فى حكم قضائى نهائى ورسالة حاسمة فى قضايا الحضانة والنفقة، أرست محكمة النقض مبدًا قانونيًا يقضى بأن الحاضنة التى تمتلك مسكنًا خاصًا بها، سواء كان تمليكًا أو إيجارًا، أو تقيم مع والديها إقامة مستقرة، لا تستحق أجر مسكن حضانة ولا التمكين من شقة الزوجية، إذ تنتفى بذلك علة استحقاقها لهذا الأجر أو المسكن، مؤكدة أن الغرض من تقرير هذا الحق هو حماية الصغار من التشريد لا تحقيق مكاسب إضافية.
وجاء هذا المبدأ متسقًا مع ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 5 لسنة 8 قضائية "دستورية"، التى حكمت بعدم دستورية الفقرة من المادة (18 مكررًا ثالثًا) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، فيما تضمنته من إلزام الأب بتهيئة مسكن للحاضنة مطلقًا، حتى لو كان لها أو لصغارها مسكن أو مال يكفيهم للسكنى.
وأكدت المحكمة الدستورية العليا فى حيثياتها أنه لا يجوز إلزام الأب بتهيئة مسكن حضانة إذا كان للصغار مال حاضر يكفى لسكناهم أو كانت الحاضنة تمتلك مسكنًا تقيم فيه، سواء كان ملكًا أو إيجارًا، إذ أن العدل يقتضى أن يُراعى واقع الحال لا الافتراضات القانونية المطلقة.
وفى السياق نفسه، شددت محكمة النقض – فى الطعن رقم 5378 لسنة 74 قضائية أن التمكين من مسكن الزوجية أو المطالبة بأجر مسكن حضانة مشروط بعدم توافر مسكن بديل للحاضنة، لأن الأصل فى تقرير هذا الحق هو حماية الصغار من التشريد وضمان استقرارهم، فإذا كانت الحاضنة تقيم فى مسكن مملوك لها أو مؤجر بعقد قانونى، أو تتوافر لها إقامة دائمة لدى ذويها، فإن الغرض من المسكن قد تحقق بالفعل، ولا يجوز تحميل الأب التزامًا مزدوجًا.
وأكدت محكمة النقض فى حيثياتها أن قرارات التمكين التى تصدرها النيابة العامة هى قرارات وقتية تحفظية لا تمس أصل الحق فى الملكية أو الحيازة، ولا تُقيد المحكمة المدنية أو الأسرية عند نظر النزاع حول المسكن.
 
 وقالت المحكمة، إن "قرار التمكين لا يعد حكمًا قضائيًا باتًا، ولا يحوز حجية الأمر المقضى به، إذ يُتخذ كإجراء وقتى تنظيمى لحماية الحيازة، ولا يمنع المحكمة المختصة من بحث ملكية المسكن أو أحقية الحاضنة فى أجره أو الاستمرار فيه."
يقول المحامى إبراهيم أبو الحسن، المتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، أن حكم النقض يُعد تصحيحًا لفهم خاطئ حيث كان البعض يعتبر قرار التمكين الصادر من النيابة ملزمًا بذاته، رغم أنه مجرد إجراء وقتى لحين حسم الملكية أو أحقية السكن.
 ويضيف: النقض وضعت حدًا لاجتهادات كثيرة، فليس من العدل أن تُمنح الحاضنة مسكنًا أو أجر مسكن رغم امتلاكها شقة أو إقامتها المريحة لدى أسرتها، لأن الغرض من المسكن هو رعاية الصغار لا التربح من الأب، الحكم يعيد التوازن بين حقوق الأب والأم فى قضايا الحضانة ويمنع إساءة استخدام التمكين كوسيلة ضغط.
 
النقض تُغلق باب التحايل فى قضايا الأسرة: أجر المسكن يسقط بوجود مسكن بديل
وأشار إلى أن الحكم يحقق توازنًا حقيقيًا بين مصلحة الأطفال وحقوق الآباء، ويعيد ضبط معايير العدالة فى قضايا الحضانة، التى تشهد تضاربًا بين النصوص والتطبيق العملى، للمحكمة أن تفصل فى النزاع حول المسكن أو الأجر وفقًا للواقع الفعلى وحاجة الصغار لا وفقًا للقرارات الإجرائية.
وشدد المختص: بهذا الحكم، أرست محكمة النقض مبدأ العدالة الواقعية، مؤكدّة أن الحضانة ليست أداة للمكايدة أو الكسب، وإنما تكليف بالمسؤولية ورعاية الصغار، ولم يعد من حق الحاضنة الجمع بين امتلاك سكن خاص وطلب أجر مسكن أو التمكين من شقة الزوجية، فى خطوة تُعيد الانضباط لمنظومة قضايا الأسرة وتغلق بابًا واسعًا أمام النزاعات المتكررة فى محاكم الأسرة.
 المصدر:
        
             اليوم السابع
    
    
        المصدر:
        
             اليوم السابع