منذ نجاح الثورة البلشفية ووصول فلاديمير لينين لسدة الحكم، مال المسؤولون البلشفيون للسلام واتجهوا لإخراج روسيا من الحرب العالمية الأولى. ويوم 3 مارس (آذار) 1918، توصلت روسيا البلشفية لاتفاقية برست ليتوفسك (Brest-Litovsk) مع الجانب الألماني التي قدمت من خلالها تنازلات وتعويضات ضخمة للألمان مقابل إنهاء الحرب وعودة الجنود لديارهم.
أثارت معاهدة برست ليتوفسك حالة من الارتياح بصفوف المسؤولين الألمان، حيث أصبح من الممكن لهم نقل عدد كبير من القوات من الجبهة الشرقية نحو الغربية، لمقارعة القوات الأميركية التي دخلت الحرب منذ نحو عام. وفي المقابل، أدت هذه المعاهدة لحالة من القلق بصفوف الحلفاء الذين اتجهوا لإعادة روسيا للحرب بكل السبل.
وفي مطلع العام 1918، أثار تواصل تدفق القوات الأميركية نحو الجبهة الغربية بالقارة الأوروبية قلق المسؤولين الألمان الذين تخوفوا من إمكانية انهيار الجبهة بأكملها. ومع توقيع اتفاقية برست ليتوفسك، تنفس الألمان الصعداء وتمكنوا من نقل ما لا يقل عن 50 فرقة عسكرية في وقت قياسي نحو الجبهة الغربية. إلى ذلك عانت هذه القوات التي تم نقلها نحو الجبهة الغربية من حالة إرهاق جسدي ونقص بالغذاء.
من جهة ثانية، تخوف المسؤولون العسكريون الألمان من إمكانية دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب بكامل ثقلها خلال بضعة أشهر.
وبسبب ذلك، ظهرت لدى القيادة العسكرية الألمانية توجهات لشن هجوم كبير، تضع خلاله ألمانيا كامل ثقلها على القوات الفرنسية والبريطانية بالجبهة الغربية. ومن خلال هذا الهجوم، ستحاول ألمانيا خرق الدفاعات الفرنسية وتكبيد الفرنسيين خسائر هائلة لدفعهم للقبول بهدنة والاستسلام قبل قدوم بقية القوات الأميركية.
وتنفيذاً لهذه الفكرة، وضع الجنرال الألماني إريش لودندورف (Erich Ludendorff) خطة ما عرف بمعركة القيصر، أو هجوم الربيع بالنسبة للحلفاء، بهدف إجبار فرنسا على الاستسلام. وفي الأثناء، تضمنت خطة لودندورف هجمات على 3 محاور رئيسية.
فضمن عملية ميكائيل (Michael)، سيهاجم الألمان منطقة السوم (Somme) بهدف خلق ثغرة واختراقها. وبهجوم جورجيت (Georgette) سيهاجم الألمان مناطق فلاندر (Flanders) أملاً في تدمير الموانئ الفرنسية وقطع الإمداد البريطاني. وبعملية بلوتشر يورك (Blücher Yorck)، سيسعى الألمان للهجوم على الأسن (Aisne) وشامباني (Champagne) أملاً في تكبيد قوات الحلفاء أكبر كم من الخسائر ودفعها للتراجع.
ومع حصولهم على موافقة المارشال وقائد الأركان، بول فون هيندنبورغ (Paul von Hindenburg)، باشر الألمان بهجومهم على مواقع الحلفاء.
واستمر هجوم القيصر الألماني طيلة الفترة ما بين شهري مارس (آذار) ويوليو (تموز) 1918. ومع بدايته، حقق الألمان تقدماً سريعاً ونجحوا في خلق ثغرات. إلى ذلك كانت الخسائر الألمانية مرتفعة بشكل كبير. وبهذه الأشهر، خسر الألمان 800 ألف جندي بين قتيل وجريح وأسير. واستنفذ الألمان قسماً هائلاً من قواتهم وعجزوا عن استغلال هذا التقدم الذي أنهك الروح المعنوية لما تبقى من الجيش.
وبداية من صيف عام 1918، شن الحلفاء هجوماً مضاداً انتهى بانهيار الجبهة وتراجع الألمان وتمرد الجيش على القيصر فيلهلم الثاني.
ومع حلول نوفمبر (تشرين الثاني) 1918، قبلت ألمانيا بشروط الحلفاء ووافقت على هدنة أنهت الحرب في انتظار التباحث حول مسودة استسلام ألمانيا والعقوبات المفروضة عليها.
المصدر:
العربيّة