في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قالت النيابة العامة خلال مرافعتها فى محاكمة المتهم بقتل طفل الاسماعيلية وتحويل جثته الى اشلاء بمنشار كهربائى نقف اليوم أمام مأساة تجاوزت حدود الجريمة إلى حدود الضمير الإنساني ذاته. أمام واقعة لم يكتبها شيطان في ظلمة ليل، بل صنعها في وضح النهار وفي غفلة من الرقباء، حين تركنا أبناءنا أسرى لشاشات تملأ العيون وتفرغ العقول.
في مرافعة اتسمت ببلاغة الصدمة وقوة الاستدعاء الأخلاقي، وقفت النيابة العامة أمام هيئة المحكمة لتصف واقعة ليست كغيرها؛ واقعة خرجت من إطار الجريمة التقليدية إلى فضاء مظلم تمزج فيه التكنولوجيا بالانحراف، والشاشة بالقتل، والذكاء الاصطناعي بالتخطيط لجريمة مكتملة الأركان.
"سرقة هاتف.. بداية طريق انحدار لا عودة منه".. بدأت المأساة بشجار غير مرئي بين النقاء والظلام: طفلٌ ناجح متفوق يحمل هاتفًا جديدًا، ورفيقُ دراسة راسب تتسلل إليه مشاعر الغيرة والضيق.
لم يسمع المتهم كلمات الصداقة ولا دعوة التفوق، بل سمع وقع الهاتف في خياله هدفًا للسرقة.
مع إعلان نتائج العام الدراسي، ازداد غيظ المتهم، إذ وجد نفسه مضطرًا لمواجهة من سرق هاتفه، بعد أن جمعهما الصف نفسه.
كانت تلك اللحظة التي انكسرت فيها مقاومته، وبدأ يفكر – بلا وازع – في التخلص من صاحب الهاتف نهائيًا.
"اجتماع شيطانين: خيال منحرف… وتكنولوجيا بلا ضمير".. أحد أخطر ما تضمنته المرافعة كشفه النيابة عن أن المتهم استعان ببرنامج الذكاء الاصطناعي ليحصل منه على “إجابات” تخدم جريمته:
كان هذا الجزء من المرافعة بمثابة جرس إنذار لمجتمع يترك أطفاله أمام أدوات تفوق قدرتهم على الإدراك، وتتيح لهم الاطلاع على ما لا يجوز معرفته.
"الغدر في غرفة مغلقة".. اصطحب المتهم صديقه إلى غرفته ثم انقض عليه محاولًا خنقه. ولما قاومه الطفل واستغاث، رفع المتهم مكواة الملابس ليهوي بها مرارًا على وجه ورأس ضحيته حتى فقد الوعي… ثم فقد الحياة.
بحسب ما سردته النيابة، استخدم المتهم “صاروخًا كهربائيًا” ليقطع الجثمان إلى ستة أجزاء، ثم وضعها في أكياس قمامة ونقلها على يومين إلى أماكن متفرقة.
أعلنت المرافعة أن المتهم انتقى أجزاء من جسد المجني عليه، طهاها وتناولها مستلهمًا مشاهد مسلسل أجنبي.
وهو مستوى من الانحراف الوحشي لم تعرفه القضايا الجنائية المصرية إلا نادرًا، وجاء وصف النيابة له ليعكس عمق الظلام الذي استوطن نفس الجاني.
عاد المتهم إلى منزله مطمئنًا، ينظف الدماء ويشعل البخور لإخفاء الرائحة، لكن ما بقي في المكان أقوى من كل محاولات الطمس: رائحة جريمة لا يخفيها بخور ولا ظلام.
أنهت النيابة مرافعتها بطلب واضح لا لبس فيه:
توقيع أقصى عقوبة مقررة في القانون، لما اقترفه المتهم من قتل عمد، وتمثيل بالجثة، واستعمال أدوات قاسية، وبشاعة غير مسبوقة في تنفيذ الجريمة.
اقرأ النص الكامل لمرافعة النيابة العامة في قضية طفل الإسماعيلية كما أذاعته النيابة العامة
الهيئة الموقرة، نقف اليوم أمام مأساة تجاوزت حدود الجريمة إلى حدود الضمير الإنساني ذاته. أمام واقعة لم يكتبها شيطان في ظلمة ليل، بل صنعها في وضح النهار وفي غفلة من الرقباء. حين تركنا أبناءنا أسرى لشاشات تملأ العيون وتفرغ العقول.
ما أشد خطر الشاشة إذا لم يحسن الكبار مراقبتها، وما أفظع أثرها حين تصبح مربياً بلا ضمير، ومعلماً بلا خلق، وموجهاً بلا رقيب.
فما بين أيدي عدالتكم ليست أوراق قضية فحسب، بل مرآة لزمن تغير فيه شكل الجريمة وتبدل معه وجه الخطر. صار الخطر يسكن بين جدران البيوت، لا يحمل خنجراً ولا سيفاً، بل صورة وصوتاً، وشاشة تعلم أبناءنا ما لم يأذن به الله من فساد وضلال.
خطر دخل البيوت في أثواب براقة، تغري الأبصار وتعمي البصائر، تسلل إليها دون أن يُرى، وهتك سترها دون أن يخلف عليه دليلاً.
الهيئة الموقرة، بدأت وقائع دعوانا، وأنه وفي غضون شهر يونيو الماضي، التقى المجني عليه بالمتهم وبادره بإخباره:
"الآن بت أملك هاتفاً محمولاً مثلك يا صديقي، لنطمئن على بعضنا البعض ولنعينا أنفسنا على التفوق في الدراسة".
إلّا أن المتهم، ذلك الذئب اللئيم، لم يسمع شيئاً من كلام صديقه، بل لمعت عيناه لمعة شر، وركز على هدفه الثمين؛ هاتف المجني عليه المحمول.
"لأسرقنه، ولأنفقن ثمنه على ملذاتي".. أضمر ذلك في نفسه. فما إن غاب المجني عليه عن نظره حتى غافله المتهم وأخذ هاتفه المحمول وانصرف.
ثم كان للقدر شأن آخر… حيث ظهرت نتيجة العام الدراسي، فكان المجني عليه من المتفوقين الناجحين ونُقل للصف الثاني الإعدادي، وكان المتهم من الراسبين المتخلفين عن زملائه.
ولما علم المتهم بذلك، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، إذ كان يعتمد في عدم مقابلة المجني عليه – بعد سرقة الهاتف – على اختلاف الصفين الدراسيين واتساع المدرسة.
أما الآن، وقد أصبحا في صف واحد وطابور واحد، فقد أدرك أن المجني عليه سيواجهه لا محالة.
فقرر المتهم إكمال طريق الشر الذي بدأه مبكراً، وغاب عن المدرسة تجنباً لملاقاة المجني عليه، حتى ضاقت عليه حلقات الكذب والخوف من افتضاح أمره أمام والده والمدرسة.
جلس يفكر مع شيطانه، فاجتمع شيطانان: شيطان من الإنس وشيطان من الجان.
صفق له الجان وبارك شره، وأرشده إلى استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتجنب الاتهام.
فانفرجت أسارير المتهم، ولجأ إلى برنامج "ChatGPT"، يسأله: كيف يقتل؟ كيف يخفي الجثة؟ كيف يمحو الحمض النووي؟ كيف يضلل الشرطة؟ كيف يفلت من الضبط؟
ولما أحكم خطته الشيطانية، بدأ يجمع أدوات التنفيذ، دون أن يرف له جفن.
اصطحب المجني عليه إلى غرفته، وأغلق الباب، ثم حاول خنقه.
قاومه الطفل، فسقط مستغيثاً، فرفع المتهم مكواة الملابس، وانهال بضربات على رأسه ووجهه حتى خفت صوته تماماً، وسمع شقيقا المتهم الاستغاثة ففرّا من المنزل.
واعتصرت قبضة المتهم الأثيمة روح المجني عليه حتى أزهقها، ثم قال:
"ضربات غادران (غادرة) على رأسه ووجهه… أودعتها كل ما أوتيت من قوة."
ثم أحضر "الصاروخ الكهربائي" وقطع الجثمان إلى ستة أجزاء:
الذراعان، الساقان، الرأس، النصف العلوي من الجذع، النصف السفلي.
ثم اختار قطعتين من لحم الجثمان، وضعهما في الثلاجة، ثم طهاهما وأكلهما محاكياً ذلك المسلسل المشؤوم.
ووضع بقايا الجثمان في أكياس قمامة، ونقلها بالحقيبة المدرسية على يومين إلى أماكن مختلفة.
عاد إلى بيته فرحاً بجرمه، يمسح الدماء ويشعل البخور لطمس رائحة الموت… لكن دماء المجني عليه بقيت شاهدة تصرخ في جنبات المنزل.
وختاماً، تطالب النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم، جزاءً وفاقاً لما ارتكبت يداه من جرم عظيم.
المصدر:
اليوم السابع