كانت ليلة هادئة في حي الشيخ زايد، هدوء يبدو شديد البراءة إلى الحد الذي لا يوحي بأن خلف أحد الأبواب المغلقة كانت مأساة تتجاوز كل خيال.
داخل شقة صغيرة تسكنها سيدة ستينية مع ابنها الشاب، انقلبت المشاعر رأسًا على عقب، وتحولت العلاقة الأقدس في الوجود -علاقة أم بولدها- إلى مسرح جريمة صادمة.
قبل ساعات قليلة فقط من اكتشاف الحقيقة، كان الشاب يحتفل بإتمام والدته عامها الستين. كتب منشورًا على صفحته: "مش هقدر أوصف بحبك قد إيه… كل سنة وإنتي طيبة يا أمي". منشور بدا مليئًا بالحنان لكنه كان مجرد ستار لزلزال داخلي يتفجر لاحقًا.
مدير قطاع أكتوبر تلقى بلاغًا من شرطة النجدة بالعثور على سيدة مقتولة داخل مسكنها، إثر تهشيم رأسها بقطعة حديدية. تفاصيل البلاغ وحدها كانت كافية لتشير إلى جريمة عنف بالغة القسوة. سرعان ما انتقلت قوة من مباحث قسم ثان الشيخ زايد إلى مكان الواقعة، لتجد الأم جثة هامدة، وآثار الاعتداء واضحة على رأسها.
لم تكن هناك علامات اقتحام أو سرقة ما يعني أن الجاني من داخل البيت وكل الأصابع بدأت تشير نحو شخص واحد: ابنها.
في الساعات الأولى لاستجوابه، حاول الشاب -الذي لا يتجاوز الأربعين- تقديم مبررٍ بدا غريبًا ومربكًا. قال رجال التحقيق إن "أحدهم أخبره بأن والدته تمتلك فيديوهات على الإنترنت"، وإن شكوكه في سلوكها هي التي دفعته للانفعال والاعتداء عليها.
مبرر بدا منذ اللحظة الأولى غير منطقي لكنه كان كافيًا ليكشف اضطرابًا نفسيًا واضحًا ومع استمرار التحقيق، بدأت الحقيقة تظهر تدريجيًا. واجهته المباحث بعدة أسئلة، وضغطت عليه بالأدلة، حتى انهار اعترافه الأول، واعترف بما حاول إخفاءه.
تبيّن أن الشاب مدمن مخدرات، وأن خلافًا وقع بينه وبين والدته قبل الحادث بدقائق، عندما طلب منها مالًا لشراء المخدر، لكنها رفضت بشدة. كان رفضها قاطعًا، ربما بهدف إنقاذه من نفسه، لكنها لم تكن تعرف أن تلك اللحظة ستكون الشرارة التي تشعل المأساة.
رفضها أغضبه إلى حد فقدان السيطرة، أمسك بقطعة حديدية كانت بالقرب منه، وهاجم والدته بضربة قاتلة على الرأس، أسقطتها أرضًا فورًا، قبل أن يتأكد من وفاتها، ويجلس بجوار الجثة في حالة صمت مرعب.
بينما كانت الأم تُقتل داخل منزلها، كان منشور عيد ميلادها لا يزال يتلقى تعليقات الأصدقاء: "ربنا يخليهالك.. كل سنة وهي طيبة.. ربنا يديم المحبة بينكم".
إلى تلك اللحظة لم يكن أحد يعرف أن الجمل اللطيفة تلك أصبحت بلا معنى، وأن صاحبتها فارقت الحياة على يد من احتفل بها قبل ساعات.
انهارت الصورة الوردية التي حاول الشاب رسمها لنفسه على مواقع التواصل. اعترف بقتل والدته في مشهد خرج من دائرة الخلاف الأسري، ودخل إلى منطقة الجريمة البشعة التي لا يمكن تبريرها.
أُلقي القبض عليه، وأحيل للنيابة العامة التي بدأت التحقيقات، وسط صدمة مجتمعية كبيرة من جريمة اهتز لها الرأي العام.
المصدر:
مصراوي
مصدر الصورة