باكتمال الانتقال الكلي لموظفي مجلس النواب من القصر العيني إلى العاصمة الإدارية الجديدة اليوم، يبدأ فصل لا تُقاس صفحاته بالأيام، بل بجوهره.
ودع العاملون قبة القصر العيني التاريخية بدموع صامتة، لا أسفا على رحيل، بل امتنانا لسنوات كانت الجدران فيها شاهدة، وقبة المجلس سماء ثانية، والأروقة ذاكرة تسير بوقار. هناك صُنعت الأيام، وهناك صار التعب شرفا، والصبر تاريخا.
مضوا وفاء للماضي واستشرافا للمستقبل، حيث تنتظرهم العاصمة الإدارية، التي تحمل في قلبها فكر جمهوريتنا الجديدة، ليبثوا في جدرانها الروح، ويمنحوا المكان حياه.
فالأماكن لا تُسكن أولا، بل تُؤنس، ولا تُضاء بالمصابيح، بل بالضمير الحاضر في العمل، وبالأيدي التي تعرف واجبها دون أن تطلب التصفيق.
أنتم الحكاية التي لا تُروى بالكلمات، بل تُعاش أثرا، فالأماكن لا تُبنى بالحجر وحده، بل بمن أحسنوا السكن فيها، وبهذه الأرواح التي عملت بصمت، وأخلصت دون ضجيج. ستتعلم أروقة العاصمة بكم النبض قبل أن تحفظ الخطوات، وتعرف الحياة قبل البروتوكول.
أنتم الرعيل الأول للمجلس في مقره الجديدة وعماده الحقيقي، روحه الخفية التي لا تُرى لكنها لا تغيب، وأنتم من سيصنع التاريخ.
التاريخ في صفحاته الجديدة لا ينسى من خدموه في الظل، سيأتي يوم يفتح صفحاته بهدوء، ويكتب أسماءكم وأثركم بأحرف من نور، جزاء الوفاء والإخلاص وطول النفس.
أنتم مجد هذه الأعمدة، وسر ثباتها، وحكايتها التي لا تُروى دفعة واحدة. ويوما ما سأكتب عنكم فردا فردا لا مدحا ولا مجاملة، بل اعترافا متأخرا بحق قديم… بحق زمن صنعتموه بصمت.
المصدر:
اليوم السابع