قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، إن الطالب يمر خلال رحلته التعليمية بأكثر من محطة يجد فيها نفسه مضطرًا للاختيار بين عدة مسارات أكاديمية، وهو اختيار مصيري قد يحدد ملامح مستقبله العلمي والمهني، مشيرًا إلى أن غياب الوعي قد يدفع بعض الطلاب إلى ارتكاب أخطاء تؤدي إلى اختيار تخصص غير مناسب لقدراتهم وميولهم الحقيقية.
وأوضح حجازي أن من أبرز هذه الأخطاء تضخيم الذات أو التقليل المبالغ فيه من القدرات، سواء فيما يتعلق بنقاط القوة أو الضعف، إلى جانب عدم منح القرار الوقت الكافي للتفكير والتأني، والاكتفاء باتخاذه تحت ضغط القلق أو التسرع.
وأضاف أن تجاهل استشارة الأهل وأصحاب الخبرة يمثل خطأ شائعًا، فضلًا عن التأثر بما وصفه بـ«الميول الموقفية»، وهي ميول مؤقتة تنشأ نتيجة تأثير لحظي سرعان ما يختفي، دون أن تعكس التوجه الحقيقي للطالب.
وأشار أستاذ علم النفس التربوي إلى أن مسايرة الأقران أو الأسرة أو النمط السائد في المجتمع، واختيار ما يفضله الجميع دون النظر إلى مدى توافقه مع قدرات الطالب، من الأسباب الأساسية للاختيار الخاطئ، كما حذّر من ضعف الاهتمام بجمع المعلومات الدقيقة عن المقررات الدراسية ونظام الدراسة وطبيعة سوق العمل.
ولفت حجازي إلى خطورة المبالغة في تعميم النتائج، مثل الاعتقاد بأن خريجي مسار معين سيحصلون جميعهم على فرص عمل مميزة برواتب مرتفعة، مع تجاهل الدور الحاسم للمجهود الشخصي، إضافة إلى الوقوع في فخ التفكير الثنائي القائم على مبدأ «إما نعم أو لا»، كربط المستقبل بالكامل بالالتحاق بكلية أو مسار بعينه.
وتابع أن من الأخطاء كذلك الانحياز التأكيدي، حيث يبحث الطالب فقط عن المعلومات التي تدعم قناعاته المسبقة ويتجاهل ما يخالفها، إلى جانب الاعتماد على مصادر محدودة أو غير دقيقة، واختيار التخصص بناءً على مكانته الاجتماعية أو سوق العمل فقط دون اعتبار للميول والقدرات، أو الاعتماد على درجات التحصيل الدراسي وحدها كمؤشر وحيد للاختيار.
وأكد حجازي أن تجنب هذه الأخطاء يتطلب من الطالب تقييم نفسه بشكل موضوعي، والتعرف على ميوله الدائمة بعيدًا عن التأثر بالحالة المزاجية المؤقتة، ودراسة طبيعة المقررات ومتطلبات النجاح في سوق العمل، مع الاستعانة بآراء الأهل والمتخصصين.
وشدد على أهمية التأني في اتخاذ القرار، ودراسة الموضوع من جميع جوانبه، وتجنب أخطاء التفكير مثل الانحياز التأكيدي وفرط التعميم والتفكير الثنائي، مؤكدًا أن فرص النجاح متعددة، لكنها مرهونة باختيار مسار يتوافق مع قدرات الطالب وميوله الحقيقية.
واختتم أستاذ علم النفس التربوي حديثه بالتأكيد على ضرورة الحصول على المعلومات من مصادرها الصحيحة والموثوقة، باعتبار ذلك الخطوة الأولى نحو اختيار أكاديمي واعٍ ومستقبل مهني ناجح.
المصدر:
الفجر