القاهرة- أ ش أ:
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، في ختام الندوة الدولية الثانية التي عقدتها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إنها جاءت لتؤكد أهمية الفتوى والقضايا الإنسانية في عالم يشهد تحديات غير مسبوقة من كوارث طبيعية وأوبئة عالمية وما تفرضه من مسائل ملحة تستوجب اجتهادًا فكريًا رشيدًا يستوعب مستجدات العصر وبصيرة واضحة .
وأشار مفتي الجمهورية - خلال كلمته اليوم - إلى أن الندوة عُقدت بمشاركة واسعة من مفتين وعلماء وممثلي هيئات الإفتاء من مختلف دول العالم، إلى جانب خبراء في المجالات الإنسانية والحقوقية بهدف تبادل الرؤى وتعزيز التنسيق حول دور الإفتاء في صون الكرامة الإنسانية ومعالجة القضايا المعاصرة بمسؤولية وتعاون متكامل .
وأضاف أن المشاركين ناقشوا خلال الندوة عدة محاور رئيسية، شملت: الفتوى، والكرامة الإنسانية،وتناول هذا المحور الأسس الشرعية والأخلاقية التي تفرض صون الكرامة الإنسانية ومراعاة حقوق الإنسان وواجباته، مؤكدين ضرورة أن تنضبط كل فتوى بحيث تراعي حقوق الإنسان وحرمة جسمه وروحه.
وتابع أن الندوة تناولت فتاوى الأزمات والنوازل وتم استعراض دور الإفتاء في التصدي للنوازل والأزمات بصورة تجمع بين استناد الفتوى إلى الواقع والمحافظة على الثوابت الشرعية، وأيضا تناولت الاجتهاد المعاصر في القضايا الإنسانية شمل هذا المحور قضايا المهاجرين واللاجئين، وضحايا النزاعات المسلحة، والفقر والتنمية، والأمية الدينية، والتغير المناخي، وغيرها من القضايا الملحة .
وأشار إلى أن الندوة ناقشت التعاون الدولي المؤسسي، حيث ناقش هذا المحور أهمية تعزيز التعاون بين مؤسسات الإفتاء في العالم وبين المؤسسات المتعددة، لتنسيق الجهود الإنسانية والشرعية بشكل فعال، كما عقدت مجموعة من الورش التفاعلية المصاحبة للندوة بمشاركة المفتين والمختصين في الشأن الديني والعمل الإنساني، وأسفرت عن خطط أولية لمشروعات مشتركة بين المؤسسات الإنسانية والإفتائية والحقوقية من أبرز مخرجاتها ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية وهي وثيقة أخلاقية ترسخ المبادئ والقيم الشرعية والمهنية التي ينبغي أن تلتزم بها الجهات والمؤسسات الإفتائية، بهدف صيانة الكرامة الإنسانية مع مراعاة الخصوصية الثقافية والاجتماعية للشعوب، دون الإخلال بثوابت الشريعة.
ونوه بأن الندوة أسفرت عن الدليل الإجرائي للفتوى في الأزمات والنوازل: دليل عملي موحد يمكن أن يكون أداة استرشاد للمفتين والمؤسسات الإفتائية في أوقات الأزمات الكبرى والظروف الاستثنائية، وأيضا دليل الفتوى المعاصرة في القضايا الإنسانية، كما أسفرت عن إنشاء منصة الفتوى من أجل الإنسانية هي منصة عالمية متعددة اللغات تحت إشراف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، لتبادل الخبرات والاجتهادات بين المفتين، وتوفير تطبيق ذكي يقدم إجابات سريعة وموثوقة للأسئلة الطارئة كما تم إنشاء بيت الفتوى والتنمية العالمية وهي قاعدة بيانات رقمية مركزية تجمع الفتاوى المعتمدة الصادرة حول القضايا التنموية والإنسانية لدور الإفتاء المختلفة .
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن نتائج الورش المشتركة تضمنت مشروعات علمية وبرامج تدريبية لتعزيز قدرات المفتين، وآليات لإنشاء شبكة تواصل دولية بين دور الإفتاء والمؤسسات الإغاثية لتبادل المعلومات فورًا أثناء الأزمات، والعمل على إطلاق منصات إلكترونية مشتركة لنشر الفتاوى الإنسانية بعدة لغات، إضافة إلى برامج شراكة بين هيئات الإفتاء ووزارات الصحة، ومن أبرزها مبادرة المستشار الشرعي الطبي لتوفير استشاريين شرعيين في المستشفيات الكبرى للتشاور مع الأطباء حول بعض القضايا الطبية الطارئة .
ولفت إلى أن المشاركين في الندوة أوصوا باعتماد جميع مخرجات الندوة وتطبيقها في دور وهيئات الإفتاء حول العالم في ممارساتها المؤسسية ومناهجها التعليمية، والالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والنساء وقت الحروب، والتنديد بالجرائم والانتهاكات، خصوصًا بحق الشعب الفلسطيني الأعزل .
كما أوصوا بدعوة المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف نزيف الدم وضمان إيصال المساعدات وحماية حقوق المظلومين، والتأكيد على دعم صمود أهل غزة والشعب الفلسطيني عامة في مواجهة العدوان المستمر، والتشديد على الحق المشروع الذي تكفله القوانين والمواثيق الدولية في الدفاع عن النفس والمقدسات، بالإضافة إلي رفض أي محاولات للتهجير أو طمس الهوية الفلسطينية، والتأكيد على تمسك الشعب الفلسطيني بقضيته العادلة كحق تاريخي وإنساني لا يسقط بالتقادم .
وكذلك دعوة المجتمع الدولي لتحمل المسؤوليات الأخلاقية والقانونية لوقف العدوان وحماية المدنيين، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، التأكيد على الدعم الكامل من قبل المؤسسات الدينية المصرية، بما في ذلك الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني في تحقيق دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد المفتي أن المشاركين في الندوة الدولية الثانية لدور وهيئات الإفتاء في العالم أكدوا على حقوق أهل غزة والشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، ورفض أي محاولات للتهجير أو طمس الهوية، بما يضمن حقهم المشروع في الدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم، ودعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، مع التأكيد على أن القضية الفلسطينية قضية إنسانية عادلة لا تسقط بالتقادم.
كما دعوا جميع أصحاب الضمائر الحية عربًا ومسلمين وغيرهم، للعمل على حماية حقوق الإنسان وإحياء قيم العدالة والكرامة الإنسانية، ومكافحة الجهل والفقر، وتعزيز التعليم ونشر الوعي الديني والثقافي الصحيح لدى الشباب والمجتمع، وتفعيل المبادرات الإفتائية وتوسيع نطاق خدمة الفتوى باللغات المختلفة لضمان الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستفيدين حول العالم، ودعم السلام العالمي وتعزيز ثقافة السلم والأمن بين الشعوب، مع التشديد على أهمية الخطاب الإفتائي الذي يحمي الإنسان ولا يعتدي على الغير.
وأوصوا أيضا بتخصيص الشباب في برامج التوعية والإرشاد الإفتائي، مع تصحيح المفاهيم الدينية والخاطئة لديهم، وتعزيز قيم الاعتدال والوسطية، وتأكيد دور المؤسسات الدينية الكبرى في مصر، ممثلة في الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، في دعم الفتاوى الإنسانية ومواجهة الأزمات، خصوصًا في حالات انتشار الأمراض والكوارث الطبيعية، ومكافحة التطرف الديني والفكري من خلال تنسيق الجهود بين المؤسسات الإفتائية، ونشر الخطاب المستنير الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة ويعزز الانتماء الوطني والإنساني.
وفي ختام كلمته، أعرب مفتي الجمهورية عن شكره لرعاية الندوة ولجهود دار الإفتاء المصرية في تنظيم هذا المحفل العلمي، مؤكداً على أن هذه المبادرات تمثل نموذجًا عالميًا لتفعيل دور الفتوى في خدمة الإنسان وصون كرامته.
المصدر:
مصراوي
مصدر الصورة