قالت منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وخطة عمل البحر الأبيض المتوسط باتفاقية برشلونة، تاتيانا هيما، إن مؤتمر الأطراف الـ24 لإنقاذ البحر المتوسط، الذى عقد بالقاهرة قبل أسبوعين بالتزامن مع اليوبيل الذهبى لاتفاقية برشلونة شكّل نقطة تحول حاسمة لنقل خطط إنقاذ المتوسط من «الورق» إلى «التنفيذ».
وأوضحت في حوار مع «الشروق»، أن خارطة الطريق الجديدة ترتكز على 7 برامج محورية، تهدف لضمان سواحل أكثر مرونة، وتتنوع بين إزالة التلوث، وتعزيز النظم الإيكولوجية، وترسيخ الاقتصاد الأزرق المستدام، مشيرة إلى أن الهدف هو حماية 30% من المناطق البحرية فى البحر المتوسط بحلول عام 2030.
ــ اجتماع هذا العام لمؤتمر الأطراف الـ 24، يحمل أهمية بالغة للغاية، لأنه يتزامن مع الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين، وهو ما يمثل اليوبيل الذهبى لعملنا المشترك، وهذا التوقيت الاستثنائى يجعل المؤتمر نقطة مفصلية لتقييم ما تم إنجازه على مدار نصف قرن، إقليم البحر المتوسط مرّ بتحولات تاريخية كبيرة عبر العصور، وعلى مدار هذه الأعوام الطويلة، تحققت الكثير من الإنجازات ضمن إطار الاتفاقية، رغم أن البحر المتوسط لا يزال يعانى من تحديات كبيرة تتمثل فى أزمة التلوث وتدهور التنوع البيولوجى.
ــ تتضمن خطة عمل البحر المتوسط التزامًا قويًا وواضحًا من الدول المتوسطية بالحد من التلوث البحرى بجميع أشكاله، مع تركيز خاص ومُلِح على التلوث البلاستيكى البحرى. هذا الالتزام انعكس فى العديد من الإعلانات الوزارية التى صدرت على مدار العقد الأخير، مما يؤكد النضج السياسى المشترك تجاه هذه القضية المصيرية، وخطتنا الطموحة ترتكز على سبعة برامج محورية مترابطة تهدف لضمان استدامة ومرونة البحر المتوسط.
ــ بالنظر إلى التحديات القائمة، فإن المؤتمر الحالى سيشهد اتخاذ قرارات بالغة الأهمية ستقود العمل المستقبلى والجماعى لدول المتوسط، وهذا أمر حيوى للغاية، لضمان أن تكون سواحلنا أكثر مرونة ونظافة، ولتحقيق المزيد من الاستدامة البيئية التى تعبر عن التزامنا المشترك. نحن هنا لمناقشة الحلول التى تستهدف تقليل التلوث، بما فى ذلك التلوث البلاستيكى الذى يهدد السواحل بمحيط البحر المتوسط.
ــ هذا هو تحديدًا ما نهدف إليه ونعمل من أجله، كما سمع الجميع من خلال النقاشات الجارية والمداخلات التى قدمها الوزراء والوفود المشاركة، فإن الجميع يقر بأن هناك بالفعل العديد من التدابير والخطط التى جرى وضعها على الورق ومُعدة للتنفيذ، ولكن يجب علينا أن نكون أكثر صرامة وطموحًا، وأن نبذل جهدًا أفضل وأكثر فعالية لترجمة هذه الالتزامات إلى عمل ملموس على أرض الواقع.
لذلك، أنا واثقة جدًا بأن هذا المؤتمر قد نجح فى إيصال رسالة قوية جدًا وواضحة للجميع، وهى أن الوقت الحالى لم يعد مخصصًا لمجرد العمل البيئى الروتينى فحسب، بل هو وقت يتطلب العمل المتسارع والمُعجَّل على جميع المستويات لدعم صمود المتوسط، لأن التحديات المناخية والبيئية لا تنتظر.
ــ بالتأكيد، هناك آليات تمويل هامة جدًا تعمل حاليًا على دعم هذه الأجندة، فى إطار عمل اتفاقية برشلونة، نستخدم مواردنا لتقديم الدعم الفنى والمالى للبلدان المتوسطية للتصدى بفعالية لتحديات التغير المناخى، وللمساعدة فى تأسيس أو إدارة المناطق البحرية المحمية (MPAs) بكفاءة عالية.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء آلية تمويل مخصصة ومهمة جدًا للمناطق البحرية المحمية تسمى صندوق البحر المتوسط، وهذا الصندوق يحظى بدعم مؤسسات بارزة مثل الحكومة التونسية، ومؤسسة الأمير ألبرت الثانى فى موناكو، والحكومة الفرنسية، وهو مخصص لدعم أجندة إدارة وحماية المناطق البحرية المحمية فى المنطقة بأكملها، أضف إلى ذلك، هناك صندوق آخر جرى تأسيسه مؤخرًا بموجب اتفاقية التنوع البيولوجى (CBD) لدفع العمل نحو تحقيق الهدف الطموح ضمن الإطار العالمى للتنوع البيولوجى، وهو حماية 30% من المناطق البحرية بحلول عام 2030 (هدف 30x30)، نحن نعمل حاليًا على التواصل بشكل مكثف مع بلداننا الأعضاء لاستكشاف كيف يمكنهم الاستفادة القصوى من هذه الموارد الجديدة.
ــ توجد بلا شك فجوة تمويلية كبيرة، لأن الالتزامات التى تقع على عاتق الدول الأعضاء بموجب اتفاقية برشلونة هى التزامات واسعة النطاق وضخمة للغاية، لنأخذ أمثلة للتوضيح: الدول مُلزمة ببناء محطات متطورة لمعالجة مياه الصرف الصحى فى جميع المدن والمناطق الساحلية، ومُطالَبة بإنشاء مكبات نفايات مُدارة بشكل سليم وبإدارة النفايات الصلبة بطريقة مستدامة بيئيًا، كما يتعين على الدول اتخاذ تدابير حاسمة للتخلص من المواد الكيميائية المتقادمة بطريقة سليمة، وفوق كل ذلك، الدول مُلزمة بضمان منع التلوث البلاستيكى البحرى وعدم تلويث البحر بالقمامة البحرية كل هذه المتطلبات تتطلب استثمارات رأسمالية هائلة وضخمة.
ما نقوم به نحن، بصفتنا الأمانة العامة للاتفاقية، هو العمل على الشراكة مع جهات مانحة ومؤسسات مالية كبرى ومختلفة، نحن نسعى للتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبى، والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، وسنستكشف أيضًا إمكانية إقامة شراكة مع بنك التنمية العربى. لكن الأهم من ذلك، نحن ندعم الدول فى تطوير خطط عملها الوطنية (NAPs)، ونساعدها فى تحديد وتطوير المشاريع البيئية ذات الأولوية والقابلة للتنفيذ.
ــ منذ مؤتمر الأطراف الـ 23، واصل البرنامج دعم الدول الأطراف للوفاء بالتزاماتها البيئية، ولقد تم إحراز تقدم كبير فى برامج حماية الأنواع المهددة بالانقراض، كما نعمل على التحديث المستمر لأدوات الرصد البيئى لدينا، إضافة إلى إصدار تقارير علمية متخصصة بشأن تأثيرات تغير المناخ، وهى تقارير يعتمد عليها صانعو القرار، فيما يخص بناء القدرات، قدمنا استعراضًا شاملًا للإجراءات والبروتوكولات الخاصة بالتعامل مع حوادث السفن والتسربات النفطية.
وعززنا برامج بناء القدرات البحرية فى المنطقة، كما شملت جهودنا دعم الدول فى إعداد وتطوير أطر السياسات الوطنية المتعلقة بالبيئة البحرية، ونحن نعمل كذلك على التطوير المستمر لـ البرنامج الحيوى للمناطق البحرية ذات الحماية الخاصة، وقد أشرنا إلى مشروعات ممولة فى دول مثل الجزائر وليبيا ولبنان وتونس لتعزيز حماية التنوع البيولوجى بها.
المصدر:
الشروق