آخر الأخبار

كيف استفادت سويسرا من طرق التهريب الجديدة للمهاجرين؟

شارك الخبر
مصدر الصورة
سويسرا: نقطة جذب للمهاجرين صورة من: RTS

 في محطة بوخس على الحدود السويسرية-النمساوية، وفي بعض الأيام، كان هناك نحو عشرين لاجئًا شابًا يترجلون من كل قطار قادم من النمسا، معظمهم من أفغانستان، ليتابعوا السفر إلى ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، أو يختبئون بشكل غير قانوني في سويسرا.

وبين عامي 2022 و2023، أصبح الأشخاص الذين يريدون دخول سويسرا بطريقة غير شرعية "ظاهرة جماعية"، بحسب ما وصفته صحيفة نويه تسوريشر تسايتونغ "Neue Züricher Zeitung"، بينما أعلن المكتب الاتحادي للجمارك وأمن الحدود السويسري "BAZG" إلقاءه القبض على أكثر من 50 ألف شخص سنويًا.

لكن في عام 2024 تغير هذا الوضع، ومنذ بداية العام تم القبض على 12500 فقط ممن يسمون بـ "المقيمين غير الشرعيين على الحدود"، وهذه الأرقام الشهرية بمقدار حوالي نصف ما كانت عليه في السنوات السابقة.

"لقد عاد السلام إلى محطة قطار بوخس"، يقول مسؤول سويسري مطلع على العمليات في بوخس بالتفصيل ويضيف لصحيفة "Neue Züricher Zeitung" السويسرية: "لم تعد الهجرة غير النظامية  تشكل مشكلة بالنسبة لنا في الوقت الحالي.. في السابق، كان علينا أن نبذل قصارى جهدنا من حيث عدد الموظفين، ولكن منذ بداية العام عدنا أخيرًا إلى العمليات الطبيعية، كذلك تتم إغلاق مركز الاحتجاز الذي تم بناؤه على عجل في عام 2022".

وعلى الحدود الجنوبية لسويسرا أيضًا، تراجعت وتيرة تدفق المهاجرين غير النظاميين  هناك، إذ كانت مدينة كياسو الجمركية نقطة ساخنة للهجرة غير الشرعية إلى سويسرا العام الماضي، أما اليوم بحسب عمدة المدينة برونو أريجوني فإن "الوضع أكثر هدوءاً مما كان متوقعاً"، إذ يقول متفاجئًا.

ما السبب؟

أسباب هذا التراجع بحسب صحيفة "Neue Züricher Zeitung" تقع  خارج الحدود السويسرية، وخارج نطاق نفوذ سلطاتها، إذ تستفيد سويسرا حاليًا من ديناميكية جديدة في طرق الهروب الأوروبية، أبرزها تراجع "طريق البلقان"، الذي عادةً ما يستخدمه المهاجرون غير النظاميين للوصول إلى النمسا ومنها إلى سويسرا، واليوم أصبح الطريق الجنوبي يستخدم بشكل أقل، لذلك فإن عدداً أقل بكثير من الناس سيسافرون نحو سويسرا.

تشديد سياسات الهجرة بدول الاتحاد الأوروبي وطريق البلقان ساهما في خفض الهجرة غير الشرعية إلى سويسرا صورة من: Darko Vojinovic/AP/dpa/picture alliance

إذ تم تسجيل انخفاض بنسبة 72% على طريق غرب البلقان، وهو ما يمكن أن يعزى إلى الإجراءات المتزايدة التي اتخذتها السلطات الصربية ضد عصابات التهريب منذ الخريف الماضي.

وتؤكد ماجدالينا راست، المتحدثة الإعلامية باسم أمانة الدولة للهجرة السويسرية (SEM): على أن "الطريق بين صربيا والمجر والنمسا أصبح أقل استخدامًا بشكل ملحوظ، ونتيجة لذلك، تكاد لا توجد أي هجرة غير نظامية عبر الحدود النمساوية السويسرية".

وبالتوازي مع هذا الانخفاض، أصبحت الطرق الأخرى أكثر استخدامًا، ويأتي عدد أكبر بكثير من الأشخاص من بيلاروسيا إلى الاتحاد الأوروبي أو عبر البحر من أفريقيا  إلى الأرخبيل الإسباني في جزر الكناري.

ضوابط الدول الأخرى

كذلك لعبت السياسات المتشددة في الدول المجاورة بتخفيف وصول المهاجرين غير القانونيين إلى سويسرا، ونقل موقع "20Minutes" السويسري عن وزير العدل في كانتون تيتشينو، نورمان غوبي إشادته بـ "سياسة الهجرة الحاسمة" التي تنتهجها الحكومة الإيطالية في عهد جيورجيا ميلوني، والتي تعود بالنفع على سويسرا.

فبحسب الأرقام اليومية الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية، وصل يوم الثلاثاء الماضي 16 تموز/ يوليو 2024 نحو 27 لاجئًا بالقوارب، بينما كان هذا الرقم في نفس اليوم من عام 2023 نحو 1,149 شخصًا.

فيما تشير صحيفة "Neue Züricher Zeitung" إلى أن هذه الأرقام قد يكون لديها علاقة، من بين أمور أخرى، باتفاقية اللاجئين  التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تونس.

في حين لفت الوزير غوبي في تصريحاتٍ نقلها ونقل موقع "20Minutes" أيضًا إلى أن الإجراءات الرادعة الألمانية هي عامل آخر ساهم في الحد من الهجرة غير النظامية.

فمنذ العام الماضي، قامت ألمانيا، وجهة غالبية المهاجرين، بتعزيز ضوابطها على الحدود. ورغم أن أمانة الدولة الألمانية للهجرة لا تعتقد أن هذا كان له أي تأثير، إلا أن نورمان غوبي يقول: "من المؤكد أن الضوابط الألمانية عززت النظام".

وبحسب تقرير صحيفة "Neue Züricher Zeitung" فإن الشيء الواضح تمامًا هو: أن هناك تأثير للتشديدات خارج الحدود السويسرية على مسألة الهجرة، إذ كانت هناك أوقات كادت فيها السلطات السويسرية أن تفقد السيطرة تقريبًا على حدودها، وحاولت السلطات السويسرية في البداية إعادة العدد الكبير من المهاجرين إلى النمسا، لكن لم تستطع السلطات المقاومة أمام الأعداد الكبيرة، فاستسلمت وسمحت لمعظم المقيمين بطريقة غير قانونية بمواصلة السفر بحرية.

كيف تُرجم ذلك بالأرقام؟

يظهر تقرير صادر عن وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) في تموز/ يوليو 2023 أن: الدخول غير القانوني إلى دول الاتحاد الأوروبي انخفض بنحو الثلث ليصل إلى 94 ألف شخص في النصف الأول من العام، وهذا بالمقارنة مع عام 2022، وسجلت فرونتكس انخفاضا بنسبة 61% من طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، الذي ينقل المهاجرين إلى مالطا وإيطاليا.

تتوقع سويسرا انخفاض أعداد المهاجرين غير النظاميين هذا العام إلى النصف عن عام 2023 صورة من: Sebastian Willnow/dpa/picture-alliance

بحلول نهاية العام، من المتوقع أن تنخفض أرقام المهاجرين الذين سيدخلون سويسرا إلى النصف، وحتى الآن، تم القبض على 12.500 شخص فقط من المقيمين غير النظاميين على الحدود، مقارنة بأكثر من 50.000 شخص في السنوات السابقة.

وفي حزيران/ يونيو 2024 وبحسب المكتب الاتحادي للجمارك وأمن الحدود السويسري BAZG، فإن عدد الإقامات غير القانونية كان أقل مما كان عليه في نفس الشهر عام 2023، فيما يعد المواطنون السوريون الأكثر تمثيلا بين المهاجرين  الذين دخلوا سويسرا بشكل غير قانوني في شهر حزيران/ يونيو الماضي.

كما أنه وبحسب BAZG أيضًا، انخفضت حالات الاشتباه في أنشطة التهريب في عام 2023 مقارنة بعام 2022، وتم إيقاف 388 مهربًا مشتبهًا به، وكقاعدة عامة، يتم تسليم هؤلاء الأشخاص إلى شرطة الكانتون المسؤولة، أو يتم إبلاغهم بشكل مستقل إلى مكتب المدعي العام المسؤول من قبل BAZG، إذا وافق الكانتون على ذلك.

ليس وضعًا ثابتًا

حتى الآن، وبالنسبة للسلطات السويسرية، فإنه من غير الواضح حاليًا ما إذا كان انخفاض الهجرة غير الشرعية  سيخفف العبء على نظام اللجوء السويسري، بينما تقول أمانة الدولة للهجرة إنها لا تعرف عدد الأشخاص الذين تم القبض عليهم والذين يرغبون في مواصلة السفر وعدد الأشخاص الذين تقدموا بطلب اللجوء في سويسرا لاحقًا، فلا أرقام موقفة حتى الآن.

لذلك تلتزم أمانة الدولة للهجرة بتوقعاتها الخاصة باللجوء والتي تبلغ حوالي 30 ألف طلب للعام الحالي، وهو نفس العدد في عام 2023، بحسب ما نقلته صحيفة "Neue Züricher Zeitung" أيضًا.

 مهاجر نيوز 2024 

راما الجرمقاني 

DW المصدر: DW
شارك الخبر

إقرأ أيضا