آخر الأخبار

حملة "شفاء" - جسر حياة يمده أطباء سوريون من برلين إلى دمشق

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

افتتح الأطباء السوريون حملة "شفاء" التطوعية الطبية بإجراء عملية جراحية لتسلخ أبهر قلب أحد المرضى.صورة من: Dr. Mahdi Al-Ammar/Shifaa Medical Campaign


في تحدٍّ غير مسبوق، أطلق أكثر من تسعين طبيباً سورياً مقيما في ألمانيا حملة "شفاء" لتقديم الدعم الطبي العاجل لأبناء وطنهم. المبادرة تهدف إلى علاج آلاف من المرضى، في وقت تواجه فيه سوريا تحديات صحية هائلة بسبب سنوات الحرب و العقوبات .

"يداً بيد من أجل سوريا"، هو شعار حملة "شفاء" التي أطلقها هؤلاء الأطباء، وهم من مختلف الاختصاصات الطبية، لدعم القطاع الصحي السوري ومعالجة المرضى الذين هم بأمس الحاجة لتلقي العلاج.

هذه المبادرة تحت رعاية المكتب الطبي التابع للتجمع السوري في ألمانيا (SGD)، بالتعاون مع منظمة الأطباء المستقلين في سوريا، ووزارة الصحة السورية، وستقدم خدمات طبية أبرزها العمليات الجراحية بمختلف أنواعها، مثل الجراحة الصدرية والقلبية وجراحة المسالك البولية بالإضافة إلى التخدير والعناية الفائقة.

وصل الوفد الطبي إلى سوريا السبت الماضي، وسيقدم خدماته للمرضى في دمشق ، و حلب ، وإدلب، وحمص، ودير الزور، ودرعا، واللاذقية، وسيبقون في سوريا حتى يوم 26 أبريل/ نيسان.

انطلاق الحملة الطبية السورية الألمانية، حملة "شفاء" لدعم القطاع الصحي في سوريا، وإجراء العمليات الجراحية للمرضى الذين هم بأمس الحاجة لها.صورة من: Dr. Mahdi Al-Ammar/Shifaa Medical Campaign

الطبيب مهدي العمار، استشاري الجراحة العامة والحشوية، هو المنسق العام للحملة ورئيس المكتب الطبي التابع للتجمع السوري في ألمانيا، وفي مقابلة مع DW عربية قال عن أعداد المرضى الذين سيتم علاجهم: "جمعنا بيانات 12 ألف مريض، وهو عدد كبير جداً، لكن الحملة الطبية ستحاول علاج أكبر قدر ممكن من الحالات".

العقوبات المفروضة على سوريا عقبة أمام التمويل

التحضير لهذه المبادرة لم يكن سهلاً ولم يحصل بين عشية وضحاها، فقد استغرق العمل عليها ثلاثة أشهر. قبل وصول الوفد إلى الأراضي السورية، حصل خلال تلك الفترة على دعم من منظمات إغاثية سورية عديدة، كما تم جمع تبرعات، جزء كبير منها من الأطباء أنفسهم، فتبرع كل طبيب بمبلغ لا يقلّ عن ألف يورو.

حاول الفريق الطبي الحصول على دعم مالي من المنظمات الحكومية وشبه الحكومية في ألمانيا ، ولكن لم تحصل الاستجابة، وقال الدكتور مهدي العمار: "كنا نتوقع ونتأمل رداً سريعاً، ولكن للأسف لم نحصل على ما نرجو ولهذا تم الاعتماد على الطاقات المادية السورية".

وأضاف العمار: "اشترى قسم كبير من الأطباء مواد طبية حتى يتسنى لهم تقديمها في علاجاتهم للمرضى السوريين، كما تم شراء بعض المواد من الدول المجاورة لسوريا وتم شحنها إلى الداخل السوري"، وذلك بسبب عدم توفرها بداخل سوريا نتيجة للعقوبات المفروضة على البلاد من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

كما أن العقوبات المفروضة على المصارف السورية عرقل أيضاً تحويل الأموال التي جمعها الأطباء إلى داخل سوريا أو الدول المجاورة.

ملايين السوريين بحاجة لعلاج والقطاع الصحي متهالك

الحرب السورية التي استمرت لأكثر من 14 عاماً استنزفت البلاد تماماً، وكان للقطاع الصحي نصيب كبير من الدمار، فبحسب "ريليف ويب"، وهي بوابة معلومات تابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ( OCHA ) فإن 57 بالمئة فقط من مستشفيات سوريا و37 بالمئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل بكامل طاقتها.

وأضاف تقرير المنظمة أن 15.8 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات صحية إنسانية في عام 2025، أي أكثر من 65 بالمئة من السكان، ما يزيد من أعباء القطاع.

وحتى المستشفيات والمراكز الطبية العاملة في سوريا تفتقر إلى الإمدادات والمستلزمات الطبية الضرورية، ويعمل الأطباء بأقل الإمكانيات المتاحة لديهم.

وعن وضع القطاع الصحي السوري قال المنسق العام لحملة "شفاء": "الوضع الصحي في سوريا مترد جداً ومتهالك، البنية التحتية مُعدمة، يرافقها نقص بالمستلزمات الطبية والجراحية، ونقص بالأدوية المهمة مثل أدوية السرطان والتخدير، ولقاحات الأطفال".

ألمانيا داعم أساسي وقديم لسوريا

تعتبر ألمانيا من الدول الداعمة لسوريا، وهو ما ظهر جلياً بعد سقوط نظام الأسد ، وتولي أهمية خاصة للقطاع الصحي فيها، ولهذا موّلت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية(BMZ) رواتب أكثر من 1000 طبيب وعامل في القطاع الصحي داخل سوريا لضمان استمرار عمل المستشفيات، بالإضافة إلى دعم تدريب الكوادر الطبية.

وحتى قبل سقوط نظام الأسد واظبت الوزارة على دعم المجتمعات السورية التي لجأ إليها النازحون داخلياً من خلال مبادرة خاصة، وساهمت في حصول المرضى على الرعاية النفسية والاجتماعية التي يحتاجونها.

هذه المنفعة متبادلة، فكما تساهم ألمانيا في دعم سوريا اقتصادياً، يساهم الأطباء السوريون في ألمانيا بدعم اقتصاد البلاد من خلال عملهم في القطاع الصحي الألماني، الذي هو بأمس الحاجة لليد العاملة الماهرة والكوادر الطبية المتخصصة.

فبحلول نهاية عام 2023 كان يوجد في ألمانيا 6121 طبيب سوري مسجل في ألمانيا ويعمل منهم 5758 طبيباً، أغلبهم في المستشفيات وفق إحصائية الجمعية الطبية الألمانية، أي تبلغ نسبتهم 1.3 بالمئة من إجمالي عدد الأطباء في ألمانيا، في حين يقول مختصون إن أعدادهم أكثر من ذلك بكثير، لأن هذه الإحصائية تشمل الأطباء السوريين الحاصلين على الجنسية الألمانية، ولا تشمل غير المجنسين منهم.

ويقول مختصون إن أهمية الأطباء السوريين تزداد في ألمانيا، خاصة في المناطق الريفية وفي شرق ألمانيا، وبحسب الجمعية الطبية الألمانية فإن نسبة الأطباء السوريين في مستشفيات ولاية تورينغن (شرق ألمانيا) تزيد عن خمسة في المئة، وفي ولاية السار (سارلاند، جنوب غرب) تزيد عن سبعة في المائة.

جمع الفريق الطبي التبرعات وساهمو بجزء كبير منها لشراء المستلزمات الطبية والأدوية التي يحتاجونها في علاجاتهم والعمليات الجراحية التي سيجرونها.صورة من: Dr. Mahdi Al-Ammar/Shifaa Medical Campaign

حملة "شفاء" ليست نهاية المطاف

مبادرة شفاء التي ستستمر لعشرين يوماً تقريباً ليست الأخيرة وقد لا تتوقف عند هذا الحد، إذ توجد خطط مستقبلية ينوي الطاقم الطبي من خلالها تقديم الخدمات الطبية لعدد أكبر من المرضى. وبحسب الدكتور مهدي العمار، منسق المبادرة، يسعى الفريق الطبي إلى إطلاق حملات أخرى من مبادرة "شفاء" خلال الشهرين القادمين .

وأضاف العمار لـDW عربية: "سيقدم الفريق الطبي الدعم للكوادر الطبية المحلية من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تعليمية مع الزملاء الأطباء المقيمين في المشافي، ليتمكنوا من الاطلاع على ما هو موجود في النظام الصحي الألماني المتطور".

DW المصدر: DW
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار