يغرق سكان قطاع غزة بأزمات معيشية لا حصر لها مع استمرار إتفاق وقف إطلاق بين إسرائيل وحركة حماس، إذ يواجه الأهالي صعوبات كبيرة في الحصول أبسط مقومات الحياة.
ولا تسمح إسرائيل منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 بدخول الوقود ومشتقاته للقطاع التجاري في غزة، وتكتفي بالموافقة على إدخال كميات محدودة للغاية، والتي تكون على شكل مساعدات إنسانية، وتخصص بشكل أساسي للمؤسسات الدولية والإغاثية.
وسائل بدائية
ودفعت أزمة الوقود ومشتقاته السكان للاعتماد على الوسائل البدائية في إعداد الطعام اليومي، وإيقاد النار من أخشاب ركام المنازل المدمرة، فيما ارتفعت أسعار المواصلات العامة لأضعاف ما كانت عليه في السابق بسبب شح مادتي البنزين والسولار اللازمتان لعمل السيارات.
وطوال فترة الحرب لم يُسمح بدخول غاز الطهي إلى شمال القطاع، في حين كان يدخل بكميات مقننة للغاية لمناطق الجنوب، وسُمح بوصوله للشمال بعد أسابيع من دخول اتفاق التهدئة بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ، نهاية الشهر الماضي.
ويقول مازن كامل، إنه ولأشهر اعتمد على الأخشاب المجمعة من ركام المنازل المدمرة من أجل المهمات المنزلة اليومية، لافتًا إلى أنه كان يأمل مع دخول التهدئة حيز التنفيذ أن تتحسن الأوضاع في مختلف مناطق القطاع.
وأوضح كامل، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "وبالرغم من سريان التهدئة بين حماس وإسرائيل إلا أن الأوضاع لا تزال على ما هي عليه، ومهمة الحصول على غاز الطهي ومشتقات المحروقات مهمة صعبة للغاية".
وأشار "الأوضاع لم تتغير على سكان غزة وشمالها، خاصة وأن ما يدخل على شكل مساعدات إنسانية من الوقود وغاز الطهي يباع جزء منه بأسعار خيالية للسكان"، مشددًا على ضرورة العمل من أجل إيجاد حلول ملائمة للأزمة.
أضعاف الثمن الطبيعي
وقال خالد صبح، إنه "يضطر لشراء لتر السولار بأكثر من 10 أضعاف ثمنه من أجل العمل كسائق لنقل الركاب من مكان لآخر"، لافتًا إلى أن ذلك أجبره على رفع سعر أجرة الشخص الواحد لخمسة أضعاف ما كانت عليه في السابق.
وأوضح صبح، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه يشتري لتر السولار الواحد بنحو 15 دولارًا، فيما كان في السابق لا يتجاوز الدولارين"، مؤكدًا أن ذلك يزيد من أعباءه كما أنه يثقل كاهل سكان القطاع الذين يواجهون صعوبات كبيرة.
وأشار إلى أن "الوقود المتوفر في القطاع هو بالأساس يُسمح بدخوله للمؤسسات الدولية، وهو جزء من المساعدات الإنسانية لغزة"، معبرًا عن استغرابه من بيعه بهذه الأسعار التي تفوق قدرة المواطنين على التكيف معها.
وتابع "كما أن رفض إسرائيل ادخال الوقود ومشتقاته للقطاع التجاري يؤثر على مختلف مناحي الحياة، ويحول دون عودة الأسعار إلى ما كانت عليه في السابق"، مؤكدًا على ضرورة الضغط على إسرائيل من أجل إلغاء قراراتها بهذا الشأن.
وبالرغم من اتفاق التهدئة؛ إلا أن سكان غزة لم يشعروا بأي تغيير على الأوضاع اليومية في حياتهم، خاصة في ظل استمرار غلاء الأسعار المرتبطة بشكل أساسي بشح الوقود وارتفاع ثمنه، علاوة على الكميات الضئيلة من غاز الطهي.
تأثيرات اقتصادية
ويؤثر فقدان الوقود وأسعاره المرتفعة على الوضع الاقتصادي في غزة، سواء على صعيد المواصلات أو البضائع التجارية، ومختلف مناحي الحياة بما في ذلك الإنسانية خاصة مياه الشرب والاحتياجات الضرورية اليومية.
ويقول سعيد أبو الجديان، وهو صاحب ثلاجات لتخزين البضائع في شمال غزة، إنه وبسبب ارتفاع أسعار الوقود وشحه اضطر لرفع أسعار التخزين للمجمدات والدواجن التي تدخل القطاع"، مبينًا أنه يرضى بهامش ربح قليل.
وأوضح أبو الجديان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الربح الأكبر في هذا الأمر للجهات التي تشرف على تهريب الوقود الوارد لغزة على شكل مساعدات إنسانية للسوق السوداء"، مبينًا أنه وبالرغم من الكميات التي تدخل إلا أن القطاع يعاني من أزمة كبيرة.
وأضاف "الحل الوحيد يتمثل في إدخال الوقود والمحروقات للقطاع التجاري، وهذا الأمر سيسهم بشكل كبير في عودة الأسعار لما كانت عليه في السابق، خاصة وأنه سيخفض تكاليف النقل والتخزين"، مشددًا على ضرورة توفير الكهرباء والبضائع لخفض الأسعار.
وتابع "بدون ذلك سيزداد الوضع سوءًا في غزة، وتتفاقم معاناة السكان، ربما يكون ذلك في صالح التجار؛ إلا أن النسبة الأكبر منهم يعانون من صعوبة العمل بسبب انخفاض القدرة الشرائية لدى السكان"، مبينًا أن التهدئة لم تؤدي لتغيير الأوضاع في غزة.
وتثير الأزمة تساؤلات سكان قطاع غزة وخاصة المناطق الشمالية عن جدوى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس إذا لم تعد الأوضاع لما كانت عليه قبل الحرب، معبرين عن استيائهم من عدم وجود رؤية واضحة للمحروقات التي تدخل القطاع بشكل يومي.