شهد عام 2025 انفجارا غير مسبوق فى الاكتشافات العلمية التى اعادت رسم خريطة التاريخ الطبيعى للأرض، فبينما كانت فرق بحثية فى استراليا تكشف ذبابة متحجرة تعود إلى أكثر من 151 مليون عام، كشفت بعثة علمية فى الأرجنتين عن العثور على أقدم ديناصور معروف حتى الآن، كما كشفت الأرجنتين أيضا عن بيضة عمرها 70 مليون عام.
وشهد شمال إقليم ريو نيجرو فى باتاجونيا فى الأرجنتين، حدثا علميا استثنائيا حيث عثر فريق من علماء الحفريات على بيضة شبه سليمة عمرها نحو 70 مليون عام، ويحتمل أن تحتوى على جنين ديناصور لاحم فى طور النمو، وتم الكشف عن البيضة فى بث مباشر ضمن بعثة العصر الطباشيرى الأولى التابعة للمتحف الأرجنتينى لعلوم الطبيعة، مما جعل الحدث محط اهتمام عالمى.
وقال فديريكو أنولين، أحد الباحثين: "هل هذا حقيقي؟.. فى لحظة امتزجت فيها الدهشة الإنسانية بالإنجاز العلمي".
وأوضح الباحثون، أن القشرة والتكوين البيولوجى للبيضة فى حالة حفظ نادرة، مما يرجح انتمائها إلى جنس بونابارتينيكوس (Bonapartenykus) وهو ديناصور صغير آكل للحوم عاش فى نهاية العصر الطباشيرى، وسيُخضع الفريق العينة لسلسلة من الفحوص الدقيقة بالأشعة المقطعية والمسح ثلاثى الأبعاد لتحديد وجود الجنين ومرحلة تطوره.
فى الجانب الآخر من العالم، فاجأ علماء من جامعة سيدنى المجتمع العلمى بعد إعلانهم عن اكتشاف ذبابة متحجرة عمرها 151 مليون سنة فى ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية.
الحفرية، التى أُطلق عليها اسم Telmatomyia talbragarica، وُجدت فى صخور بحيرة قديمة تعود إلى العصر الجوراسى، وتُعد أقدم دليل على وجود فصيلة Podonominae فى النصف الجنوبى من الأرض.
هذا الاكتشاف أجبر العلماء على إعادة النظر فى أصل وتطور الحشرات الطائرة، إذ كان يُعتقد أن موطنها الأول هو القارة الشمالية القديمة لوراسيا، لكن وجودها فى أستراليا يثبت أنها نشأت فى جوندوانا الجنوبية. كما أظهرت الدراسة أن الذبابة امتلكت آلية دقيقة للتشبث بالأسطح، وهى خاصية لم تكن معروفة لدى الكائنات التى تعيش فى المياه العذبة فى تلك الحقبة.
وفى يونيو 2025، أعلنت بعثة علمية أرجنتينية، بالتعاون مع متحف التاريخ الطبيعى فى بوينس آيرس، عن اكتشاف ديناصور يعود عمره إلى 240 مليون سنة فى منطقة سان خوان شمال البلاد، ليصبح بذلك أقدم ديناصور معروف على الإطلاق.
والكائن الجديد، الذى أُطلق عليه اسم Ingentia prima australis (العملاق الأول الجنوبي)، يبلغ طوله نحو 10 أمتار، وكان يتميز بعظام جوفاء ونظام تنفسى قريب من الطيور الحديثة، ويعتقد الباحثون أنه عاش قبل تطور السلالات الكبرى من الديناصورات المفترسة والنباتية، ما يجعله حلقة مفقودة فى فهم أصل هذه الفئة من الكائنات.
وقال الدكتور ليوناردو سالجادو، أحد القائمين على البحث، أن هذا الاكتشاف يغير تمامًا الجدول الزمنى لتطور الديناصورات، مشيرًا إلى أن الأرجنتين تثبت مرة أخرى أنها مهد لأهم أسرار عصور ما قبل التاريخ.
ويرى خبراء فى علم الحفريات أن عام 2025 مثل نقلة نوعية فى فهم التاريخ التطورى للحياة على الأرض، حيث سمحت تقنيات المسح المجهرى ثلاثى الأبعاد وتحليل النظائر المشعة بالكشف عن تفاصيل دقيقة لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمن.
هذه الاكتشافات، من بيضة الديناصور فى الصين إلى الذبابة فى أستراليا والديناصور فى الأرجنتين، تؤكد أن كوكب الأرض لا يزال يخفى طبقات من التاريخ لم تُقرأ بعد، وأن كل حفرية جديدة هى بمثابة رسالة من الماضى تذكّرنا بعمق رحلة الحياة وتعقيدها.