لم تتخيل كثير من الزوجات أن البيت الذي شاركن في بنائه بالصبر والحب والتضحية، سيكون يوما سببا في انهيار حياتهن، بعدما وجدن أنفسهن على الأرصفة بلا مأوى، مرغمات على مغادرة مسكن الزوجية الذي كان يفترض أن يكون ملاذا آمنًا لا ورقة ضغط أو وسيلة للإهانة، حيث يظن بعض الأزواج أن طرد الزوجة من المنزل مجرد إجراء لمعاقبتها والضغط عليها، بينما يعتبره القانون أشد صور الضرر الأسري التي تهدم كيان الزوجية من جذوره.
وبالتعليق علي تلك الإشكالية قال أيمن طارق خبير قانون الأحوال الشخصية، أن طرد الزوجة من مسكن الزوجية يعد ضررا جسيما يقع على الزوجة ماديا ومعنويا، ويجيز لها طلب التطليق للضرر، والحصول على تعويض مناسب إذا ثبت أن الزوج تعمد إخراجها دون مسوغ شرعي أو قانوني، أو منعها من الدخول بالقوة.
وأضاف أن القانون لا يمنح الزوج الحق في إخراج زوجته من المنزل أو إسكاتها بعبارة "هذا بيتي"، فالمسكن طالما كان معدا للإقامة المشتركة يصبح حقا أصيلا للزوجة طوال قيام العلاقة الزوجية، ولا يجوز طردها إلا بحكم قضائي.
أشار طارق المختص بقانون الأحوال الشخصية إلى أن إثبات واقعة الطرد ليس صعبا كما يعتقد البعض، ويمكن الاستناد إلى عدة أدلة قانونية قوية:
1- محضر الشرطة
2- تحرير محضر رسمي فور وقوع الطرد يعد أهم دليل، ويثبت منع الزوج للزوجة من الدخول إغلاق الأبواب أو تغيير الأقفال وشهادات الجيران أو المتواجدين وقت الواقعة.
2- الشهود حيث يمكن للزوجة الاستعانة بالجيران أو الأقارب الذين حضروا مشهد الطرد أو شاهدوا امتناع الزوج عن السماح لها بالعودة.
3- الرسائل والمحادثات إذا تضمنت تهديدا أو اعترافا بالطرد، يمكن تقديمها للمحكمة.
4- المستندات والعقود لإثبات إقامة الزوجة في المسكن عبر إيصالات خدمات أو أحكام سابقة يعزز موقفها القانوني.
ويوضح الخبير أن الزوجة تتخذ الخطوات التالية لحماية حقوقها من تحرير محضر إثبات حالة بالطرد، رفع دعوى تطليق للضرر موضحة واقعة الطرد وأدلته، المطالبة بنفقة ومسكن حضانة في حال وجود أطفال، طلب تعويض مادي عن الضرر النفسي والمادي الذي لحق بها، استصدار أمر تمكين من مسكن الزوجية أو مسكن بديل.
أوضح المختص أن تقدير حق الزوجة في المسكن يخضع لعدة اعتبارات قانونية منها وجود أطفال من الزواج وفي هذه الحالة تحصل الزوجة على مسكن حضانة أو أجر مسكن وفق قدرة الزوج المالية، أما عند إنتهاء العلاقة الزوجية دون أطفال تنظر المحكمة في تعويض الطرد والأضرار الناتجة عنه، أما عند مشاركة الزوجة في تجهيز أو سداد أقساط المسكن يحق لها استرداد حصتها المادية أو ما يوازي قيمتها.
واختتم الخبير حديثه قائلا أن المحكمة توازن بين مستوى المعيشة السابق للزوجة وقدرة الزوج المالية، لضمان عدم تشريدها بعد الطلاق أو خلال النزاع، ومن يطرد زوجته لا يعتدي على حق مادي فقط، بل يهدم الأساس الذي قامت عليه العلاقة الزوجية، فـ القانون لا يقف متفرجا، بل يمنح الزوجة سلاحا قانونيا لاسترداد مسكنها وكرامتها.
المصدر:
اليوم السابع