آخر الأخبار

تونس .. أرقام قياسية لاكتظاظ السجون ورؤية لإصلاح المنظومة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لا تزال المحاكم في تونس تميل لإصدار عقوبات سجنية لمدد زمنية قصيرة بدل الاعتماد على العقوبات البديلة وهو ما قد يكون له آثار سلبية على الشخص المدان والمجتمع ككل. صورة من: Mabrouka Khedir/DW

بثقل كبير تقدمت زكيّة (اسم مستعار لام سجين) نحو شباك صغير يجلس وراءه عون سجون، سيسجل اسمها في قائمة الزائرين الطويلة لهذا اليوم. إنّه يوم الزيارة الذي تنتظره زكيّة لتلتقي ابنها وزوجها، كل على حدة، في مقابلة مدتها خمس عشرة دقيقة، خلف جدار زجاجي سميك حيث يقف السجين. كل اللقاءات هنا مؤلمة ومليئة بالمشاعر المتداخلة.

معاناة السجناء معاناة للعائلة أيضا

مئات التونسيين يتوافدون يوميا على سجن "المرناقية"، الذي يبعد عن العاصمة تونس حوالي ثلاثين كيلومترا. رائحة العرق والاستياء تملأ المكان وتزكم الأنوف، يصطدم الأشخاص ببعضهم البعض أثناء محاولة التقدم في الطابور. تُسمع أصوات التذّمر والشكوى جرّاء طول الانتظار، وتتأرجح النفوس بين اليأس والآمال.

منذ الرابعة فجرا غادرت زكيّة مدينة المنستير لتأتي إلى هنا مع ابنتها لزيارة زوجها وابنها السجينين معا في ذات السجن.

زكيّة الزوجة والأم، ذات السبعين عاما، تسكنها الأمراض المزمنة؛ لكنها لا تريد أن تفوّت حقها في الزيارة الأسبوعية. حملت معها اليوم كعادتها وجبات طعام السجينين الموقوفين منذ عام وشهرين داخل السجن دون أن تتحدد لهما جلسة محاكمة.

ساعات طويلة أمضتها منذ الرابعة فجرا بين وسائل النقل العمومي المكتضة من مدينة المنستير، التي تبعد عن العاصمة تونس ساعتين ونصف بالسيارة، وهي مضطرة للانتظار هنا ساعات أخرى حتى يأتي دورها في الدخول إلى جناح الزيارات. هذا هو خبزها الأسبوعي بعد أن أودع زوجها وابنها السجن بسبب خلاف كبير مع جارهم.

وتقول زكية لـ DW إن السجين لا يعاني من العقوبة وحده فالعائلة هي أيضا تعاني. وتوضح: "منذ أشهر طويلة يقبع ابني وزوجي هنا وأنا لا أعلم حتى مصيرهما، لأنه لم تحدد لهما جلسة بعد. لقد انقلبت حياتنا أنا وبناتي الثلاث بسبب سجن ابني وزوجي. لقد أصبحت حياتنا مكرسة لساعات التنقل و الترقب وأنا مضطرة لجلب أربع وجبات لكل واحد منهما لأن نوعية الأكل غير جيدة في السجن".

وتتابع الزوجة والأم التي تعاني أمراض مزمنة: "نحن نشعر بالضياع وضيق الحال. أنا أشعر أن جزءاً من روحي داخل هذا السجن. الحياة داخل السجن ليست مجرد فقدان للحرية، بل هي أيضاً فقدان للأمل في كثير من الأحيان. نحن نعيش في انتظار دائم لتحقيق العدالة واستعادة الحياة التي حُرمنا منها".

صورة من داخل سجن المرناقية (02/05/2020). تقول زكية التي يقبع زوجها وابنها في السجن: الحياة داخل السجن ليست مجرد فقدان للحرية، بل هي أيضاً فقدان للأمل في كثير من الأحيان.صورة من: Wassim Jdidi/Panoramic/IMAGO

"هناك من يستحق العقوبة أكثر"

أمّا مفيدة، فهي مثل غيرها من مئات الأمهات، تتحمل عناء ثقيلا لزيارة ابنها المسجون. إنه جندي في الجيش التونسي ويقضي عقوبة الحبس بسبب استهلاكه لسيجارة حشيش . تأتي مفيدة إلى سجن المرناقية مع زوجها من منطقة أريانة ويسمح لها مرة في الأسبوع بمقابلة ابنها البالغ من العمر 24 عاما.

وتقول مفيدة في سياق شرح معاناتها اليومية لموقع DW: "تجربة قاسية، اليوم أخلفت موعدي مع الطبيب لأتمكن من زيارة ابني، منذ أربعة أشهر وأنا على هذه الحال، عيناي لا تكفان عن البكاء، فهو ابني الوحيد، ولا أحد يسند ظهري بعده".

العقوبة قاسية جدا و مكلفة للغاية، من وجهة نظرها وتقول: "أعلم أنه مذنب في استهلاك "الزطلة" لكن العقوبة قاسية جدا و نحن لم نتعود على مرارة السجن، نفسيته متعبة ويؤلمني أن أراه وراء القضبان".

وهي تشتاق إلى ابنها كثيرا وتشعر بالوحدة والأكثر من ذلك "حتى هدوئنا العائلي فقدناه و أصبحنا أنا و زوجي في صراع يومي بسبب ما نشعر به من ضغط وحزن"، تضيف المرأة.

في كل أسبوع، تعد عائلات المساجين وجبات جديدة ويحضرونها بعناية، معتقدين أن هذا جزء من فاتورة العقوبة التي يدفعونها كعائلة. وتشعر مفيدة وعائلتها بالحزن والأسى لأنهم يرون ابنهم "يتحمل عواقب فعل بسيط، بينما هناك من يستحق العقوبة أكثر منه"، بحسب اعتقادهم.

أسباب اكتظاظ السجون في تونس

حسب الإحصائيات المتاحة حتى منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2015، كان هناك 7451 شخصًا مدانين بجرائم تتعلق بالمخدرات في السجون التونسية، منهم 7306 رجال و145 امرأة. حوالي 70% من هؤلاء، أي 5200 شخص تقريبًا، أدينوا باستهلاك أو حيازة مادة القنب الهندي ، المعروفة في تونس بـ "الزطلة".

ومع ذلك، يُعتبر استهلاك "الزطلة" من القضايا الرئيسية، التي تؤدي إلى الاحتجاز في تونس، حيث يُعتقد بوجود حوالي 400 ألف شخص من مستهلكي هذه المادة.

وتُستخدم السجون في تونس بشكل كبير لاحتجاز الأشخاص بسبب قضايا المخدرات، حيث تُشكل هذه القضايا 28% من مجموع السجناء في البلاد.

تنامي عدد الملفات القضائية يؤدي إلى اكتظاظ السجون في تونس، ومن أبرزها قضايا المخدرات، التي تعتبر من الأسباب الرئيسية للاكتظاظ، حيث يُدان كثيرون بجرائم متعلقة بتعاطي أو حيازة أو ترويج المخدرات.

كما يوجد قضايا كثيرة تتعلق بالتخلف عن دفع النفقة الواجبة على الرجل تجاه طليقته وابنائه، مما يؤدي أحيانًا إلى سجن الأشخاص، وهو ما يُعتبر غير فعال في حل المشكلة.

كما تفيد الاحصائيات أيضا أن طول فترة الاحتجاز التحفظي من الأسباب الرئيسية للاكتظاظ، حيث يبقى العديد من الأفراد في الاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة.

علاوة على ذلك تعد قضايا الشيك دون رصيد من بين الأسباب، التي تؤدي إلى الاكتظاظ، حيث يتم احتجاز الأفراد بسبب قضايا مالية لا تمس بالأمن العام. هذه الملفات تؤدي إلى زيادة عدد الموقوفين والمحكوم عليهم في السجون التونسية، مما يفاقم الوضع.

تزايد عدد النزلاء في السجون التونسية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس اتجاهًا مقلقًا نحو ارتفاع معدلات الاكتظاظ. هذا الأمر لا يقتصر فقط على العقوبات السجنية في قضايا بسيطة، بل يمتد ليشمل جرائم أكثر خطورة، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة المنظومة القضائية على التعامل مع هذه الظاهرة. السجون التونسية تبدو وكأنها تعاني من ضغط كبير، حيث أصبحت السيطرة على أعداد النزلاء تحديًا حقيقيًا أمام السلطات.



نسبة اكتظاظ السجون تؤدي لتدهور وضع السجناء

يبلغ عدد السجون في تونس 27 سجنًا، تضم حوالي 25 ألف نزيل بحلول عام 2021، وفقا لإحصائيات. هذه الأرقام تُظهر أن نسبة الاكتظاظ بلغت مستويات قياسية تصل إلى 150% في بعض السجون، وهو ما يتجاوز الطاقة الاستيعابية لهذه المؤسسات، مما يؤدي إلى تدهور الظروف المعيشية للنزلاء ويزيد من صعوبة تحقيق أهداف الإصلاح والتأهيل.

هذا الوضع المتأزم لا يقتصر فقط على الجانب العددي؛ فالاكتظاظ يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية داخل السجون. على سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن نسبة الاكتظاظ في سجن صفاقس تبلغ 115% بينما تبلغ في سجن القصرين 138%. في حين أن السجن المدني بالمرناقية يعاني من نسبة اكتظاظ تصل إلى 150%، ما يعكس حالة من الضغط الكبير على الموارد والخدمات المتاحة.

وهناك أسئلة كثيرة تثار عند الحديث عن اكتظاظ السجون ومن بينها: هل يمكن أن يكون التوسع في برامج الإصلاح والتأهيل أو اعتماد عقوبات بديلة هو السبيل لتخفيف الضغط على السجون؟

إنه سؤال يظل مفتوحًا أمام الجهات المعنية وصناع القرار في تونس، الذين يتحملون مسؤولية إيجاد حلولا تنقذ نظام السجون من الانهيار وتضمن احترام حقوق النزلاء وكرامتهم.

مدخل السجن المدني بالسرس بولاية الكاف - يبلغ عدد السجون في تونس 27 سجنًا، تضم حوالي 25 ألف نزيل بحلول عام 2021، وفقا لإحصائيات.صورة من: Mabrouka Khedir/DW

تحديات الإصلاح القضائي في تونس

تشهد تونس مساعي جادة نحو إصلاح منظومتها القضائية، إلا أن هذه العملية تواجه تحديات جمة تعيق تحقيق الأهداف المنشودة. فمن بين القضايا البارزة التي تثير القلق، نجد مسألة طول أمد التقاضي، حيث تستغرق العديد من القضايا سنوات طويلة للفصل فيها، مما يخلق حالة من عدم اليقين والإحباط لدى الأفراد المعنيين.

ويعزى هذا التأخير إلى عدة أسباب، من بينها كثرة الملفات المعروضة في المحاكم مقابل نقص الموارد البشرية والمادية وتعقيد الإجراءات القانونية.

كما تبرز مسألة ظروف الإيقاف والاحتجاز كإحدى النقاط التي تستدعي اهتمامًا خاصًا. فالاكتظاظ في السجون وسوء الظروف المعيشية يثيران مخاوف جدية بشأن حقوق الإنسان وكرامته. علاوة على ذلك، يواجه الإصلاح القضائي تحديات تتعلق بتطبيق القوانين وتنفيذ الأحكام. ففي بعض الأحيان، يواجه الأفراد صعوبات في الحصول على حقوقهم بسبب تعقيد الإجراءات أو عدم فعالية آليات التنفيذ.

ولتجاوز هذه العقبات، يصبح من الضروري تبسيط الإجراءات وتفعيل دور الأجهزة المختصة بتنفيذ الأحكام القضائية.

سجون تونس تحت وطأة المحاكمات السياسية

مع تصاعد وتيرة المحاكمات السياسية في تونس، وجد قطاع السجون نفسه أمام أزمة متفاقمة حيال الاكتظاظ، حيث تدفقت أعداد متزايدة من الموقوفين، من بينهم رؤساء أحزاب بارزة وشخصيات إعلامية وحقوقية ونقابية مؤثرة وصناع محتوى.

تحولت الزنازين التي صممت لاستيعاب أعداد محدودة إلى فضاءات مكتظة تعاني من نقص حاد في المرافق الأساسية، مما فاقم الظروف المعيشية السيّئة للمحتجزين. وبدلاً من أن تكون السجون أماكن للإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج، أصبحت بؤرًا للتكدس والإرهاق، حيث يتقاسم النزلاء مساحات ضيقة ويواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

وكمثال على هذه الموجة من الإيقافات التي فاقمت الاكتظاظ، يمكن الإشارة إلى إيقاف عدد من قيادات حزب النهضة ، بمن فيهم راشد الغنوشي ، بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وهي القضية التي استقطبت اهتمامًا واسعًا وأدت إلى إيداع العديد من الأشخاص في السجون.

وبالمثل، شهدت الساحة الإعلامية توقيف إعلاميين و صحفيين بتهم مختلفة تتعلق بحرية التعبير ونشر الأخبار طبقا لقانون 54، الذي صادق عليه الرئيس قيس سعيد ، مما زاد من الضغط على طاقة السجون الاستيعابية.

مرسوم عدد 54 لسنة 2022، الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، زاد من اكتظاظ السجون، كما اندلعت احتجاجات كثيرة بسببه. (أرشيف: 18/1/2025)صورة من: Hasan Mrad/Zumapress/picture alliance

هذه الأمثلة، وغيرها الكثير، تجسد كيف ساهمت المحاكمات السياسية في زيادة أعداد الموقوفين بشكل ملحوظ، لتضع بذلك المنظومة السجنية التونسية أمام تحديات غير مسبوقة.

وفي خضم هذه الأجواء المشحونة بالقلق على مصير الموقوفين، تبرز شهادات مقلقة تلقي الضوء على الظروف القاسية التي يعيشها هؤلاء داخل السجون. فقد عبرت شقيقة المحامية والناشطة سنية الدهماني عن بالغ قلقها إزاء الأوضاع التي تواجهها شقيقتها في محبسها. ووصفت الظروف بأنها مزرية وغير إنسانية، مشيرة إلى الاكتظاظ الشديد الذي يجبر النزيلات على تقاسم مساحات ضيقة للغاية، والصعوبات في الحصول على التهوية الكافية والرعاية الصحية اللازمة.

كما أشارت إلى القيود المفروضة على التواصل مع العالم الخارجي، مما يزيد من الشعور بالعزلة والضغط النفسي على الموقوفات. هذه الشهادات تزيد من حدة المخاوف الحقوقية وتؤكد على الحاجة الملحة إلى تدخل عاجل لتحسين ظروف الاحتجاز وضمان معاملة إنسانية للموقوفين، خاصة في ظل هذا التزايد المستمر في أعدادهم.

رؤية لإصلاح المنظومة السجنية في تونس

في سياق النقاش الدائر حول الاكتظاظ داخل السجون التونسية، والذي كان موضوع حديث مع أحد القيادات الأمنية، يبدو أن الاعتماد على العقوبات السالبة للحرية، باعتبارها الوسيلة التقليدية لـ "معاقبة" الأفراد المدانين بجرائم معينة، أصبح يطرح إشكاليات تهدد فعالية نظام العدالة، خاصة في ظل التطورات الحديثة التي تسعى لقرارات بديلة.

وعلى الرغم من ذلك، لا تزال المحاكم في تونس تميل لإصدار عقوبات سجنية لمدد زمنية قصيرة بدل الاعتماد على العقوبات البديلة وهو ما قد يكون له آثار سلبية على الشخص المدان والمجتمع ككل، ويضاف إلى ذلك أن استسهال إصدار العقوبات السجنية القصيرة قد يشجع على استمرار هذا النوع من العقوبات والتغافل عن العقوبات البديلة التي قد تخفف من العواقب الاجتماعية والنفسية الوخيمة على المدانين، مما يجعلنا نتساءل: هل تصلح هذه العقوبات كوسيلة لإعادة الإدماج؟

وفي هذا السياق، يقترح مصدرنا المراقبة الأمنية الإلكترونية، وهي تقنية تتيح للسلطات متابعة المدانين عن بعد وفق ما يقرره القضاء بشأن عزلهم أو تقييد تحركاتهم أو توجيههم في أعمال المصلحة العامة، مما يمنحهم فرصا جديدة في العمل والاندماج مع المجتمع.

وفي حديث له مع موقع DW أكد القاضي في محكمة الاستئناف عمر الوسلاتي على ضرورة إعادة النظر في المنظومة الجزائية التونسية وتفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية. وشدد القاضي الوسلاتي على أن الهدف الأساسي من العقوبات هو إعادة تأهيل الأفراد ودمجهم في المجتمع، وليس فقط معاقبتهم.

وأوضح عمر الوسلاتي، وهو رئيس جمعية "متطوعون"، أن التوجه نحو تطبيق العقوبات البديلة سيكون له أثر إيجابي على المخالفين والمجتمع على حد سواء. ومن هذا المنطلق، اقترح القاضي الوسلاتي إعادة النظر في بطاقات الإيداع، حيث يرى أن تمديد القضاء لفترة العقوبة في السجن في أضيق الحدود يمثل ضرورة ملحة.

وعبر الوسلاتي عن تكاليف السجون الباهظة وعدم وجود آليات للإدماج الفعال، مما يمثل عبئًا إضافيًا على ميزانية الدولة. وأضاف قائلاً: "إن غياب أي آلية لإعادة الإدماج بعد قضاء العقوبة يجعل من التعامل مع المساجين قضية معقدة، إن لم نقل كارثية. فالسجن ليس حلاً بحد ذاته، بل قد يكون سببًا في تفشي الجريمة بدلاً من الحد منها". وهو ما تؤكده نسب العود المرتفعة.

عقوبات بديلة - هل تكون ناجعة؟

وفي معرض حديثه عن مقترحات العقوبات البديلة، أوضح القاضي الوسلاتي أنها تمثل خطوة هامة في اتجاه الحل للحد من ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون.

واقترح القاضي الوسلاتي مجموعة من العقوبات البديلة التي يمكن أن تشمل العمل لفائدة المجتمع، وتطوير آليات للتكفل بالمدانين من خلال القيام بأعمال مفيدة للمجتمع مثل تنظيف الحدائق العامة أو المساعدة في نشاطات اجتماعية وإصلاحية. بالإضافة إلى ذلك، اقترح فرصًا للمدانين للمشاركة في دورات تعليمية أو دورات تدريبية تهدف إلى تعزيز مهاراتهم وإدماجهم في سوق العمل.

وفي نهاية المطاف، تبقى جدران السجون التونسية صامتة، تحمل بين طياتها آهات المساجين ودموع ذويهم. وخلف كل جدار من جدران السجن هناك قصة إنسان وحياة معلقة، وعائلة تتجرع مرارة الفقد والانتظار.

إن المعاناة التي يعيشها أهالي السجناء هي وجه آخر للأزمة، صرخة خفية تتجاوز الأسوار العالية، مطالبةً بنظرة إنسانية، وبأمل في غدٍ يحمل معه العدل والرحمة، لا للمدان وحده، بل لكل قلب اكتوى بنار الفراق.

فكيف يمكن تحقيق التوازن بين تطبيق القانون وحماية حقوق السجناء في ظل الضغوط المتزايدة على السجون؟ سؤال يجب أن يجد حظه من النقاش وأن يثمر ذلك النقاش عن حلول معقولة، حبذا أن تكون عاجلة.

مراجعة: صلاح شرارة

DW المصدر: DW
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار