لم يكن اللواء حازم مشعل مجرد رجل أمن يؤدي عمله من خلف مكتب أو بين الأوراق والتقارير، بل كان دائمًا في الميدان وسط زملائه، يشاركهم المسؤولية والمخاطر.
رجلٌ اختار الطريق الأصعب، طريق الواجب حتى اللحظة الأخيرة من حياته.
في يوم عادي من أيام الخدمة، خرج اللواء حازم عبد الحميد شاكر مشعل مساعد مدير الإدارة العامة للمرور للمنطقة الغربية، لمتابعة تنفيذ الإجراءات المرورية بطريق العلمين الصحراوي.
لم يكن يعلم أن تلك الجولة الروتينية ستكون الأخيرة، على الكيلو 17 من الطريق، وبالتحديد في دائرة مركز وادي النطرون بمحافظة البحيرة، فوجئ سائق ميكروباص بوجود الكمين المروري، فلم يتمكن من التوقف في الوقت المناسب، لتصطدم سيارته باللواء حازم مشعل، ويرحل في لحظة صادمة، شهيدًا أثناء تأدية الواجب.
الخبر وقع كالصاعقة على زملائه، الذين لطالما عرفوه رجلًا لا يعرف التراخي لا يتأخر عن نداء، ولا يختبئ خلف الأوامر.
كان من القادة الذين يفضلون التواجد في الشارع، لا في المكاتب. عُرف بحزمه وهدوئه في الوقت ذاته، وبأخلاقه العالية التي جعلته محبوبًا بين من عملوا معه.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قرارًا جمهوريًا بترقية اسمه استثنائيًا إلى رتبة "لواء مساعد وزير الداخلية"، تقديرًا لتاريخه، وتكريمًا لروحه.
القرار حمل رقم 549 لسنة 2025، ونُشر في الجريدة الرسمية، ليظل اسمه خالدًا في سجل الشرف الوطني.
النيابة باشرت التحقيق، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط السائق، والتحفظ على المركبة.
تفاصيل الحادث كانت موجعة، لكنها لم تُخفِ الحقيقة الأهم: أن مصر تفقد رجالًا من خيرة أبنائها، يضحون بأنفسهم من أجل أن يسود الأمن، ويستتب النظام، ويشعر المواطنون بالأمان.
اللواء حازم مشعل كان نموذجًا لهذا النوع من الرجال، لم يكن يبحث عن التكريم أو الأضواء، بل عن القيام بما يجب، وبما يليق بشرف الزي الذي ارتداه لسنوات.
وعلى مدار مسيرته الأمنية، حقق نجاحات كبيرة في تنظيم الحركة المرورية والسيطرة على العديد من المواقف الطارئة، وكان دائمًا من أوائل من يتواجدون في موقع الحدث.
ورغم أن رحيله كان مفجعًا، فإن سيرته ستبقى في ذاكرة كل من عرفه، وستبقى قصته تذكيرًا بثمن الأمن، وبأن خلف كل لحظة استقرار، هناك من يدفع حياته ثمنًا.