آخر الأخبار

حرائق كاليفورنيا.. لماذا تصبح أشرس عاما بعد عام؟

شارك الخبر

تسببت حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية في مقتل 5 أشخاص على الأقل حتى صباح اليوم الخميس، واتخذت السلطات قرارا بإخلاء مناطق عدة، حيث تشعبت النيران بسبب الرياح إلى مساحات مترامية، الأمر الذي أدى إلى وصولها لأكثر من مليون مبنى، وقطع الكهرباء عن مناطق واسعة في الولاية.

على أساس سنوي تقريبا، تواجه مجموعة من المناطق حول العالم حرائق غابات، ولذلك أسباب عدة، منها أن يضرب البرق الأشجار الجافة أو الأرض، أو احتكاك أغصان الأشجار ببعضها أو الصخور، مما قد يولد شرارات تؤدي إلى نشوب الحريق، ومنها كذلك أسباب بشرية تتعلق عادة بالإهمال أو الحوادث الصناعية أو أعطال خطوط الكهرباء.

لكن انتشار تلك الحرائق يتعلق بالأساس بطبيعة الرياح في المنطقة، والأهم من ذلك مدى جفاف الأشجار، لأنه مع الجفاف تصبح الأوراق أكثر قابلية للاحتراق.

مصدر الصورة مع الجفاف تصبح الأوراق أكثر قابلية للاحتراق، هذا العامل مهم، لأننا نعرف أن الجفاف بات يزداد عاما بعد آخر (الفرنسية)

في طريقها للزيادة

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، توصل فريق بحثي بقيادة علماء من مختبر أرغون الوطني في الولايات المتحدة إلى أن معدلات وشدة وطول حرائق الغابات سترتفع مع الزمن، وللتوصل لتلك النتائج، التي نشرت في دورية "إيرسز فيوتشر"، استخدم الباحثون بيانات الأقمار الصناعية الصادرة من عام 1984 وحتى عام 2019 لدراسة 13 ألف حريق غابات سابق في قارة أميركا الشمالية وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية.

ومن خلال دمج مؤشرات مخاطر الحرائق مع التوقعات المناخية المستقبلية، وجدت الدراسة أن خطر حرائق الغابات الشديدة سيزداد بمعدل 10 أيام إضافية كل سنة، وفي بعض المناطق مثل السهول الكبرى الجنوبية في الولايات المتحدة الأميركية، سيرتفع معدل الحرائق ليصبح أكثر من 40 يوما إضافيا كل سنة، معظمها سيكون في أشهر الربيع والصيف.

وإلى جانب ذلك، فإن بعض حرائق الغابات قد تمتد إلى أشهر الشتاء، حسب الدراسة، وبشكل خاص مع انخفاض معدلات الأمطار عن قبل؛ الأمر الذي يزيد من جفاف النباتات، وبالتبعية يسهل اشتعال الحرائق وانتشارها بها.

إعلان

ولا يؤثر التغير المناخي على حرائق الغابات بسبب نقص الأمطار فحسب، بل تتسبب الموجات الحارة في تجفيف النبات لدرجة قصوى، مما يسهل اشتعاله، وهو ما يطيل أمد الحرائق وشدتها وانتشارها.

مصدر الصورة الموجات الحارة تتسبب في تجفيف النبات لدرجة قصوى (رويترز)

طقس الحرائق

وتتعلق مشكلة أخرى في هذا السياق بطبيعة موسم الحرائق نفسه، الذي عادة ما يبدأ بمنطقة ما ثم ينتقل لأخرى، لكن مع التغير المناخي بات ممكنا أن تنشأ الحرائق بمعدلات أكبر في مناطق متفرقة وفي الوقت نفسه، وهو ما يضع أحمالا ثقيلة على موارد أي دولة ويمنعها من التصرف بفاعلية خلال موسم الحرائق.

ويتأكد ذلك بعدة دراسات أخرى، فمثلا في عام 2020 قام فريق دولي من العلماء بعمل مراجعة بحثية لـ57 دراسة سابقة في هذا النطاق، وأظهرت جميعها روابط بين تغير المناخ وزيادة تواتر وشدة طقس الحرائق، الذي يعرّف بأنه الظروف الملائمة لنشوب حرائق غابات، مثل درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض الرطوبة وانخفاض هطول الأمطار والرياح العاتية.

وأشارت المراجعة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية وموجات الحر المتكررة وموجات الجفاف ستؤدي إلى زيادة احتمال نشوب حرائق الغابات من خلال تعزيز طقس الحرائق.

وأظهرت بيانات الرصد في هذه الدراسة أن مواسم طقس الحرائق قد امتدت عبر ما يقرب من 25% من سطح الأرض النباتي، مما أدى إلى زيادة بنحو 20% في المتوسط العالمي لطول موسم طقس الحرائق.

مصدر الصورة مواسم طقس الحرائق قد امتدت عبر ما يقرب من 25% من سطح الأرض النباتي (رويترز)

أثر الجفاف

ومع الجفاف تخزن النباتات كمية أقل من الماء، وتنمو ببطء وتطلق كمّا أقل من بخار الماء إلى الجو، يؤدي ذلك إلى مزيد من تساقط الأوراق الجافة الخاصة بها، وموت الشجرة نفسها سريعا، وهو ما يوفر بيئة مناسبة لانتشار الحرائق، خاصة أن الحرائق تنتشر بصورة أكبر في غياب بخار الماء الموجود في الجو المحيط بها، الذي يعمل في الأساس على إخمادها إن بدأت.

إعلان

وطبقا لورقة بحثية صدرت قبل عدة أعوام بالدورية الواسعة الشهرة "نيتشر"، فإن حرائق الغابات المطيرة في الأمازون -على سبيل المثال- ليست حدثا طبيعيا ولكنها اتحاد بين عنصرين، الأول هو الجفاف الشديد، الذي يتزايد يوما بعد يوم بسبب التغير المناخي، والثاني هو الأنشطة البشرية التي تؤثر بالسلب على طبيعة تلك الغابات.

ولو تأملنا حرائق غابات كاليفورنيا، لوجدنا أنه منذ ثمانينيات القرن الفائت اتجه حجم وشدة الحرائق التي تجتاح الولاية الأميركية إلى الأعلى بلا توقف، فأكثر من 15 من أكبر 20 حريقا في تاريخ كاليفورنيا حدثت منذ عام 2000.

ومنذ سبعينيات القرن العشرين ازدادت مساحة المنطقة المحروقة في الولاية 5 أضعاف، في مقابل ذلك ارتفعت متوسطات درجة الحرارة في الولاية نفسها خلال الفترة نفسها.

ويتوقع العلماء أنه مع تصاعد أزمة المناخ، فإن المرجح هو أن تزداد شدة هذه الحرائق وطول مدتها وترددها، وتتغير مواعيدها لتصل إلى عمق الشتاء في بعض الأحيان، وفي حين أن ذلك بات معروفا للعلماء منذ عقود، إلا أن الجهود السياسية لاحتواء أزمة المناخ لا تزال بطيئة جدا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا