آخر الأخبار

بدائل الحبس الاحتياطي وتفتيش المنازل.. أبرز تعديلات الإجراءات الجنائية

شارك
مصدر الصورة

في خطوة تشريعية تعكس حرص الدولة على تطوير منظومة العدالة وتعزيز سيادة القانون، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وذلك بعد موافقة مجلس النواب وزوال أسباب الاعتراض عليه.

ويُعد هذا القانون من أبرز القوانين المنظمة لسير العدالة الجنائية في مصر، إذ يمثل تحديثًا شاملًا للإجراءات التي تحكم مراحل التحقيق والمحاكمة وتنفيذ الأحكام، بما يتواكب مع التطورات التشريعية والدستورية الحديثة.

ويهدف القانون الجديد إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق المتهم وضمان فاعلية العدالة الجنائية، من خلال تبسيط الإجراءات، وتسريع الفصل في القضايا، وتوسيع نطاق الضمانات القانونية، ويأتي صدور هذا القانون في إطار رؤية الدولة المصرية لتحديث البنية التشريعية وتعزيز الثقة في منظومة العدالة.

الحبس الاحتياطي

وقد نص القانون الجديد على بدائل للحبس الاحتياطي، حيث زادت من 3 إلى 7، وبالتالي، فإن وكيل النيابة أو قاضي التحقيق لم يعد مضطرًا إلى إصدار أمر حبس احتياطي، لأن لديه بدائل تحقق نفس النتائج بأقل حدة وضررا على المتهم والعدالة.

وأتاحت التعديلات الفرصة أمام سلطة التحقيق لاختيار الأوفق من بين بدائل الحبس الاحتياطي على نحو يفضي لتجنب اللجوء للحبس الاحتياطي إلا كإجراء أخير.

وتضمنت بدائل الحبس الاحتياطي المستحدثة؛ إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد إلا بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، وإلزام المتهم بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال، ومنع المتهم مؤقتا من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية وذخيرتها وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته، واستخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات.

وقال محمد سالم المحامي بالنقض والدستورية العليا، لـ "مصراوي" إن القانون الجديد حدد مدد الحبس الاحتياطي بدقة وجعلها مقيدة بشروط، كما استحدث بدائل مثل المراقبة الإلكترونية، والإفراج المشروط، والكفالة بضمان محل الإقامة، مؤكدًا أن "الحرية هي الأصل، والحبس هو الاستثناء".

وأوضح أن هذه التعديلات ستسهم في تقليل الزحام داخل أماكن الاحتجاز، حيث تمثل بدائل الحبس أدوات ردع فعالة، مؤكدًا أن المراقبة الإلكترونية والإفراج المشروط يحققان التوازن بين حق الدولة في المتابعة وحق المواطن في الحرية.

وأكد أن القانون الجديد يحقق الردع والعدالة معًا، فسرعة التقاضي تعني إنصاف المظلوم في وقته، وعدم إفلات الجاني من العقاب بسبب بطء الإجراءات، مشيرًا إلى أن "الردع يتحقق بالعدالة السريعة التي تُعيد الثقة في القضاء المصري".

وأضاف أن القانون أدخل الدولة إلى عصر العدالة الرقمية من خلال السماح بتسجيل التحقيقات إلكترونيًا، وحضور الجلسات عن بُعد في بعض الحالات، وتقديم المذكرات إلكترونيًا، وهو ما يعكس تحولًا حقيقيًا نحو "القضاء العصري الذكي" الذي يجمع بين السرعة والشفافية.

ضمانات دستورية لتفتيش المنازل

كما تضمن القانون الجديد ضمانات لتفتيش المنازل، حيث أكدت النصوص على أن للمنازل حرمة لا يجوز دخولها، ولا تفتيشها، ولا مراقبتها أو التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب يحدد المكان والتوقيت والغرض منه، مع تنبيه من في المنزل عند دخوله أو تفتيشه واطلاعه على الأمر الصادر في هذا، ويستثنى من هذا حالات الخطر الناجم عن الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، وتم تحديد حالات الخطر في المادة ٤٨ من القانون استجابة لاعتراض رئيس الجمهورية، حيث كان نص المادة 48 الذي اعترض عليه الرئيس ينص على استثناء من حكم المادة ٤٧ من هذا القانون لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة فى حالات الخطر والاستغاثة.

وجاءت أسباب الاعتراض من رئيس الجمهورية بسبب أن المادة لم تحدد هذه المادة المقصود بحالات الخطر التي تجيز لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المحال المسكونة، بما قد يمس بالحماية الدستورية المقررة لها طالما لا توجد محددات أو تعريف متوافق عليه لحالات الخطر، وهو ما رأى معه رئيس الجمهورية إعادة النظر في هذه المادة من أجل تحديد هذه الحالات أو وضع تعريف لها منعاً من التوسع في التفسير وامتدادها لحالات لم يقصدها المشرع الدستوري لدى صياغة نص المادة (٥٨) من الدستور، سيما أن حرمة المنازل وغيرها من المحال المسكونة من الحقوق الأصيلة واللصيقة بالشخصية التي يجب الانحياز لها من خلال الصياغة المحكمة لأي استثناء يرد عليها.

ونصت المادة 48 فى القانون الذى صدق عليه رئيس الجمهورية بعد تعديها من مجلس النواب، "استثناء من حكم المادة 47 من هذا القانون لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الاستغاثة أو الخطر الناجم أو الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك".

ومن جانبه قال "عبدالرازق مصطفى" محامٍ بالنقض، إن التعديل ساهم في تضييق الأسباب التي يجوز بناءً عليها إصدار إذن التفتيش، ولم يعد الأمر مجرد شك عام، بل يجب أن يكون هناك قرائن قوية ومحددة تشير إلى وجود أدلة أو شخص مطلوب داخل المنزل.

وتابع "مصطفى" أن تعديل القانون يؤكد على مبدأ الضرورة والتناسب، أي يجب أن يكون التفتيش ضرورياً للتحقيق ولا يمكن تحقيقه بوسائل أقل مساساً بالحقوق، من حيث يكون إذن التفتيش محدداً بدقة من حيث المكان المراد تفتيشه والغرض منه والوقت الذي يجوز فيه التفتيش، مما يمنع التفتيش العشوائي أو التعسفي.

وأضاف أن مواد القانون الخاصة بتفتيش المنازل تضمن ضوابط بشأن المضبوطات التى يتم ضبطها خلال التفتيش، فأجازت لمأمور الضبط القضائي أن يضبط الأشياء والأوراق التي يحتمل أن تكون قد استعملت في ارتكاب الجريمة، أو نتجت عن ارتكابها، أو وقعت عليها، ويحرر بذلك محضر يوقعه المتهم، أو يذكر فيه امتناعه عن التوقيع ويضعها في حرز مغلق، ويختم عليها، ويكتب على شريط داخل الختم تاريخ المحضر المحرر بضبطها، ولا يجوز فض الأختام الموضوعة إلا بحضور المتهم أو وكيله.

وتتمثل أبرز الأحكام المستحدثة في المواد محل الاعتراض بعد تعديلها فيما يلي:

- النص على العمل بقانون الإجراءات الجنائية الجديد بدءًا من أول العام القضائي التالي لتاريخ إصداره في 1 أكتوبر 2026، وذلك حتى يتسنى للقائمين على إنفاذه من قضاة وأعضاء نيابة عامة ومأموري ضبط قضائي ومحامين الإلمام بالأحكام المستحدثة، وإتاحة الوقت أمام المحاكم لإنشاء مراكز الإعلانات الهاتفية المنصوص عليها في القانون.

- ترسيخ الحماية الدستورية المقررة للمساكن، وتوضيح حالات دخولها على سبيل الاستثناء وفق ضوابط محددة (الاستغاثة أو الخطر الناجم عن الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك).

- تنظيم إجراءات حضور المحامين أثناء استجواب المتهم الذي يخشى على حياته، وزيادة الضمانات المقررة للمتهم الذي يتقرر إيداعه أحد مراكز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز لحين استجوابه بحضور محاميه، وذلك من خلال تقييد أمر الإيداع بأن يكون في حالات وبمبررات محددة، ولمدة مؤقتة، وإخضاع أمر الإيداع لرقابة قضائية، وتخويل المتهم المودع حق الطعن على الأمر القضائي الصادر بإيداعه أو بمد هذا الإيداع، وليس كما كان منصوص عليه من عدم وضع سقف زمني للإيداع.

- زيادة بدائل الحبس الاحتياطي لتكون سبعة بدائل بدلًا من ثلاثة، وذلك لإتاحة الفرصة أمام سلطة التحقيق لاختيار الأوفق من بين بدائل الحبس الاحتياطي على نحو يفضي لتجنب اللجوء للحبس الاحتياطي إلا كإجراء أخير (بدائل الحبس الاحتياطي المستحدثة هي: إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد إلا بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، وإلزام المتهم بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال، ومنع المتهم مؤقتا من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية وذخيرتها وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته، واستخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات).

- إنفاذ توصية اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية بعرض أوراق القضية التي يحبس متهم على ذمتها احتياطيًا بصفة دورية على السيد المستشار النائب العام كلما انقضت ثلاثة أشهر على حبسه أو على آخر عرض لها لاتخاذ الإجراءات التي يراها كفيلة للانتهاء من التحقيق، وليس لمرة واحدا كما كان منصوص عليه في مشروع القانون.

- التأكيد على استمرار العمل بالإجراءات التقليدية لإعلان الخصوم بجانب الإعلان بوسائل تقنية المعلومات المستحدثة بموجب مشروع القانون، وذلك حال تعذر الإعلان بها لأي سبب من الأسباب حتى لا يتعطل العمل ويتم الحفاظ على المواعيد القانونية.

- زيادة الضمانات المقررة للمتهم بجناية الذي يحاكم غيابيًا حال تعذر حضوره أو وكيله الخاص في أي من الجلسات المحددة لنظر الاستئناف المرفوع منه، وذلك بإلزام المحكمة بتأجيل نظر الاستئناف لمرة واحدة لإتاحة الفرصة لحضوره، حتى يمكن من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه إزاء خطورة الاتهام بجناية.

وتمثل هذه التعديلات التشريعية إضافة هامة للضمانات المقررة لحماية حقوق الإنسان، سواء لشخصه أو لمسكنه، وتقلل من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، وتزيد من سرعة إنجاز تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المحاكمة، وتكفل في الوقت ذاته ضمانات المحاكمة المنصفة.

مصراوي المصدر: مصراوي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا