تطرح رواية «جسر القناديل» نفسها بوصفها تجربة أدبية غير مألوفة، تقوم على كسر الشكل التقليدي للرواية الواحدة والمؤلف الواحد، وتخوض مغامرة سردية تعتمد على التعدد والارتجال وتداخل الأصوات، في محاولة لاختبار حدود الخيال وقدرة الكاتب والقارئ معا على التفاعل مع نص مفتوح الاحتمالات.
العمل المقرر طرحه بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ57، شارك في كتابته أربعة روائيين هم: شيرين هنائي، ورضوى الأسود، ومحمد إسماعيل، وميسرة الدندراوي، حيث تولّى كل كاتب منهم تأليف فصل كامل من الرواية، دون تنسيق مسبق أو اتفاق على المسار السردي العام. هذه الصيغة جعلت النص يتحرك في مسارات غير متوقعة، ووضعت كل كاتب أمام تحدي استكمال الحكاية وفق رؤيته الخاصة، بعيدًا عن معرفة ما دار في ذهن من سبقه أو ما سيؤول إليه العمل لاحقًا.
وتكمن خصوصية التجربة في «اللعبة المزدوجة» التي خاضها القائمون على المشروع مع الكُتّاب والقراء في آنٍ واحد؛ إذ لم يقتصر الرهان على اختبار قدرة الكاتب على تطويع أدواته السردية والتعامل مع نص لم يبدأه، بل امتد ليشمل القارئ نفسه، الذي يقرأ العمل دون معرفة اسم مؤلف كل فصل، في محاولة لفصل النص عن صاحبه، وترك الحكاية تتكئ فقط على قوتها الداخلية.
«هناك لحظات في العمل الأدبي لا تُقاس بالكمال، بل تُقاس بالدهشة. في هذا المشروع الروائي، قررنا أن نبتعد عن البناء المعتاد، ونفتح بابًا للجموح، ونسير خلف فكرة بسيطة: ماذا لو كتب أربعة كُتّاب، واحدًا بعد الآخر، رواية واحدة دون أن يتفقوا؟».
وتستكمل الكلمة موضحة: «ماذا لو بدأ أحدهم قصة، ثم سلّمها لمن يليه، ليكتب ما شاء، دون معرفة ما يدور في رأس من سبقه؟ ثم يأتي ثالث، فرابع… والنتيجة رواية لا تُشبه إلا نفسها. لم يكن الهدف الخروج بعمل متكامل بمعاييره الكلاسيكية، بل خوض مغامرة تشبه الارتجال الأدبي، يُفاجأ فيها الكاتب قبل القارئ، وتختلط فيها الأصوات والنبرات والخيال. وحتى اسم كاتب كل فصل لم نذكره؛ لأن هذه الحكاية لا تخص أحدًا بعينه، بل تخص الكتابة حين تُترك على سجيّتها».
وتعكس أجواء الرواية هذا الطابع القَلِق والمفتوح، حيث جاء في أحد مقاطعها:
«منذ أن عاد هشام إلى الحياة مرة أخرى، منذ تجاوزه لعتبة الموت وعبوره البرزخ الفاصل بين الوجود والعدم، ووصوله إلى دنيا تنفض عن نفسها صفة “فانية”، ما عاد شيء كما كان. ارتبكت كل الأمور وتداخلت، ضاعت الذاكرة في طبقات من الضباب، وتخبّط الجميع في متاهة كبرى، لا أمل في مخرج لها، وكأن عودته لعنة أصابت الجميع».
ومن المقرر طرح رواية «جسر القناديل» ورقيًا في نحو 150 صفحة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، عن دار كتوبيا للنشر والتوزيع، لتفتح أمام القراء تجربة قراءة مختلفة تراهن على الدهشة قبل الاكتمال، وعلى المغامرة قبل الاطمئنان.
المصدر:
الوطن