آخر الأخبار

محمد صلاح: "الزواج المثالي مستمر - ليفربول والفرعون المصري بحاجة لبعضهما البعض"

شارك
مصدر الصورة

يعتبر عقد محمد صلاح الجديد مع نادي ليفربول بمثابة نتيجة مثالية لجميع الأطراف، وهو تأكيد على أن الطرفين في هذه الزواج الرياضي ببساطة لا يستطيعان العيش دون بعضهما البعض.

فعلى الرغم من أن صلاح سيبلغ 33 من عمره في يونيو/حزيران 2025، إلا أنه كان سيحصل على عروض مالية مغريّة من أندية أخرى لو قرر الرحيل عن النادي بعد انتهاء عقده الحالي في نهاية الموسم، والذي يتقاضى بموجبه 350 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً.

إن توفر هذه الموهبة العالمية، التي لا تزال تحتفظ بدافعها القوي وقدراتها البدنية الاستثنائية، كانت لتجذب انتباه أكبر الأندية الأوروبية، فضلاً عن الاهتمام الكبير من الدوري السعودي للمحترفين، الذي يَعتبر التعاقد مع صلاح أعلى أولوياته نظراً لمكانته العالمية الحالية.

وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بعدما سجل هدفي الفوزعلى ساوثهامبتون في مباراة كانت نتيجتها 3-2 ، صرّح صلاح بأنه كان "أقرب إلى المغادرة من البقاء" مع ليفربول، وأنه لم يتلقَ بعد عرضاً رسمياً لتجديد عقده.

ودق صلاح جرس الإنذار بين الجماهير في سبتمبر/ أيلول 2025، عندما ألمح بعد الفوز 3-0 على مانشستر يونايتد أن هذا الموسم قد يكون الأخير له في "الأنفيلد".

لكن بدلاً من ذلك، مدد النجم المصري رحلته مع ليفربول واستمرت قصة حب التي بدأت منذ لحظة تسجيله هدفه الأول للنادي بعد انتقاله من روما مقابل 34 مليون جنيه إسترليني ( نحو 39 مليون يورو) في اليوم الأول من موسم 2017-2018، عندما سجل هدفاً عشوائياً في المباراة التي انتهت بالتعادل 3-3 مع واتفورد.

وتعتبر مجموعة فينواي سبورتس جروب (إف إس جي) المالكة لليفربول، أن تجديد العقد يضمن الاحتفاظ باللاعب الذي تلقبه الجماهير بـ"الملك المصري"، في مقابل تخليها عن فلسفتها في عدم منح عقود مالية ضخمة للاعبين فوق سن الثلاثين، مستندة في ذلك لآداء صلاح الجسدي والفني الذي جعله حالة استثنائية.

وبالنسبة لمدرب ليفربول أرني سلوت، الذي يخلف المدرب يورجن كلوب ويقود النادي بسلاسة في مسيرة التتويج باللقب العشرين، فإنه يمكنه الآن التخطيط للمستقبل مع أيقونة "الأنفيلد" وأحد نجوم الكرة الحديثة العظماء.

مصدر الصورة

هذا المشهد يختلف تماماً عن أول ظهور لصلاح أمام جماهير ليفربول، عندما كان مجرد لاعب احتياطي لتشيلسي ضمن تشكيلة ضعيفة قدمها جوزيه مورينيو في 27 أبريل/نيسان 2014، في مباراة لا تُنسى، بعد انزلاق ستيفن جيرارد، وخسارة النادي 2-0 التي حرمت الريدز من فرصة الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي ظل بعيد المنال.

كان صلاح قد رفض الانتقال إلى ليفربول قبل أربعة أشهر من تلك المباراة ليلتحق بتشيلسي من بازل السويسري، لكنه لم يترك أي أثر يُذكر هناك، حيث سجل هدفين فقط في 19 مباراة (10 منها كان لاعباً أساسياً) في ملعب ستامفورد بريدج، حتى إنه سمع هتافات ساخرة من جماهير "الكوب" في ذلك اليوم عندما حصل على بطاقة صفراء بسبب تعثره على رحيم ستيرلينغ.

لكن بعد فترة من تلك الحقبة، أصبح صلاح لا يسمع سوى التمجيد، وحصل الآن على فرصة لكتابة فصول جديدة في أسطورته مع ليفربول.

وصل صلاح إلى ليفربول كلاعب موهوب، وإن كانت تسديداته أحياناً ليست دقيقة، لكن التفاني والرغبة في التطور كانت حاضرة دائماً، بنفس العزيمة عندما كان في الـ14 من عمره، حيث كان يسافر لأكثر من أربع ساعات بالحافلة، أحياناً مع خمسة تنقلات، من منزله إلى نادي المقاولون العرب للتدريب، قبل أن يعود بنفس الرحلة الطويلة.

وسرعان ما اتضح أن ليفربول حصل على لاعب يتمتع بالسرعة والمهارة وقدرة لا تقدر بثمن على التسجيل وصناعة الأهداف من مركز الجناح الأيمن.

من الناحية الشخصية، ظل صلاح لاعباً متواضعاً، كما قال مدربه السابق في بازل مورات ياكين لبي بي سي سبورت بعد اللعب المبهر في أنفيلد: "مو (محمد صلاح) متواضع جداً وبسيط، إنه شخص ودود خارج الملعب، لكن داخل الملعب، هو قائد، ذكي وعدائي بطريقة إيجابية".

وبعد أن سجل صلاح أهدافاً لصالح بازل على توتنهام في ربع نهائي الدوري الأوروبي 2013، قال ياكين: " إذا سجل محمد بهذا الشكل دائماً، لن يبقى هنا".

وعندما بدأ صلاح بالتسجيل باستمرار، ثبت أن ياكين كان محقاً.

انتقل بعدها إلى تشيلسي، حيث لعب 530 دقيقة فقط في الدوري، قبل أن يُعار إلى فيورنتينا ثم روما، الذي انتقل إليه بشكل دائم قبل الانضمام إلى ليفربول.

مصدر الصورة

سجل مذهل يثبت عظمة صلاح

سجّل صلاح علامة فارقه في موسمه الأول المذهل مع ليفربول، عندما سجل 44 هدفاً وقدّم 14 تمريرة حاسمة في 52 مباراة، كما تبين حجم الضرر الذي أصاب الفريق بعدما غاب صلاح في نهائي دوري أبطال أوروبا في ذلك الموسم في كييف بعدما أصيب في كتفه على يد سيرجيو راموس، وانتهت بفوز ريال مدريد 3-1.

ثمّ استعاد صلاح عافيته، وسجّل ركلة جزاء في مبارة فاز فيها ليفربول على توتنهام في نهائي العام التالي في مدريد.

وعندما سجّل صلاح أقل رصيد أهداف له في موسم كامل قاد ليفربول لنيل اللقب لأول مرة منذ 30 عاماً، دلالة على دوره وتأثيره في الملعب.

سجل صلاح 243 هدفًا مع ليفربول في 394 مباراة، ليحتل المركز الثالث في قائمة هدافي الفريق على الإطلاق، متجاوزاً بذلك الأسطورة بيلي ليدل (228 هدفًا) وغوردون هودجسون (241 هدفًا) هذا الموسم.

ويبقى خلف روجر هانت، الفائز بكأس العالم عام 1966 (285 هدفاً)، والهداف التاريخي إيان راش (346 هدفاً).

ومع تسجيله 27 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، متصدراً قائمة هدافي البطولة، يقترب صلاح من رصيد بعض أساطير البطولة.

أما مجمل رصيد صلاح في الدوري الإنجليزي الممتاز، يبلغ 184 هدفاً، ليحتل المركز الخامس في قائمة هدافي البطولة على الإطلاق بالتساوي مع سيرجيو أغويرو، بعد أن تقدم على تييري هنري (175 هدفاً) وفرانك لامبارد (177 هدفاً).

ويتقدم عليه فقط أندرو كول (187 هدفاً)، وواين روني (208 أهداف)، وهاري كين (213 هدفاً)، وآلان شيرار، الهداف التاريخي برصيد (260).

ويعد صلاح هداف ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 182 هدفاً في 281 مباراة، ويبرز هذا الإنجاز عند مُقارنته بسجل أسطورة ليفربول الآخر روبي فاولر، الذي يحتل المركز الثاني. ولعب صلاح 266 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع النادي، مسجلاً 128 هدفاً.

وعندما وصل إلى إجمالي 250 هدفاً، في مباراته رقم 250 كأساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز مع ليفربول، أصبح صلاح رابع لاعب فقط يحقق هذا الإنجاز مع نادٍ واحد.

يُقاس مستوى اللاعب دائماً في آدائه خارج ملعب فريقه، وأبدع صلاح على جميع المستويات، حيث سجل 79 هدفاً في مباريات الدوري خارج ملعب أنفيلد.

وصلاح هو نجم كل المناسبات والأماكن، كما ثبت عندما أصبح أول لاعب في ليفربول يُسجل 50 هدفاً في أوروبا في المباراة التي فاز فيها ليفربول 2-1 على ليل في دوري أبطال أوروبا على ملعب أنفيلد، متفوقاً بتسعة أهداف على كابتن فريقه السابق جيرارد.

لماذا يبقى صلاح في ليفربول؟

مصدر الصورة

يُعدّ قرار صلاح بتمديد مسيرته مع ليفربول إلى نحو عشر سنوات دليلاً على استمرار تعطشه لأكبر ألقاب اللعبة، بالإضافة إلى إيمانه بالمدرب سلوت لمساعدته على تحقيق أهدافه.

سيسعد جماهير ليفربول كثيراً بالتوصل إلى اتفاق، بعد أن أوضحوا مشاعرهم عندما استخدم صلاح تصريحات علنية نادرة لإثارة أزمة توقيع العقد مع النادي.

عندما استخدم صلاح منصة ساوثهامبتون لكشف تلك الأزمة، كانت هذه هي المرة الثالثة فقط خلال سبع سنوات ونصف التي يتوقف فيها للتحدث إلى الصحفيين.

كانت المرة الأولى في أبريل/نيسان 2018، نتيجةً لوعدٍ قطعه للصحفيين بعد تسجيله 40 هدفًا في موسمه الأول، ثم بعد فوزه بنهائي دوري أبطال أوروبا على توتنهام بعد 14 شهراً.

ووُصف ذلك بأنه محاولة علنية لتحريك المفاوضات، وكدليل إضافي على أن ليفربول كان دائماً المكان الذي يطمح إليه صلاح. إذا كانت هذه هي الحيلة التي لجأ إليها، وعلى الرغم من أنها لم تنجح على الفور، لكن النتيجة المرجوة قد تحققت الآن.

فيما كان الجماهير في المدرجات قد أعلنوا موقفهم من خلال اللافتات، مطالبين بتجديد التعاقد مع صلاح.

والآن، تحققت هذه الأمنية، وكذلك أمنية صلاح.

مع ذلك، كانت السعودية ستكون أرضاً خصبة لصلاح مالياً، لكنها لم تُوفر له الإغراء للفوز بأكبر الألقاب في كرة القدم، وهو أمر لا يزال بإمكانه السعي لتحقيقه مع ليفربول.

بدت علاقة صلاح مع مدربه السابق كلوب متوترة في نهاية الموسم الماضي، بما في ذلك خلاف علني حاد في وست هام يونايتد عندما دخل هدف في شباك ليفربول بينما كان ينتظر دخوله كبديل في مباراة التعادل 2-2.

لم يُخفِ صلاح توتره أثناء مروره أمام الصحفيين، قال في كلمات "إذا تحدثت، فستكون هناك نار"، دون أن يختفي التوتر.

وتألق صلاح هذا الموسم تحت قيادة سلوت، وعلى الرغم من تراجع مستواه مؤخراً، لكنه بدا وكأنه رجل في مهمة شخصية لإعادة ليفربول إلى مكانته كقوة مهيمنة في كرة القدم المحلية، ورسخ ليفربول تفوقه في الدوري الإنجليزي الممتاز، مستفيداً من انهيار مانشستر سيتي وتعثر أرسنال، على الرغم من أن الخسارة أمام باريس سان جيرمان في دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا كانت مخيبة للآمال بعد تصدره جدول ترتيب الدوري بنظامه الجديد، ووصوله إلى مرحلة خروج المغلوب.

وعندما تصدر ليفربول الدوري الإنجليزي الممتاز بفوزه على برايتون في أنفيلد في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، قال صلاح على منصة X " إن القمة في الترتيب هي حيث يكون هذا النادي لا شيء أقل من ذلك".

وعلى رأس ترتيب الفرق، كان ذلك المكان الذي بقي فيه ليفربول، مع صلاح، مصدر الإلهام الرئيسي.

إن أداء ليفربول تحت قيادة المدرب الهولندي الهادئ والمنهجي، بالإضافة إلى إظهارهم كل مؤشرات السعي وراء الألقاب الكبرى التي يتوق إليها صلاح الآن وفي المستقبل، كلها عوامل ساهمت في تفكير اللاعب المصري.

سيضمن صلاح بالتأكيد لقباً ثانياً في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنه يعتقد أيضاً أنه يستحق الفوز بأكثر من لقب في دوري أبطال أوروبا بعد تفاوت حظوظه في البطولة.

وتعرض صلاح للإصابة في المباراة المصيرية أمام ريال مدريد في كييف في نهائي 2018، ثم عانى من الهزيمة أمام نفس الخصم في نهائي باريس بعد أربع سنوات، فيما أصبحت لاحقاً وكأنها مبارزة شخصية مع حارس مرمى الريال تيبو كورتوا، حيث تصدى الأخير لستة تسديدات من صلاح وحده، و حطم ريال مدريد قلوب ليفربول مرة أخرى بفوزه 1-0.

وعلى الرغم من أن للأمر اعتبارات المالية، لكن فكرة قيادة ليفربول المُعاد بناؤه والمتجدد إلى حقبة جديدة تحت قيادة سلوت أمر جذاب أيضاً.

صلاح في مهمة كبيرة الآن، لديه فرصة في أنفيلد لإضافة لقب جديد إلى حصيلته من دوري أبطال أوروبا، والدوري الإنجليزي الممتاز، وكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الدوري مرتين، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية.

هذا يعني أن الزواج الرياضي المثالي سيستمر بين صلاح وليفربول.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا