شهد حزب الجبهة الوطنية، خلال الساعات الماضية، عدة استقالات داخلية، جاء أبرزها استقالة اللواء كمال الدالي، أمين الجبهة بالجيزة، والذي أعلن انسحابه من السباق الانتخابي بشكل كامل.
استقالة "الدالي" رغم أنها الأبرز، إلا أنها لم تكن الوحيدة، فقد أعقبها بنحو ساعتين إعلان محمد سليم، أمين عام مساعد حزب الجبهة بأسوان، استقالته واعتذاره عن خوض انتخابات مجلس النواب 2025 عن دائرة كوم أمبو.
قبل الحزب استقالة "الدالي" وكلف الوزير محمد عبد الظاهر، أمين أمانة العلاقات الحكومية، بتسيير أعمال الأمانة بمحافظة الجيزة بكافة الاختصاصات.
قرار الحزب بخلافة "عبد الظاهر" لـ "الدالي"، حسبما ورد في بيان رسمي صادر عنه، أتى حرصًا على تسيير أعمال الأمانة لحين تعيين أمين للمحافظة.
أما بالنسبة لمحمد سليم، فقد أصدر الحزب بيانًا نفى فيه على لسان السيد القصير، أمينه العام، ما تردد عن تقديم المرشح محمد سليم استقالته من منصب أمين حزب الجبهة بمحافظة أسوان لأنه لا يتولى هذا الموقع بالحزب.
وجاء في بيان الحزب أيضًا أن "سليم" ليس مرشحًا عن "الجبهة الوطنية" في كوم أمبو، ولا يوجد أي مرشح للحزب في تلك الدائرة من الأساس.
استقالات أخرى توالت بعد ذلك، ضمت الدكتور عمرو بسطويسي، أستاذ جراحة القلب والصدر بطب قصر العيني، من منصب أمين لجنة الصحة في حزب الجبهة بالجيزة.
وفي سوهاج، أعلن أحمد حميد العمدة، أمين الحزب، ونشأت محمد إسماعيل حسين، أمين التواصل الجماهيري، وهبة محمد فهمي العطار، أمينة المرأة، استقالتهم من مناصبهم.
وفي وقت سابق بتاريخ 23 أكتوبر 2025، أعلن اللواء صلاح شوقي عقيل، أمين الحزب بسوهاج، استقالته من منصبه في بيان وجّهه إلى قيادات الحزب وأعضائه بالمحافظة.
الدكتور عبد الله المغازي، عضو الهيئة التأسيسية بحزب الجبهة الوطنية، قال إن حزب الجبهة يتعامل مع ما يتردد من خلال بيانات رسمية، موضحًا أن الاستقالة التي تم البت فيها حتى الآن هي الخاصة باللواء كمال الدالي، وتم تعيين الوزير محمد عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة بكل الاختصاصات.
وأضاف "المغازي" في تصريحاته إلى مصراوي، أن المستشار محمد سليم يتولى منصب أمين مساعد بأمانة التنظيم المركزية، والتي يوجد فيها بجانب الأمين العام ستة أمناء مساعدين، وبالتالي فهو واحد من ستة أشخاص يتولون نفس المنصب، لافتًا إلى أنه لم يكن من الأساس مرشحًا عن الحزب في الانتخابات.
وأشار عضو الهيئة التأسيسية للجبهة الوطنية، إلى أن حزب الجبهة يتواجد على مستوى 27 محافظة ويضم الآلاف من القيادات، وبالتالي فإن حدوث بعض الاستقالات المحدودة، خاصة في موسم الانتخابات، ليس سابقة، بل حدث كثيرًا من قبل في عدد من الأحزاب ومن بينها مستقبل وطن وحماة وطن، وبينهم أشخاص في الإعادة.
وتابع: الحزب لم يُقصر مع مرشحيه، وخاصة اللواء كمال الدالي، لكن في المجمل العام هذا حزب سياسي يضم آلاف القيادات، وحينما يستقيل شخص أو اثنان أو ثلاثة، من السهل على الحزب الدفع بغيرهم، وإذا كانت هناك أسباب حقيقية للاستقالة، سيعمل الحزب على معالجتها.
وأشار الدكتور عبد الله المغازي، إلى أنه مع أن يدرس الحزب أسباب هذه الاستقالات، مضيفًا: بالتأكيد يجب أن يكون هناك اجتماع للهيئة التأسيسية للحزب لمعرفة ماهية الأسباب خلف الاستقالات التي تمت، من أجل معالجة الأخطاء - إن وجدت - وتلافيها خلال الفترة المقبلة، وسنطلب اجتماعًا من رئيس الحزب والأمين العام، مع أعضاء الهيئة التأسيسية للحزب.
الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات، قال إن آلية إدارة المشهد الانتخابي تقف خلف استقالات الأحزاب، وعلى رأسها حزب الجبهة.
وأضاف "ربيع" في تصريحاته إلى مصراوي، أن مستقبل وطن يتحكم في المشهد الانتخابي، وهو ما يغضب أعضاء الحزب، خاصة فيما يتعلق بترتيب الأحزاب في القائمة الوطنية.
وأشار الخبير بمركز الأهرام للدراسات، إلى أن ما يثير الأزمة أن أعضاء حزب الجبهة انضموا للحزب مع تصور أنه سيتصدر المشهد السياسي والحزبي في مصر ليحل بديلًا عن مستقبل وطن في الصدارة، لكن ما حدث لاحقًا خيب توقعاتهم.
وأوضح أن المشهد الانتخابي الحالي في مصر يشوبه الكثير من الأزمات، نتج عنه إلغاء انتخابات المرحلة الأولى داخل مصر في 19 دائرة.
وحول رؤيته للمشهد الحزبي داخل "الجبهة الوطنية" خلال الفترة القادمة، توقع "ربيع" أنه في حالة استمرار ملابسات المشهد الحالي فإن أزمة الاستقالات سوف تستمر هي الأخرى.
عبد الناصر قنديل، خبير النظم والتشريعات البرلمانية، رأى أن حزب الجبهة ليس الوحيد في ظاهرة الاستقالات، فهي ظاهرة مصاحبة للأحزاب الناشئة كطبيعة للعملية السياسية في مصر.
وقال "قنديل" في تصريحاته إلى مصراوي، إن ما حدث في حزب الجبهة حدث مثله في مستقبل وطن وحماة الوطن بأشكال مختلفة، مضيفًا: أي حزب جديد ناشئ يعتقد بعض العناصر أنه يمكن التسلق إلى الهيكل القيادي فيه للحصول على مكاسب، وحينما لا تتمكن من تحقيق ذلك تتقدم باستقالتها.
وتابع عبد الناصر قنديل: ما يحدث في حزب الجبهة ليس غريبًا عن المناخ العام، وجميع أحزاب القائمة يوجد داخلها صراع كبير بسبب طريقة هندسة القائمة، في ناس كانت طمعانة تدخل القائمة وفوجئت باستبعادها لصالح آخرين، ما أثار غضبًا شديدًا.
وذكر خبير النظم والتشريعات البرلمانية، أن الأمر ظهر جليًا في حزب الجبهة بسبب الاهتمام الكبير بهذه التجربة منذ انطلاقها، وتسليط الضوء عليها.
واتفق "قنديل" مع ما ذكره الدكتور عمرو هاشم ربيع، في أن البعض حينما انضموا لحزب الجبهة، اعتقدوا أنهم ينضمون إلى حزب الأغلبية القادم، لكنهم فوجئوا أن الحزب أتى في المركز الثالث خلف مستقبل وطن وحماة الوطن، بل إن المقاعد التي حصل عليها الحزب أصبحت محل خطر، خاصة أن النسب التي تحققت لهؤلاء المرشحين تشير إلى احتمالية الإقصاء من المشهد، فقرروا القفز من المركب.
وتابع "قنديل": الأحزاب الثلاثة الكبرى في مصر أحزاب غير برامجية، ليس لديها برامج ولا رؤى أيديولوجية تؤكد أن العضو المنضم لها يحمل نفس أفكارها ورؤيتها، وبالتالي يكون لديه استعداد للدفاع عنها مهما كلفه من ثمن، ما نراه جماعات مصالح ذات غطاء حزبي، وجماعات مصالح – وهو أمر طبيعي – حينما لا تجد ما تبحث عنه تقفز من المركب.
وأوضح أن حزب الجبهة يضم جزءًا كبيرًا من قيادات سابقة من حزبي مستقبل وطن وحماة وطن وغيرهما، مشيرًا إلى أن ولاء جماعات المصالح يكون لمصالحها وليس لفكرة الحزب أو أيديولوجيته.
المصدر:
مصراوي
مصدر الصورة