تحقيق: محمد يحيى
«زمايلى كانوا بيتريقوا عليا ويقولوا انت فلاح، كنت أدخل الحمام أعيط، كل ده عشان هدفى، وهو إنى أكون لاعب كورة، مش عاوز حاجة تعطل الهدف ده لأن من غيرها حياتى اتدمرت». كلمات أطلقها النجم الأسطورى محمد صلاح فى حواره مع الدكتور مجدى يعقوب، لكنها لم تكن مجرد موقف عابر يحكيه أهم لاعب فى تاريخ الكرة المصرية - لما حققه من بطولات وأرقام غير مسبوقة فى أوروبا- وإنما هو تجسيد لأزمة نفسية يعانى منها آلاف اللاعبين فى قطاعات الناشئين لا يعلم عنها أحد شيئاً لأنها محبوسة داخل غرف تغيير الملابس، ويطرح سؤالاً: كم لاعباً لم يتحمل تلك الضغوط وابتعد عن كرة القدم أو عن الرياضة بشكل عام؟
انتقادات من المدربين، هجوم الجماهير، ضغط السوشيال ميديا، وضغوط الحياة الشخصية، كلها عوامل قد تبعد الرياضيين، خصوصاً فى مراحل الناشئين والشباب، عن ممارسة كرة القدم، ولعل أهمها تصريح مؤمن زكريا بأنه تعرض لضغوط نفسية كبيرة عند رحيله عن الأهلى أثرت بشكل كبير فى إصابته النادرة بـ«التصلب الجانبى الضمورى (ALS)»، التى أدت إلى ضعف عضلاته وصعوبة حركته، حيث اعتبر أن الإصابة النفسية كانت بنسبة كبيرة (حوالى 60%) بجانب الإصابة العضوية.
على فتحى، لاعب الزمالك السابق، قال إنه تعرض لضغوط نفسية كبيرة بسبب إصابته المزمنة فى الركبة، حيث شعر بالظلم بسبب العلاج الخاطئ الذى تلقاه لمدة 8 أشهر، مما أدى إلى تفاقم إصابته، وأُطلق عليه لقب «الشهيد» داخل النادى، وأكد أن هذه الضغوط أثرت عليه نفسياً بالإضافة لآلام الإصابة.
كل تلك الأمثلة على لاعبين عانوا من مشاكل نفسية أبعدتهم عن ممارسة كرة القدم وهم فى مراحل أكبر فى السن، ولكن على مستوى الناشئين تكون الأزمة أكبر، كما يقول الدكتور أحمد أبوالوفا، رئيس وحدة الطب النفسى الرياضى بالنادى الأهلى: «التنمر سلوك كونى موجود فى كل الثقافات وفى كل المجتمعات وكل الأعمار، ويبدأ من سن صغيرة جداً من 4-5 سنوات، وينتشر أكثر فى سن المراهقة، أقل من 18، وموجود بقوة بين الناشئين، خصوصاً أن هناك منافسة بينهم ولا ينتهى أثره سريعاً بعد تجاوز عمر 18 سنة، وتسمى الذكورة المسممة (أنا راجل جداً)، التنمر فى هذه المرحلة قد يصل إلى حد الانتحار، وشاهدنا ذلك خلال آخر 3 سنوات فى مصر».
كلمات الطبيب النفسى بالنادى الأهلى تتقاطع مع شهادات لاعبين انتهت مسيرتهم مبكراً.
أحمد هيكل، لاعب شباب الزمالك السابق، الذى كان مميزاً فى قطاع الناشئين بالفريق الأبيض وسجل أهدافاً عديدة فى مرمى الأهلى، المنافس التقليدى للزمالك، بل إنه كان قائداً للفريق فى كثير من المباريات، لكنه يقول فى شهادته -المصورة بالفيديو- إنه تعرض لاضطهاد أبعده عن ممارسة كرة القدم: «لعبت فى الزمالك 13 سنة، دخلت النادى 2009 ومشيت 2022، كنت كابتن فريقى، وكنت ماشى كويس مع مواليد 2001، وسجلت هدف الفوز على النادى الأهلى فى بطولة الجمهورية».
وأضاف ناشئ الزمالك السابق: «مستقبلى انتهى بسبب شخصين قالا لى إحنا هنبطلك كورة، لدرجة أن أحدهما قام بضربى أمام زملائى، وبالتالى رحلت عن النادى».
وتابع «هيكل»: «حالياً أنا لا ألعب فى أى فريق لأنى ماعنديش معارف، وليست لدىّ علاقة بوكلاء اللاعبين، وأعمل فى وظيفتين للإنفاق على أسرتى، ولن أقول إلا ربنا يسامحهما، المفروض حالياً أكون فى الفريق الأول مع الزمالك لكن هذين الشخصين دمرا مستقبلى الكروى».
«هيكل» فتح الباب أمام: كم لاعباً تعرض لمشاكل نفسية سواء داخل الملعب أو خارج الملعب؟ وهو ما تجلى فى حادث وفاة حارس مرمى فريق الناشئين بالنادى الأهلى المصرى، زياد إيهاب، فى مارس 2022، بعد سقوطه من شرفة منزله، وذكرت النيابة العامة أن الوفاة كانت نتيجة ضائقة نفسية بسبب رفض والديه زواجه من فتاة، ومع ذلك، نفت أسرته بشدة فرضية الانتحار أو رفض الزواج.
إدارة النادى الأهلى بدأت حالياً فى تكوين وحدة طب نفسى رياضى؛ لأن أحداً لم ينتبه أن الحارس الراحل يمر بحالة اكتئاب أياً كانت الأسباب.
وكشف الدكتور أحمد أبوالوفا: «محمد رمضان عندما كان مديراً رياضياً فى الأهلى قال أنا مسئول عن مستقبل الناشئ الذى لم يصل للمراحل النهائية كلاعب كرة محترف سواء (دراسياً أو اجتماعياً)، والهدف ألا يكون من وصل لمرحلة الاحتراف نجا ويكمل حياته ومن لم يصل تكون حياته قد انتهت ويتجه للشارع».
وكشف «أبوالوفا»: «النادى الأهلى شكّل إدارة إعداد نفسى وذهنى فى قطاع الناشئين، وتم تعيين 4 أطباء نفسيين فى قطاع الناشئين، وطبيب فى فريق البنات، وطبيب فى فريق دلفى، التابع للنادى الأهلى، ونقوم بعمل محاضرات للمدربين عن مراحل النمو والتطور الطبيعى لهؤلاء الأطفال وطرق تعديل السلوك وطرق بناء الفرق وإدارة الصراعات والنزاعات».
وأوضح: «المدير الفنى الأجنبى لقطاع الناشئين موافق على البرنامج بالكامل لأننا نوفر طبيباً يستطيع اللاعبون فى القطاع أو أولياء أمورهم التحدث معه، ونقوم بتعليم المدربين ما هو الطبيعى وغير الطبيعى فى كل مرحلة عمرية، ونقوم بعمل محاضرات لأولياء الأمور لأنهم شىء مهم جداً، وأتمنى أن يحدث ذلك فى كل أندية مصر لإنقاذ آلاف المواهب».
وتعليقاً على تصريحات محمد صلاح حول تعرّضه للتنمّر، تساءل الدكتور أحمد أبوالوفا: «كم لاعباً موهوباً لم يُكمل مشواره؟»، موضحاً أن العامل الحاسم فى بقاء اللاعب أو خروجه من اللعبة هو ما يُعرف بـ«الجَلَد»، أى قدرة اللاعب على الالتزام بالتدريب وتقديم نفس المستوى يوماً بعد يوم، بغضّ النظر عن ظروفه النفسية أو الشخصية أو الحياتية، مشيراً إلى أن هذه الصفة هى الفاصل الحقيقى بين من يُكمل مسيرته ومن يتوقّف فى منتصف الطريق. وأضاف «أبوالوفا»: «يمكننا قياس مستوى الجَلَد لدى اللاعبين بدءاً من سن 15 عاماً، وهنا تتضح الفروق الحقيقية؛ فقد تجد لاعباً قادراً على الفوز ببطولات فى مراحل الناشئين، لكنه لا يملك مقومات الاستمرار مستقبلاً، فى المقابل قد يكون هناك لاعب متوسط المستوى حالياً، لا يُعتمد عليه كثيراً، لكنه يمتلك القدرة النفسية والذهنية التى تمكّنه من إكمال المسيرة والوصول إلى الاحتراف».
الدراسات العلمية الحديثة لم تكتفِ برصد وجود مشكلات نفسية بين لاعبى كرة القدم، بل كشفت عن حجمها وتأثيرها المباشر على المسيرة الرياضية.
فهناك دراسة نُشرت فى مجلة BMC Sports Science، Medicine and Rehabilitation تابعت لاعبين محترفين على مدار موسم كامل، أظهرت أن أكثر من نصف اللاعبين (53%) عانوا من درجات متفاوتة من الضيق النفسى، شملت القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، مع ملاحظة أن الإصابات البدنية والضغوط التنافسية تضاعف من احتمالات التدهور النفسى.
ولا تقف الخطورة عند حدود التأثير النفسى فقط، إذ ربطت بعض هذه الدراسات بين تدهور الصحة النفسية وارتفاع معدلات الإصابات العضلية، وتراجع التركيز، وزيادة احتمالات الاعتزال المبكر، وهو ما يتقاطع مع تحذيرات الاتحاد الدولى للاعبين المحترفين (FIFPRO)، الذى أشار فى تقاريره إلى أن واحداً من كل ثلاثة لاعبين محترفين قد يمرّ بتجربة نفسية مؤثرة خلال مسيرته، مؤكداً أن تجاهل الدعم النفسى داخل الأندية لا يهدد أداء اللاعبين فقط، بل يهدد مستقبلهم المهنى وحياتهم بعد الاعتزال.
إسلام جمال، المعد البدنى لفريق الكرة بنادى بيراميدز، قال: عند الحصول على دراسات فى التدريب يتم تعليمنا كيف تكون (Life Coach)، بالعربية تعنى «مدرب الحياة» أو «مرشد الحياة»، وكيف تتحدث مع الرياضى وتحفزه بطريقة سليمة وتنقل له التعليمات بطريقة لا تؤثر عليه نفسياً، لأن الضغوط عليه قد تكون من الإعلام أو من الجمهور أو السوشيال ميديا أو زملائه.
وأوضح مدرب بيراميدز: «فى أولمبياد طوكيو؛ سيمون بلز، لاعبة الجمباز الأمريكية، انسحبت من الدور قبل النهائى بسبب تعرضها لضغوط نفسية، وشعرت أنها غير منتمية للمجتمع الأمريكى، وفقدت الانتماء فجأة، وصرحت بذلك فى الإعلام، وشعرت بالاكتئاب وانسحبت، واللاعب الألمانى روبرت إنك، حارس مرمى هانوفر السابق، شعر بالاكتئاب وانتحر، ولكن الموضوع شائك فى مصر والمجتمعات العربية، ولا يتم الحديث عنه لأن الناس تشعر أنها وصمة عار أن تذهب لطبيب نفسى لأن الناس لن تتقبل ذلك».
وكشف «جمال»: «الصحة النفسية تكون أحياناً أساس كل إصابة يتعرض لها اللاعب؛ لأن المشكلة النفسية تقوم بعمل منع لكل القرارات وتجعل أداءك ليس أفضل شىء لأن عقلك وذهنك خارج عن التركيز ولا يقدم كل الطاقة التى لديك».
وأوضح: «الاغتيال النفسى الذى يحدث لبعض اللاعبين، سواء بسبب عدم مشاركته أو هجوم الجماهير عليه، كلها تسبب مشاكل نفسية للاعب وتترك جرحاً بداخله يظهر تأثيره حتى لو بعد مرور عدة سنوات».
ما يجرى داخل بعض غرف الملابس فى كرة القدم المصرية لا يمكن فصله عن الإطار القانونى الحاكم للمجتمع، فالقانون المصرى لم يعد يتعامل مع التنمّر باعتباره سلوكاً اجتماعياً عابراً، بل صنّفه كجريمة يعاقب عليها قانون العقوبات.
وبموجب المادة 309 مكرراً (ب)، يعرّف القانون التنمّر بأنه كل قول أو سلوك يهدف إلى السخرية أو الحط من شأن شخص أو إقصائه أو استغلال ضعفه، خاصة إذا كان ذلك مرتبطاً بأصله الاجتماعى أو خلفيته أو أى سبب آخر.
هذا التعريف القانونى يطرح تساؤلات خطيرة حول ما يحدث داخل الوسط الرياضى، حيث تتكرّر شهادات عن سخرية ممنهجة من لاعبين بسبب لهجتهم أو خلفيتهم الاجتماعية أو ضعف خبرتهم، وهى ممارسات كثيراً ما يتم تبريرها تحت مسمى «الهزار» أو «تهيئة اللاعب نفسياً».
وفى الإطار ذاته، يقول الدكتور أحمد أبوالوفا، رئيس وحدة الطب النفسى بالنادى الأهلى: «يجب وجود شخص كبير مع الناشئين لحمايتهم من آثار هذه الأمراض؛ كونه يفهم الصحة النفسية، لتنقية هذه السلوكيات ومواجهتها، والشخص الكبير قد يكون طبيباً أو إدارياً أو مدرباً».
وأضاف: «نسبة الأطفال تحت 18 سنة تحتاج أن تكون على الأقل لكل 2 شباب يكون معهما شخص واحد كبير، وهذا متوافر فى الفرق الكبيرة لكنه يغيب فى فرق الناشئين، والمشكلة أن الأطفال والشباب يتعلمون بالتقليد حسب النموذج الموجود أمامهم، وبالتالى ضرورة زيادة عدد الكبار فى فرق الناشئين لسببين: الأول هو زيادة القدوة لمواجهة المثل السيئ فى حالة وجوده، والثانى هو زيادة عيون الملاحظة لمتابعة سلوكيات الشباب».
وتابع «أبوالوفا»: ما يحدث أن الفرق فى الناشئين تتكون من دكتور ومدلك ومدرب ومدرب مساعد، يشرفون على 35 لاعباً، وبالتالى لا يستطيعون متابعة كل السلوكيات التى تحدث، وهذا يعد تدخلاً اجتماعياً وليس تدخلاً نفسياً لأن السلوكيات الاجتماعية مثل نصر الضعيف والصواب والخطأ وإعادة الحقوق، هذا سلوكيات اجتماعية لها علاقة بالبيئة الآمنة ضرورية للنفسية ولها دور اجتماعى من الكبار تجاه الصغار. قطاعات الناشئين فى الأندية تصل إلى 400 لاعب، من سيقوم بتشخيصهم وسط هذه المجتمعات؟ هذه وظيفة لا يقوم بها طبيب العظام أو العلاج الطبيعى».
هانى رمزى قائد منتخب مصر السابق، والذى احترف فى الدورى الألمانى، أكد أن الجانب النفسى مهم فى تحديد مستقبل اللاعبين، وأنه كمدرب حصل على رخص تدريبية من أوروبا كانت أهم المواد التى درسها «علم النفس الرياضى» للتعرف على كيفية التعامل مع اللاعبين، وأوضح أن جميع الأندية الأوروبية حالياً يوجد بها طبيب نفسى، وضرب مثلاً بفريق ليفربول الإنجليزى الذى ذهب إلى «معبد إيكوين» البوذى فى طوكيو خلال جولة تحضيرية صيف 2025، حيث خاض اللاعبون جلسة تأمل نفسى لصفاء الذهن والاسترخاء.
وقال رمزى: «استخدام علم النفس مع الرياضيين يحسّن الحالة الذهنية للاعب، وبالتالى يساعده على اتخاذ القرارات السليمة، والتعامل مع الضغوط الكبيرة فى المباريات، والوصول إلى الثبات الانفعالى فى المواقف الصعبة، لتجنب الخروج عن النص، وأيضاً علم النفس يساعد على زيادة الحافز وبالتالى تحسين الأداء، خصوصاً فى حالة الحصول على عدد كبير من البطولات لتجنب الغرور، والعكس فى حالة عدم الفوز بالبطولات؛ لتجنب الإحباط، ويساعد أيضاً فى إدارة التعامل مع أفراد المنظومة سواء كانوا زملاء أو مدربين أو الجماهير والسوشيال ميديا».
واستشهد «رمزى» بتجربته الشخصية فى التعامل مع أشخاص لمساعدته على تجاوز أزماته عندما كان لاعباً: «كابتن محمود الجوهرى كان يتحدث معى فى كل شىء ويساعدنى فى حل مشاكلى خلال فترة اللعب وكنت أتحدث معه حتى فى مشاكل شخصية بعيدة عن الكرة، ونفس الأمر مع المدرب الألمانى الكبير أوتو ريهاجل، فكنت أتحدث معه بصفة مستمرة بالإضافة إلى الطبيب النفسى الموجود فى النادى، وهذا الأمر موجود فى أوروبا قبل ما يزيد على 30 عاماً».
نادر السيد، حارس منتخب مصر السابق، بدأ مشواره مع نادى الزمالك ثم انتقل منه إلى كلوب بروج البلجيكى قبل اعتزاله فى الأهلى، يقول: «وجود الطبيب النفسى فى حياة الرياضى لم يعد رفاهية وإنما هو أمر ضرورى لأنه يتعرض لضغوط كبيرة سواء منافسة أو ضغوط الحياة أو حتى فى حالة الخسارة، وبعض اللاعبين يتأثرون بالانتقال حتى من فريق إلى آخر».
وأوصى اللاعبين الصغار بضرورة المتابعة مع متخصص نفسى لمساعدة اللاعبين على الوصول إلى أعلى مكانة ممكنة، وقال: «البعض يعتقد أن الرياضة تعتمد على المهارة أو الموهبة أو حتى القوة البدنية، ولكن الحقيقة أن الرياضى لو لم يتعامل نفسياً بشكل جيد سيتعطل عن تحقيق أى هدف أمامه».
وتظهر على السطح أزمة رمضان صبحى، الذى قال حماه، الكابتن إكرامى، إنه يعانى من حالة نفسية سيئة، على خلفية تعرضه لمشاكل لها علاقة بإيقافه بسبب تناول المنشطات، فضلاً عن حبسه على ذمة قضية متهم فيها بالتزوير، وبعدما كان أحد أهم العناصر الشابة الصاعدة فى منتخب مصر، فإنه ابتعد عن الصورة بشكل كبير جداً بسبب النقلة التى تعرض لها بعد رفضه الاستمرار مع الأهلى والانتقال إلى فريق بيراميدز، وتعرض معها لحملات جماهيرية، فضلاً عن النقلة المجتمعية الكبيرة.
ويقول الدكتور أحمد أبوالوفا، طبيب الأهلى: «مثال كرمضان صبحى هو حدث له الخلل بعد وصوله لأعلى مراحل اللعب ولكن هناك لاعبين لم يصلوا من الأساس وتعرضوا لمشاكل كبيرة، ونحتاج أسساً واضحة لإعداد البرامج التى يتم تدريسها للرياضيين لتجهيزهم نفسياً».
وأوضح: «المعد النفسى وظيفته ألا يكون اللاعب فى حاجة لمعد نفسى، وتأتى مهمته فى أوقات الراحة وليس فى أوقات الضغط، فمثلاً عندما يكون مضغوطاً كيف يصبح جاهزاً، وعندما يكون فائزاً لا ينتابه الغرور، وعند الخسارة لا يكون محبطاً، وذلك من خلال امتلاكه الأدوات التى يساعد بها نفسه، وبالتالى هى وظيفة تدريبية وليست وظيفة حل مشكلات، وبها جزء مرتبط بالأداء الذهنى مثل (التركيز، الانتباه، صناعة القرارات، وتحليل المعلومات)، ولا يجوز الخلط بين الأداء الذهنى والأداء النفسى، فالبعض يظن أن المعد النفسى وظيفته (يقعد مع البنى آدم المتضايق، ولكن ده مش صح)».
هيثم غيتا، طبيب نفسى يتولى الإشراف على برامج دعم نفسية للعديد من الرياضيين، وتحديداً فى الألعاب الفردية، وعلى رأسهم نوران جوهر، المصنفة الأولى على العالم فى الاسكواش، يقول: «لاعبون كثر يعتزلون مبكراً بسبب دخولهم فى حالات اكتئاب نظراً لعدم الاهتمام بالصحة العقلية، وهناك لاعب كرة يد أعمل معه بشكل فردى منذ أربع سنوات، قال لى لو لم أكن التقيت بك لكنت اعتزلت، ونفس الأمر قد تتسبب المشاكل النفسية فى إصابات بدنية للاعبين، ولدينا مثال عالمى مثل لاعبة التنس نعومى أوساكا التى اعتزلت وقالت أنا لا أتحمل الضغوط».
وأضاف «غيتا»: «الموضوع لم يعد رفاهية، ولكن هو ضرورة يجب أن نهتم بها، ويكون هناك اهتمام رسمى وإلزام للأندية بوجود أطباء نفسيين ضمن الأجهزة الفنية لمتابعة حالات اللاعبين».
وزارة الشباب والرياضة فى مصر - وفقاً لما هو منشور فى موقعها الإلكترونى الرسمى- بدأت منذ أكتوبر عام 2022 مشروعاً لتجهيز معدين نفسيين مؤهلين علمياً وعملياً لدعم الرياضيين فى الألعاب الفردية والجماعية، ولكن يستمر السؤال: هل الرياضيون فى مصر، وتحديداً الشباب، يحصلون على الدعم الكافى لإنقاذهم من مشاكل الضغط النفسى والعصبى الذى يتعرضون له؟!
وأيضاً السؤال: هل البرامج التى تقدم لهؤلاء المعدين النفسيين هى الأنسب لتجهيزهم لمجالات العمل؟ وهنا يقول طبيب نفسى يعمل فى أحد الفرق ورفض ذكر اسمه: «منهج تربية رياضية للمعدين النفسيين سيئ للغاية ولم يتم تحديثه منذ 30 عاماً، فالمعد النفسى خريج تربية رياضية لا يملك الأساسيات حتى لتدريبه للعمل، وأثناء تكوين فريق عملى فى النادى الذى أعمل به أجريت اختبارات لكثيرين وتم استبعاد كل خريجى تربية رياضية واستبدلتهم بخريجى كلية الآداب قسم علم نفس لأن تعليمهم الأمور الرياضية أفضل بكثير من ألا يكونوا ملمين بالأمور النفسية، لأن الرياضى فى النهاية إنسان، أما المعد النفسى فليست وظيفته أن يعطى دوافع أو كلاماً حماسياً، وإنما تدريب اللاعب على كيفية مواجهة المشاكل والضغوط».
ويبقى السؤال مفتوحاً: كم محمد صلاح آخر لم يحتمل الضغط.. ولم نسمع عنه؟
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
المصدر:
الوطن