لم تكن كوكب الشرق أم كلثوم مجرد صوت استثنائى، وأسطورة غنائية تعيش فى برج عاجى، بل كانت رغم مكانتها التى تضاهى مكانة الملوك والرؤساء، نموذجاً لـ"بنت البلد"، التى تجمع بين البساطة والهيبة، خفة الدم والحكمة، القرب الشديد من الناس والقدرة النادرة على قيادة وجدانهم.
خرجت أم كلثوم من قرية طماي الزهايرة حاملة روح الفلاحة المصرية الأصيلة، ولم تتخلَّ عنها وهي تجلس على عروش الغناء في أكبر عواصم العالم، وبين أرقى وأغنى الطبقات الاجتماعية، لم يرها الناس يومًا سيدة أرستقراطية، رغم مكانتها التى لم تصل إليها فنانة قبلها ولا بعدها، بل ظلوا يرونها فنانة الشعب، القريبة منهم، الشبيهة بنيل مصر في شموخه وصموده وطيبته.
كانت تفهم الأصول كما يفهمها "ولاد البلد الجدعان"، تعرف متى تتقدم ومتى تنسحب، متى يكون الحضور فرضًا، ومتى يكون الغياب احترامًاً.
ومن أكثر المواقف الإنسانية التى تؤكد على أصالة كوكب الشرق وحرصها على مشاعر غيرها، وأنها تعرف متى تغيب ومتى تحضر، ما حكاه المخرج حسن عيسى، قائلاً "أثناء تحضير مسلسل أم كلثوم ، كنت مخرج منفذ مع الأستاذة إنعام محمد علي، وتقابلنا مع إحسان مساعدة أم كلثوم، والتى حكت عنها مواقف كثيرة، ولكن كانت أكثر حكاية تأثر بها، عندما أشارت إحسان إلى أن أم كلثوم رفضت حضور فرح ابن زوجها الدكتور حسن الحفناوى، رغم أنه عاش معها وكانت تعتبره ابنها، وعندما سألتها مساعدتها عن السبب، أجابت كوكب الشرق: "مش عايزة أسرق الفرحة من أمه، دي ليلتها، ولو أنا روحت، الناس هتتجمع حوليّ، وماحدش هيبص لأم العريس، سيبيها تفرح بابنها، وأنا أزوره في بيته بعد كده».
المصدر:
اليوم السابع