بدأت المحاضرة الخاصة مع إلديكو إنيدي بعنوان " شاعرية الواقع "، على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، ويديرها الناقد السينمائي محمد طارق، المدير الفنى لـ مهرجان القاهرة السينمائي ، منذ قليل، وكشفت إلديكو إنيدي قائلة:"أن التجارب التي يعيشها الإنسان في طفولته ومراهقته تترك بصمتها العميقة على خياراته اللاحقة، وأن هذه المؤثرات لا تكتسب قيمتها إلا حين يمتلك الفرد القدرة على التقاطها وعدم تجاهلها، انا انضممت بوعي تام إلى مشهد الفن تحت الأرض فى بودابست خلال ثمانينيات القرن الماضى، إذ وجدت فى هذا الوسط مساحة تعبّر من خلالها عن حساسيتها وفضولها".
واشارت إلديكو إنيدي قائلة:" طبيعيتي الشديدة الفضول دفعتنى، بشكل غير متوقع، إلى الاهتمام بعلوم الطبيعة، التي شكلت لسنوات طويلة مصدراً أساسياً لـ الهمامي، رغم بعدي الظاهر عن مجال السينما، كنا انني اعترف بأن لدي ميلاً إلى الانطواء الاجتماعي، وهي سمة تنعكس على حياتي بطرق عدة، لكنني اري فيها جانباً إيجابياً ساعدني على التعمق في ذاتي وصياغة مساري الفني الخاص".
وأوضحت إلديكو إنيدي قائلة:" انا لم اتعمد تخطيطاً مسبقاً لمسيرتي، بل سرت وفق ما تمليه عليا ثقافتي وتجربتي النتجذرة في الإرثين الهنغاري والأوروبي، ورغم ذلك، ابقيت رحلتي الفنية شديدة الخصوصية، بعيدة عن التصنيفات التقليدية".
وتابعت إلديكو إنيدي قائلة:"هنالك كتاب صدر قبل أعوام حول صناع السينما الهنغاريين بعد عام 1989، وخصص لي فيه فصل بعنوان “الخارجة عن السرب”، واعتبر أن هذا الوصف يلخص علاقتي بصناعة السينما، وانا لم تنتمم عمداً إلى مايعرف بالسينما الهنغارية أو شرق الأوروبية، بل تبعت فقط فضولي الداخلي ورؤيتي الخاصة".
وأكدت إلديكو إنيدي قائلة:"أن أفلامي تضم شخصيات متنوعة ومليئة بالنقائص، إلا انني اري في جوهر كل فرد جانباً من الخير، بالاضافة الي قناعاتي بأن أغلب البشر طيبون بطبيعتهم، مع وجود استثناءات قليلة للغاية".
تأتي هذه الجلسة تكريمًا للمخرجة والكاتبة الهنغارية البارزة إلديكو إنيدي، إحدى أهم الأصوات الأوروبية وأكثرها تفردًا وخيالًا، والتي يمنحها المهرجان هذا العام جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر تقديرًا لمسيرتها الإبداعية الغنية.
تُعرف إلديكو إنيدي بقدرتها الاستثنائية على ابتكار لغة سينمائية شاعرية تمزج بين الواقع والخيال، وتُحول أبسط اللقاءات البشرية إلى تأملات فلسفية عميقة حول الحب والزمن والوجود. وقد أثرت السينما العالمية بمجموعة من الأعمال التي أصبحت علامات بارزة، من بينها: "My Twentieth Century" الحاصل على جائزة الكاميرا الذهبية من كان 1989، "On Body And Soul" الحاصل على الدب الذهبي من برلين 2017 ومرشح لاحقا للأوسكار، و"Silent Friend" أحدث أفلامها والذي عرض في مهرجان فينسيا 2025. وتفتح إلديكو إنيدي خلال المحاضرة نافذة على رحلتها الإبداعية التي امتدت لعقود، متحدثة عن افتتانها بثنائية الرؤية والوجود، وعن بحثها الدائم عن التوازن بين الخيال والصدق الفني، مؤكدة أن السينما في جوهرها فعل قائم على التعاطف وخلق الدهشة.
وتُعد هذه المحاضرة فرصة نادرة للجمهور للقاء واحدة من أهم المبدعات في السينما المعاصرة، والتعرّف عن قرب على رؤيتها الفريدة التى أعادت تشكيل مفهوم الشاعرية البصرية فى السينما الأوروبية والعالمية.
أُطلقت "أيام القاهرة لصناعة السينما" كمنصّة مخصصة لدعم وتطوير الصناعة السينمائية في العالم العربي وأفريقيا، من خلال توفير فرص التمويل والتدريب والتشبيك بين صُنّاع الأفلام والخبراء الدوليين. تضم الأيام عدة برامج ومحاور رئيسية أبرزها: ملتقى القاهرة السينمائي، منتدى المحترفين، وورش العمل المتخصصة. وقد أصبحت اليوم إحدى أهم الفعاليات المهنية فى المنطقة، لما تقدمه من فرص حقيقية لتطوير المشاريع والمواهب الناشئة.
يُعد مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أحد أعرق المهرجانات فى العالم العربى وأفريقيا، وأحد أبرز المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولى للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة. يحرص المهرجان فى كل دورة على الجمع بين البعد الفنى والبعد المهنى، ما يجعله منصة رئيسية للحوار بين الثقافات وتعزيز حضور السينما العربية على الساحة الدولية.
المصدر:
اليوم السابع