال لم يتم تأمين الميزانيات اللازمة لحماية المدارس، قائلاً: "لن نبدأ العام الدراسي من دون توفير الأمن للمؤسسات التعليمية".
ويرى خبراء تربويون أن استمرار هذه الأزمة من دون حلول عملية ومستدامة قد يقود إلى تراجع جودة التعليم وانخفاض مستوى مخرجاته الأكاديمية، في وقت يتطلب فيه الاقتصاد الإسرائيلي الحديث نظاماً تعليمياً مرناً وقادراً على تأهيل كوادر تنافسية. ويحذر مراقبون من أن تجاهل هذه التحذيرات سيؤدي إلى اتساع الفجوة بين الاحتياجات التعليمية المتنامية والموارد البشرية المتاحة، ما يضع مستقبل العملية التعليمية برمّتها على المحك.