رحب الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي بالجهود المصرية المبذولة في إطار المرحلة الأولى من حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة، مؤكدا أن الدور المصري كان محوريا وحاسما في التوصل لتوافقات مهمة تمهد لإنهاء الانقسام الفلسطيني المدمر.
وقال الدكتور مهران في تصريحه لـ"اليوم السابع"، إن المخرجات الأولية للحوار تعكس نجاحا ملموسا في تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية المختلفة خاصة حركتي فتح وحماس ، موضحا أن التوافق على مبادئ أساسية مثل ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات شاملة يمثل خطوة إيجابية مهمة على طريق الوحدة الوطنية.
وأشاد بالدور المصري الاستثنائي في إدارة الحوار بحكمة وحياد وصبر، مؤكدا أن القاهرة نجحت في خلق مناخ من الثقة والتفاهم بين الأطراف المتحاورة، لافتا إلى أن مصر وفرت كل الإمكانيات اللوجستية والسياسية والأمنية لإنجاح الحوار واستخدمت علاقاتها الواسعة مع جميع الأطراف الفلسطينية والإقليمية والدولية لدعم المصالحة.
وأكد الخبير الدولي، أن التجربة التاريخية تثبت أن مصر هي الوسيط الوحيد الذي يحظى بثقة جميع الفصائل الفلسطينية وأن القيادة المصرية ملتزمة بدعم الشعب الفلسطيني حتى تحقيق حلمه في الحرية والاستقلال مشيرا إلى أن اتفاقات المصالحة السابقة التي تمت برعاية مصرية كانت الأكثر نجاحا واستدامة رغم المعوقات الخارجية.
وحول التوافق الفلسطيني على عدم منح إسرائيل ذريعة للعودة للحرب أكد الدكتور مهران أن هذا الإجماع يعكس نضجا سياسيا واستراتيجيا عاليا لدى الفصائل الفلسطينية مبيناً أن القانون الدولي يحمي حق الشعوب في المقاومة المشروعة لكنه يلزمها أيضا بحسن إدارة المراحل الانتقالية وعدم إعطاء الطرف المعتدي ذرائع لاستئناف العدوان.
وأكد أن القيادات الفلسطينية أدركت أن إسرائيل تبحث عن أي ذريعة لتفجير اتفاق وقف إطلاق النار والعودة لحرب الإبادة في غزة وأن الحكمة تقتضي ضبط النفس والالتزام الصارم بالاتفاق مع توثيق الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لافتا إلى أن هذا الموقف يتماشى مع مبادئ القانون الدولي التي تحث على حل النزاعات بالطرق السلمية كلما أمكن ذلك.
وبين مهران أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تؤكد على مبدأ حسن النية في تنفيذ الاتفاقيات وأن الطرف الفلسطيني يلتزم بهذا المبدأ بينما تواصل إسرائيل انتهاكاتها الممنهجة، مؤكدا أن هذا الالتزام الفلسطيني يعزز الموقف القانوني والأخلاقي للقضية الفلسطينية أمام المجتمع الدولي.
وشدد الدكتور مهران، على أن إنهاء الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس وبين الضفة الغربية وغزة ليس خيارا سياسيا بل ضرورة قانونية ووجودية لإحياء وتثبيت أركان القضية الفلسطينية مشددا علي أن القانون الدولي يعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها لكن ممارسة هذا الحق تتطلب إرادة وطنية موحدة وممثلا شرعيا واحدا للشعب.
وأكد استاذ القانون الدولي، أن الانقسام الفلسطيني يشكل أخطر تهديد للقضية الفلسطينية لأنه يضعف الموقف التفاوضي الفلسطيني ويسهل على إسرائيل فرض الأمر الواقع ويقوض المصداقية الدولية للقيادة الفلسطينية، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي يتردد في الاعتراف بدولة فلسطينية موحدة طالما بقي الانقسام قائما.
كما أوضح أن القانون الدولي يشترط لقيام الدولة وجود حكومة فعالة قادرة على السيطرة على إقليمها وأن الانقسام بين سلطتين متنافستين في الضفة وغزة يقوض هذا الشرط الأساسي، مؤكدا أن الوحدة الوطنية ستمكن الفلسطينيين من تقديم صورة موحدة أمام المحاكم الدولية والمنظمات الدولية مما يعزز فرص النجاح في القضايا المرفوعة ضد إسرائيل.
وشدد الدكتور مهران، على أن الوحدة الوطنية ضرورية لتثبيت الأركان الأساسية للقضية الفلسطينية في مواجهة المحاولات الإسرائيلية المحمومة لتصفيتها ، موضحا أن هذه الأركان تشمل: حق العودة للاجئين الفلسطينيين المكرس في القرار 194، وحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ورفض الاستيطان والضم، والمطالبة بمحاسبة إسرائيل على جرائمها.
ولفت إلى أن الانقسام يسمح لإسرائيل بالمناورة واللعب على التناقضات الفلسطينية وتقديم نفسها كطرف يبحث عن السلام بينما الفلسطينيون منقسمون مشيرا إلي أن الوحدة الوطنية ستحرم إسرائيل من هذه الورقة وستضعها أمام مسؤولياتها كدولة احتلال.
ودعا مهران إلى التنفيذ الفوري للتوافقات التي تم التوصل إليها، مؤكداً أن مصر ستواصل دعم المصالحة الفلسطينية حتى تحقيق الوحدة الكاملة وأن الشعب الفلسطيني يستحق قيادة موحدة قادرة على قيادته نحو الحرية والاستقلال مؤكدا أن القانون الدولي يقف إلى جانب الحق الفلسطيني وأن الوحدة الوطنية هي المفتاح الذهبي لتحقيق هذا الحق على أرض الواقع.
المصدر:
اليوم السابع