شغلت فتاة صغيرة أنقذت العشرات من سكان عمارة انهارت في العاصمة الجزائر، صباح أمس السبت، الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي التفاصيل، انهارت 4 طوابق من الجزء الأيمن للمبنى في شارع رابح موساوي ببلدية حسين داي شرق العاصمة الجزائر، ما أدى لإصابة شخص نقل إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشا لتلقي العلاج، فيما تم التكفل بالناجين، و27 شخصاً آخرين في العمارتين المجاورتين على سبيل الوقاية.
وقال سكان المبنى إنهم نجوا بفضل صرخة فتاة صغيرة لاحظت أمراً غير طبيعي، فأنذرت الجميع، ما جعلهم يلوذون بالفرار.
فيما أثنى السكان على سلوك الفتاة التي ساهمت بنجاتهم، خاصة أن الانهيار تم في ثوانٍ معدودة.
وفي انتظار نتائج تقرير الخبرة التقنية لمركز المراقبة التقنية للبناء، كشفت مصالح ولاية الجزائر عن "وجود مشروع ترقية عقارية خاصة، قام من خلالها المقاول بأشغال الحفر على عمق يقارب 4 أمتار بشكل ملاصق لهيكل البناية محل السقوط، ما قد يكون تسبب في الحادث".
كما أوضحت المصالح أنه "تم ترميم العمارة من طرف مصالح الولاية خلال السنة الماضية، في إطار برنامج ترميم وإعادة تأهيل البنايات القديمة بالعاصمة".
من جانبه، أشار الخبير الدولي في العمران ورئيس المجلس العربي الأعلى للعمارة والعمران وتطوير المدن، جمال شرفي، إلى أن "أغلب بنايات العاصمة الجزائر قديمة، وتم قرار إعادة ترميمها سنة 2013، حيث أحصيت جميع البنايات والشوارع والأحياء الهشة، انطلاقاً من تشخيص أو خبرة داخلية لتلك البنايات، كون بعد الفترة الاستعمارية، على مدار سنوات، اهترأت تلك البنايات".
أما عن أسباب اهترائها، فقال شرفي لـ"العربية.نت" إن "هناك نقصاً في الترميم والمحافظة على العمارات بعد استقلال الجزائر عن فرنسا، وتراجع دور بواب العمارة، ثم اختفى نهائياً، رغم أنه كان المسؤول عن الصيانة، والمصاعد، وجميع الأجزاء المشتركة".
كما أضاف أنه "بالتفكير في إعادة ترميم البنايات الهشة، فيما يسمى الترميم الشامل، بإشراف من والي الولاية حينها، تمت الاستعانة بمقاولات أجنبية، وبعدها بمقاولات مختلطة، لكن كان هناك ما يشبه التسرع، من حيث عدم إعطاء الأهمية البالغة للدراسة. ففي الوقت الذي تستغرق فيه الدراسة ثلثت مدة الإنجاز، فقد منحت العملية مباشرة للمقاولين وهذا خطأ".
كذلك كشف شرفي عن إحصاء سابق لعملية ترميم 18 ألف مبنى هش، مبيناً أن "العملية كانت ستمس مليون ساكن، ما وضع السلطات المحلية أمام تحدٍّ آخر، وهو إسكان هذا العدد مؤقتاً لغاية انتهاء الترميم".
في حين اقترح "استحداث وكالة متخصصة برأسمال لترميم البنايات الهشة والتراث القديم"، مشيراً إلى أن "مرسوماً سابقاً كان قد وضع الوكالة الوطنية للتهيئة الحضارية حيز التنفيذ، غير أنها لم تنجز على أرض الواقع، وبالتالي، لا يكون القرار سياسياً بل عملياً وتقنياً محضاً".
من جهته، صرح مهندس البناء سعيد زيتان أن "جمالية العاصمة الجزائر في تنوع بناياتها، بين تلك الموروثة عن العهد العثماني، ثم العهد الاستعماري، ثم ما بني ما بعد فترة الاستقلال". وأردف لـ"العربية.نت" أن "انهيار العمارات في العاصمة الجزائر، وفي حي شعبي مثل حسين داي، يجعلنا نفكر ملياً، ليس في الترميم، ولكن في سياسة مدينة جديدة، إذ لا بد أن نستشرف شكل العاصمة على المدى البعيد، أي بعد مئات السنين. فهل نرمم العمارات بنفس النمط، أو نخطط لمدينة جديدة، نشكل نحن شكلها وهندستها".
فيما لفت زيتان إلى أصل المشكل، حسب بيان ولاية الجزائر، قائلاً إن "التحقيق الأولي أو العيني، كشف أن مقاولاً قد يكون تسبب في انهيار الأرضية، وهو ما يفتح ملفاً آخر متعلقاً بالترقيات العقارية، وضرورة التحكم فيها، من حيث إنه لا يمكننا أن نسمح لمرقين عقاريين غرضهم الأول تجاري (أي بيع سكنات) أن يحددوا هوية المدينة، وهندستها، وهو ما نراه في العديد من الأحياء اليوم، على غرار سيدي يحيى، بن عكنون، دالي إبراهيم، تقصراين، وغيرها ممن ترك فيها تحديد الهندسة للمقاولين، بشكل يشوه المنظر العام أو على الأقل يخفي الهوية الحقيقية للعاصمة".
المصدر:
العربيّة