آخر الأخبار

مستشار المركز العربى للدراسات: الإخوان تتلقى ضربة مالية عابرة للحدود

شارك

قال أبوبكر الديب، مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية، يمثل أقوى ضربة مالية تتعرض لها الجماعة منذ تأسيسها قبل نحو قرن، مؤكداً أن القرار يشكل تحولاً جذرياً في تعامل واشنطن مع الشبكات المالية العابرة للحدود المرتبطة بها.

وأضاف الديب، أن أهمية القرار لا تكمن فقط في رمزيته السياسية، بل في كونه يفتح الباب أمام أكبر عملية تجفيف محتملة لمصادر التمويل التي تعتمد عليها الجماعة في نشاطاتها الداخلية والخارجية، سواء كانت هذه التمويلات مباشرة أو عبر واجهات اقتصادية وخيرية وشركات عابرة للدول.

وأكد الباحث، أن إدراج فروع الإخوان في مصر ولبنان والأردن تحت دائرة التصنيف الأمريكي يضع مجمل النشاط الاقتصادي للجماعة تحت المجهر، موضحاً أن الولايات المتحدة باتت تعتبر هذه الفروع "شبكات مالية قد تُسهم في زعزعة الاستقرار أو تقدم دعم غير مباشر لأطراف مسلحة في الإقليم".

تأثير القرار على البنية المالية للجماعة

وقال الديب إن اقتصاد الإخوان الارهابية يعتمد منذ عقود على شبكة مالية غير مركزية تتوزع بين شركات، جمعيات خيرية، استثمارات عقارية، مدارس، أنشطة تجارية، وشركات خدمات، إلى جانب استثمارات أفراد يدينون بالولاء التنظيمي، وقد بني هذا النموذج خصيصاً ليكون قابلاً للتكيف، وصعباً على الملاحقة المباشرة.

وأضاف: أن ما يميز اقتصاد الجماعة هو اعتماده على نظام طبقات مالية، تشمل:


1. طبقة المؤسسات والكيانات المعلنة: مدارس، شركات مقاولات، مراكز طبية، مؤسسات تعليمية. 2. طبقة الشركات الواجهة: التي تُدار بأسماء لا تظهر ارتباطاً مباشراً بالتنظيم. 3. طبقة الاقتصاد الموازي: نشاطات تجارية غير رسمية، وصناديق مالية داخلية تعتمد على اشتراكات الأعضاء. 4. طبقة التمويل الخارجي: تحويلات من داعمين أفراد ومنظمات صديقة في مناطق مختلفة.

وأكد الديب أن تأثير القرار الأمريكي سيكون كبيراً خصوصاً على الفئات الثانية والثالثة والرابعة، إذ يعتمد التصنيف الأمريكي على الاشتباك مع الشبكات المالية غير الرسمية أكثر من استهداف الأفراد.

مصادرة الأصول وتعطيل حركة الأموال

وقال أبوبكر الديب إن أهم ما يترتب على القرار هو إمكانية تجميد أي أصول ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بفروع الإخوان أو المنظمات المشتبه بارتباطها بها داخل الأراضي الأمريكية أو ضمن النظام المالي الأمريكي، بما في ذلك حسابات أفراد ورجال أعمال، أو شركات لها تعاملات بالدولار.

وأضاف أن النظام المالي العالمي ، المرتبط بالدولار، يجعل أي كيان يدخل ضمن نطاق التصنيف عُرضة لإجراءات شديدة مثل:

- رفض البنوك الدولية التعامل معه.
- تجميد التحويلات. - إغلاق الحسابات المشبوهة. - وضع الشركات المرتبطة به على قوائم الفحص المشدد. - صعوبة الحصول على تمويلات أو قروض. - تعطيل الأنشطة التجارية التي تعتمد على استيراد أو تصدير عبر بنوك مراسلة أمريكية.

وأكد "أبو بكر" أن هذه الإجراءات ستُحدث اختناقاً مالياً شديداً لأن جزءاً كبيراً من نشاط الإخوان الاقتصادي يعتمد على التحويلات عبر مصارف دولية وليس على النقد المحلي فقط.

ضرب الشركات الواجهة و"اقتصاد الظل"

وقال" الديب" إن أخطر ما تواجهه الجماعة بعد القرار الأمريكي هو سقوط الغطاء عن الشركات الواجهة التي طالما استخدمتها الجماعة لتحقيق أرباح تموّل نشاطاتها أو تمرر عبرها عمليات نقل أموال.

وأضاف أن الشركات التي تعمل في مجالات مثل المقاولات والصرافة والتعليم والتجارة الدولية والخدمات اللوجستية والاستثمار العقاري. قد تخضع الآن لمراقبات مشددة، خصوصاً تلك التي تتعامل بالدولار أو تجري التحويلات عبر بنوك أمريكية أو بوسطات مالية مرتبطة بنظام "سويفت".

وأكد أن "اقتصاد الظل" الذي تعتمد عليه الجماعة، سواء عبر صناديق اشتراكات الأعضاء أو أنشطة غير رسمية، لن يكون بمنأى عن التأثر، لأن الضغط القانوني والمالي يدفع عادة إلى تضييق دائرة التحرك ورفع درجة المخاطر لكل من يتعامل مع الجماعة.

التأثير على التمويل الداخلي للحركات التابعة

وقال أبوبكر الديب إن فروع الجماعة في المنطقة كانت تعتمد على شبكات تمويل محلية يُعاد تدويرها داخل كل بلد، لكن القرار الأمريكي سيؤدي إلى:

- ضعف الثقة بين الممولين المحليين وتلك الفروع.
- إحجام رجال الأعمال عن الاستمرار في تقديم الدعم المالي خوفاً من الملاحقة. - تعرض المؤسسات الخيرية المرتبطة بالجماعة لضغوط متزايدة بشأن مصادر التمويل. - صعوبة تحويل الأموال بين الدول، خصوصاً إذا كان فرع ما يخضع لتصنيف أمريكي. وأكد "الديب" أن هذه التأثيرات تخلق فراغاً مالياً كبيراً داخل هيكل التنظيم، يحتاج إلى سنوات لتعويضه.

التبعات على الاستثمارات الخارجية والتحويلات

وأضاف الديب أن النشاط الاستثماري للجماعة خارج المنطقة، سواء عبر شركات أو أفراد، يعتمد على الاستثمار في أسواق آمنة تقليدياً؛ كالأسهم، الأدوات المالية، والأنشطة التجارية.
ومع القرار الأمريكي، فإن أي فرد له ارتباط تنظيمي معلَن أو مشتبه به، سيواجه: - تدقيقاً ضريبياً واسعاً. - مراجعات على مصدر الأموال. - احتمال تجميد الأصول إن كان النشاط تحت مظلة منظمة مصنفة. وأكد أن هذا يعني أن جزءاً من الثروة السائلة للجماعة سيصبح "عالِقاً" أو صعب الحركة، ما يؤدي إلى تراجع القدرة على تمويل مشاريع داخلية أو دعم أفرع خارجية.

الضربة المعنوية وتأثيرها على السوق

وقال أبوبكر الديب إن تأثير القرار الأمريكي يتجاوز الجانب المالي، إذ يؤدي إلى تآكل الثقة التنظيمية داخل الجماعة نفسها، كما يرفع التكلفة السياسية والاقتصادية على أي شركة أو مؤسسة تتعاون معها.

وأضاف أن الشركات الواجهة التي كانت تُظهر نفسها ككيانات مستقلة ستجد صعوبة في الحفاظ على صورتها أمام الحكومات والبنوك، ما يعرّضها لمزيد من التدقيق والمشكلات القانونية.
وأكد أن ذلك يؤدي إلى اضطراب في السوق المحلية في بعض الدول، خاصة تلك التي كانت تعتمد على استثمارات أعضاء الإخوان في قطاعات مثل التعليم والصحة والتجارة.

هل يمثل القرار نهاية اقتصاد الجماعة؟

أوضح الديب أن القرار الأمريكي لن يؤدي إلى اختفاء اقتصاد الإخوان، لكنه سيجعل كل نشاط مالي قائم على السرية صعباً، وكل نشاط معلن عرضة للملاحقة.
وأضاف أن التنظيم قد يحاول التحول نحو: - تقليل الاعتماد على التحويلات. - زيادة الاعتماد على النقد. - تخفيض حجم الشركات والواجهات. - الاعتماد على شبكات محلية بدلاً من شبكات دولية.


لكن هذه البدائل كما أكد أبو بكر الديب أقل كفاءة وأعلى مخاطرة، ولن تعالج الضربة الكبرى المتعلقة بفقدان قدرة الجماعة على الحركة المالية السلسة عبر الحدود.

واختتم الديب مؤكداً أن القرار الأمريكي يمثل أكبر تهديد مالي تواجهه جماعة الإخوان منذ عقود، لأنه يمس أساس قوتها، وقال إن العقوبات المالية عادةً ما تكون أقوى من العقوبات السياسية، لأنها تعطل الحركة وتكشف الواجهات وتربك الحسابات وتُضعف القدرة على التنظيم، مشيراً إلى أن الأشهر المقبلة ستشهد إعادة رسم كاملة لخريطة الاقتصاد الإخواني في المنطقة.


شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا