بعد المكاسب الكبيرة التي حققتها أسعار الفضة خلال عام 2025، لمع المعدن الأبيض في أعين المستثمرين المحليين، حيث شهدت السوق المحلية ارتفاعا كبيرا في حجم الطلب على السبائك والجنيهات، كملاذ استثماري وادخاري آمن، وفق عدد من العاملين بالقطاع تحدثوا مع «الشروق».
وحققت أسعار الفضة مكاسب قياسية عالميا ومحليا خلال 2025 بنسبة بلغت 181% على أساس سنوي، حيث قفز سعر الأوقية مسجلة 83 دولارا خلال تعاملات أمس (أعلى مستوى تاريخيا)، قبل أن يهبط مرة أخرى اليوم، الإثنين، إلى مستوى الـ75 دولار للأوقية، مقابل 29.5 دولار في بداية العام الجاري.
ولفت وصفي أمين، مستشار شعبة المعادن النفيسة باتحاد الصناعات، إلى وجود زيادة في حجم الطلب على سبائك الفضة خلال العام الحالي بأكثر من 300% على أساس سنوي.
وأضاف أمين خلال تصريحات لـ«الشروق» أن المكاسب التي حققتها الفضة خلال 2025، هي التي جذبت اهتمام المواطنين، ما جعلهم يقبلون على شراء السبائك بغرض الادخار والاستثمار، مشيرا إلى أن الاستثمار في الفضة يلائم أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، لذلك استطاع أن يجذب شريحة كبيرة جدا من المواطنين والمستثمرين، مضيفا أن مبلغ 1000 جنيه يتيح لصاحبه الاستثمار في المعدن الأبيض بكل سهولة.
وذكر مستشار شعبة المعادن النفيسة باتحاد الصناعات، أن ارتفاع الطلب الاستثماري على الفضة لم ينقص من مبيعات الذهب، متابعا: «المواطنون مازالوا يضعون الذهب في المقام الأول بين الأوعية الادخارية».
ولفت إلى أن ظهور الفضة كوعاء استثماري جديد، أثر سلبا على مبيعات المشغولات الفضيّة، مرجعا ذلك إلى ارتفاع قيمة المصنعية في الأخيرة، حيث تتجاوز الـ100% من سعر الجرام نفسه.
وتتراوح قيمة المصنعية للسبائك الفضية بين 4 و10 جنيهات للجرام الواحد، بحسب وزن السبيكة، بينما تتراوح بين 100 و250 جنيه للجرام في المشغولات.
من جانبه، قال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة آي صاغة لتداول الذهب والمجوهرات، إن سعر الفضة بالسوق المحلية يفوق المستوى العالمي بنحو 10%، مرجعا ذلك إلى الزيادة الكبيرة في حجم الطلب بالسوق المحلية.
وأضاف إمبابي لـ«الشروق» أن سعر جرام الفضة عيار 999 يسجل نحو 132 جنيها خلال تعاملات اليوم، بينما سعره العادل لا يتجاوز الـ120 جنيها للجرام وفقا لسعر صرف الدولار حاليا.
ويتوقع أن تواصل أسعار الفضة ارتفاعاتها القياسية خلال العام المقبل، مستهدفا أن تصل سعر الأوقية إلى 500 دولار خلال 3 سنوات.
من جانبه، يقول لطفي منيب، نائب رئيس شعبة الذهب والفضة والمجوهرات، باتحاد الغرف التجارية، إن الاستثمار في الفضة لم يكن موجودا من قبل، ولكنه ظهر بشكل كبير جدا خلال 2025، بعد المكاسب التاريخية التي حققها المعدن الأبيض.
وأضاف منيب لـ«الشروق» أن ارتفاع الطلب على شراء السبائك الفضية مؤخرا، بالسوق المحلية يرجع للوعي الاستثماري المتنامي لدى المواطنين، لافتا إلى أن الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد في آخر 3 أعوام جعلت المواطن يبحث عن الفرص الاستثمارية الملائمة لتعظيم قيمة أمواله.
ويرى أن الاستثمار في الفضة يُعد سوقا ناشئا لم يكتمل بعد، موضحا أن هناك تحديات قد تواجه المستثمرين في الفترة المقبلة، تتمثل في إمكانية البيع، وجني الأرباح.
وأوضح منيب أن الذهب يعتبر سوقا متكاملا، ويتضمن عددا كبيرا جدا من التجار والشركات العاملة مما يزيد من التنافسية بالسوق، على عكس سوق الفضة التي تضمن متعاملين محدودين للغاية، وهو ما قد يضع احتمالات للاحتكار والتحكم في الأسعار، خاصة فيما يتعلق بعمليات البيع.
وفيما يخص التوقعات للعام المقبل، يرى منيب أن هناك عدة سيناريوهات ستحدد حركة أسعار الذهب والفضة في 2026، لافتا إلى أن دونالد ترامب الرئيس الأمريكي هو الذي يتحكم في جميع الاحتمالات الممكنة.
وأوضح أن الزيادات السعرية القياسية التي شهدتها أسعار المعدنين الأصفر والأبيض، جاءت بعد تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض في يناير الماضي، لافتا إلى أن الرئيس الأمريكي اتخذ عدة إجراءات وسياسات جعلت المستثمرين يتجهون للملاذات الآمنة.
وحدد منيب تلك الإجراءات التي أثرت على أسعار الذهب والفضة، وهي شّن الحرب تجارية مع الشركاء الدوليين، وعدم احتواء الحرب الروسية الأوكرانية كما وعد قبل توليه الرئاسة، وتصعيد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التمسك بانخفاض أسعار الفائدة، فضلا عن الإغلاق الحكومي الذي استمر لأكثر من 40 يوما.
ويقول إن ترامب يُشعل حاليا حربا جديدة مع فنزويلا تحت اسم "الحرب على المخدرات"، بالإضافة إلى استمرار تمسكه بانخفاض أسعار الفائدة، وهو ما يدفع أسعار الذهب والفضة إلى مواصلة الارتفاع خلال 2026 بنفس الوتيرة التي كانت عليها أو ربما أكثر إذا اتخذ ترامب إجراءات وأحداث جديدة ومفاجأة.
ولكنه يُشير في الوقت نفسه، إنه في حالة تراجع ترامب عن الحرب مع فنزويلا، واستطاع السيطرة على التوترات الجيوسياسية في أوروبا، قد تشهد أسعار الملاذات الآمنة تراجعا ملحوظ، متابعا: « تبقى حركة الأسعار مرهونة بما سيفعله ترامب السنة المقبلة».
المصدر:
الشروق