لفت دير مارجرجس البطريركي للروم الأرثوذكس بـ مصر القديمة الأنظار بعد ظهوره المميز في مشاهد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير ، حيث أبرز الحفل جانبًا آخر من عظمة مصر المتنوعة في حضارتها، إذ يتجاور التراث الفرعونى مع الإرث المسيحى في أبهى صور التعايش والتكامل.
ويُعد الدير واحدًا من أقدم وأعرق الأديرة في مصر والشرق الأوسط، بما يحمله من قيمة دينية وتاريخية وفنية وإنسانية فريدة.
وفيما يلي 10 معلومات تكشف أسرار هذا الدير العريق الذي يعد من أهم رموز المسيحية في أرض الكنانة:
يقع الدير في منطقة بابليون بمصر القديمة، وهي واحدة من أقدم المناطق الأثرية في القاهرة، وتُعرف اليوم باسم “مجمع الأديان”، حيث تتجاور الكنائس والمساجد والمعابد في مشهد فريد يعكس التسامح الديني الممتد عبر العصور.
دير مارجرجس قائم منذ أكثر من 1500 عام دون انقطاع للحياة الرهبانية، وكان مركزًا روحيًا وخدميًا وإنسانيًا عبر التاريخ، إذ ضم مدرسة لليتامى ومستشفى لمساعدة الفقراء والمرضى.
تحولت منطقة بابليون من حصن روماني ومقر للجنود إلى مركز ديني وروحي بفضل مرور العائلة المقدسة بالمكان، ليصبح الحصن فيما بعد ديرًا رومانيًا أرثوذكسيًا يحتفظ بعناصر معمارية من الطرازين الروماني والبيزنطي.
يُعد الدير موقعًا مقدسًا لأن العائلة المقدسة أقامت في هذا المكان أثناء رحلتها إلى مصر، ولذلك يحمل قيمة روحية فريدة في الوجدان المسيحي، فكل موقع مر به السيد المسيح يُعتبر أرضًا مباركة، ولهذا تلقب مصر بـ"الأرض المقدسة".
يضم الدير سبع كنائس صغيرة تمثل أيام الأسبوع، وتُقام فيها الصلوات اليومية بحسب الطقس الأرثوذكسي، في تقليد روحي فريد يعبر عن عمق الحياة الرهبانية التي لم تنقطع عبر القرون.
من الكنوز الأثرية داخل الدير وجود برجين رومانيين كان نهر النيل يمر بينهما قديمًا، ويوجد أسفل أحدهما أقدم مقياس للنيل، وهو شاهد فريد على العلاقة بين الحياة الدينية والنهر الخالد في وجدان المصريين.
يحتوي الدير على مجموعة من الأيقونات النادرة التي تعود للقرون من الحادي عشر حتى الخامس عشر الميلادي، وتُعتبر من أثمن المقتنيات الفنية والروحية في الكنيسة الأرثوذكسية بالعالم.
من أبرز ما يميز الدير أيقونة السيدة العذراء المعروفة باسم “عذراء القاهرة”، وهي من الأيقونات النادرة في الشرق، كما يحوي الدير توابيت لقديسين وبطاركة الإسكندرية مصنوعة من الجرانيت المصري، ما يجمع بين الفن القبطي والهوية الوطنية.
في الكنيسة الرئيسية بالدير يوجد منبران متميزان، أحدهما يُتلى منه الإنجيل باللغة اليونانية – وهي لغة الإنجيل الأصلية – والآخر بالعربية، تعبيرًا عن التواصل بين التراث الكنسي القديم والثقافة المصرية الحديثة.
يرجع تاريخ ازدهار الأديرة والكنائس إلى عصر الملك قسطنطين الكبير الذي أصدر مرسوم ميلانو عام 313 ميلادي معلنًا حرية العبادة للمسيحيين، وهو ما مهّد لتأسيس الرهبنة ونمو الأديرة في مصر، ومنها دير مارجرجس الذي بدأ نشاطه الرهباني المنظم منذ القرن الخامس الميلادي.
ويظل دير مارجرجس البطريركي للروم الأرثوذكس شاهدًا على التسامح والتنوع في مصر، وواحدًا من المعالم التي تجسد عمق الإيمان وجمال التراث. وظهوره في مشاهد افتتاح المتحف المصري الكبير أعاد تسليط الضوء على جذور الحضارة الروحية التي تشارك في رسم ملامح مصر عبر العصور.
المصدر:
اليوم السابع
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة