آخر الأخبار

محمود ترك يكتب: خالد النبوي.. النجم الذي يجذب الشخصيات نحوه لتصبح نجومًا

شارك

منذ بداياته الأولى، اختار النجم خالد النبوي أن يكون ممثلاً لا يكرر نفسه، وأن يبنى لكل شخصية ملامحها الخاصة من الداخل إلى الخارج. لم يكن التمثيل بالنسبة له مجرد مهنة أو وسيلة للشهرة، بل وسيلة للتعبير عن الناس كما قال فى أحد حواراته: "دائما لدى هذه الرغبة فى التعبير عن الناس"، وهى جملة تختصر فلسفته الفنية ووعيه برسالة الفن كقيمة إنسانية وثقافية.

النجم الذى سيتم تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى 46 ومنحه جائزة فاتن حمامة للتميز، ينتمى إلى المدرسة التى تؤمن بأن الممثل هو خالق الشخصية، وليس مجرد مؤدٍ لها. يشبه فى ذلك مثله الأعلى الراحل أحمد زكي، الذى كان يجذب الشخصية نحوه حتى تذوب فيه، ليعيد تشكيلها على طريقته، وفق ما يراه من منطقها الداخلي، وموقعها فى المجتمع. هذا الوعى العميق بالتفاصيل جعله من أكثر ممثلى جيله تميزًا وقدرة على التنوع، بين التاريخى والاجتماعى والرومانسى والسياسي.

يتجلى ذلك فى أدائه لشخصية الإمام الشافعي، فى مسلسل "رسالة الإمام"، والتى جسدها معتمدا على كتبه فى ألفقه والشعر ليستنتج منها ملامحه الإنسانية وألفكرية. بذلك قدم النبوى الشخصية من منظور مختلف، وكشف عن الجانب ألفنى فى حياة الإمام.

مصدر الصورة
خالد النبوي

من بورسعيد إلى العالمية

ولد خالد النبوى فى بورسعيد، وتخرج فى المعهد العإلى للفنون المسرحية عام 1989، وهو العام نفسه الذى شهد أول ظهور له على شاشة السينما فى فيلم "ليلة عسل" للمخرج محمد عبد العزيز. لكن انطلاقته الحقيقية جاءت بعد ذلك بعامين حين شارك فى فيلم "المواطن مصري" للمخرج صلاح أبو سيف، الذى رأى فيه مشروع نجم يمتلك أدوات تمثيلية قوية ونظرة مختلفة للأداء.

مخرج بحجم صلاح أبو سيف اقتنع بموهبة خالد النبوى ليسند له بطولة الذى شارك فيه أيضا نجوم بحجم عمر الشريف وعزت العلايلى وصفية العمري، ولم يكن هو الوحيد الذى يرى فيه مشروع نجم شاب وموهبة مختلفة، إذ تلمس ذلك أيضا المخرج يوسف شاهين، الذى يعتبره النبوى "كبير الشغلانة" على حد قوله، ليأتى عام 1994 ويصبح مفصليًا فى مسيرته، إذ شارك مع المخرج الملقلب بـ "جو" فى فيلم "المهاجر" الذى فتح له أبواب العالمية.

النبوى يعتبر هذا ألفيلم أهم نقطة تحول فى حياته، ويقول عن شاهين: "لولا المهاجر ما كنت وصلت إلى ما أنا عليه الآن، فقد تعلمت منه الكثير". بعد ذلك توالت أعماله مع شاهين، أبرزها "المصير"، الذى أكد مكانته كأحد أبرز الوجوه الجديدة فى التسعينيات.

مصدر الصورة
بوستر فيلم المهاجر

أساتذة فى المشوار

منذ بداياته، التزم خالد النبوى بنصيحة أستإذه فى المعهد سعد أردش، الذى قال له: "التزم بدورك كممثل فقط، ودع المخرج يتولى الباقي". هذه القاعدة أصبحت جزءًا من منهجه فى التعامل مع الأدوار، فلا يتدخل فى عمل المخرج، لكنه يغوص بعمق فى تحليل الشخصية التى يؤديها حتى تصبح حقيقية أمام الجمهور.

ويتذكر النبوى دائما دور أسإذته فى المعهد الذين تعلم منهم كيفية قراءة اللوحات التشكيلية، وأيضا سماع الموسيقى والتفرقة بين أنواعها، وغير ذلك من الأمور التى شكلت شخصيته، ومنهم كرم مطأوع، نبيل الألفي، سميرة محسن وأشرف ذكي، وكذلك رضوان الكاشف الذى أعطاه نصيحة ما زال يعمل بها حتى الآن، إذ قال فى حوار تلفزيوني: كان لدينا معا مشروع فيلم سينمائى بعنوان "الأوله شبرا" لم يتم انتاجه، وشعرت بضيق وقته، لكنه فاجئنى بقوله ألا أفكر فى السينما وأعيش الحياة أولا "وبعد كدة أعمل أفلام". إذ كان يؤمن المخرج الراحل بأن ألفنان يجب أن يعيش الحياة ودون ذلك لن يستطيع أن يقدم أعمالا فنية، ليدرك النبوى أن التمثيل ليس معزولًا عن التجربة الإنسانية.

هذه النصائح من أساتذته ساهمت كثيرا فى بناء شخصيته، حتى أن ألفنانة نشوى مصطفى كشفت فى برنامج تلفزيونى أنه كان يرفض أعمالا فى بدايته لعدم اقتناعه بها، ما كان يثير دهشة زملائه. وفى الوقت الذى رفض فيه هذه الأعمال قبل أخرى دون النظر إلى المقابل المادي، ففى مسلسل حديث "الصباح والمساء"، الذى جسد فيه شخصية "دأود باشا"، لم ينظر إلى أجره ووقع العقد "على بياض"، لإعجابه بالقصة التى كتبها الأديب العالمى نجيب محفوظ.

مصدر الصورة
خالد النبوي فيلم الديلر

ويؤمن النبوى أيضا بأن الإنسان مهما كان عمله، يجب أن يتقنه على أكمل وجه، ففى فيلم "الديلر" الصادر عام 2010، أصر على إلقاء خطابه باللغة الروسية بشكل حقيقي، فاستعان بشخص يجيد اللغة وتمرن على النطق لأيام طويلة، ثم فاجأ الجميع، بمن فيهم المخرج أحمد صالح، بأداء المشهد دون الحاجة إلى "ألفوتومونتاج" الذى كان المخرج سيتخدمه.

وبخلاف الأساتذة، فمن أكثر الأشخاص المؤثرين فى شخصية خالد النبوي، والدته التى توفيت عام 2018، فهى السبب فى كل ما هو جميل فى شخصيته. وقال عنها: "أمى ست عظيمة، وأى حاجة كويسة فيا هى سببها". وكانت تشجعه على القراءة منذ صغره، وتعطيه المال لشراء الكتب فى الأدب والمسرح. ومن موقف حدث معه فى بداياته تعلم الالتزام بالكلمةـ حين كان فى حيرة بين قبول فيلم أجره ضعف أجر مسلسل "بوابة الحلواني"، ونصحته والدته بأن يفى بوعده لصناع المسلسل، ومنذ ذلك اليوم أصبح الوفاء بالالتزامات مبدأ لا يتخلى عنه.

مصدر الصورة
خالد النبوي في امبراطورية ميم

التوازن بين السينما والدراما

يميز تاريخ النبوى أنه من النجوم القلائل الذين يوازنون بين حضورهم ونجاهم السينمائى والتلفزيوني، وذلك منذ خطواته ألفنية الأولى، فمن نجاح فى مسلسل "بوابة الحلواني" إلى التألق فى فيلم "المهاجر"، ثم العودة مرة أخرى إلى الدراما التلفزيونية بالجزء الثانى من "بوابة الحلواني"، وبعده نجاح لافت فى فيلم "المصير"، بل أنه كان حاضرا أيضا فى ألفيلم الذى فتح الباب أمام نجوم شباب لتجديد دماء السينما المصرية وهو "إسماعيلية رايح جاي" عام 1997 رفقة محمد هنيدى ومحمد فؤاد وحنان ترك، وبعدها بعام وأحد فقط تألق فى النسخة الدرامية التلفزيونية من رواية الأديب الكبير يوسف السباعى "نحن لا نزرع الشوك" رفقة آثار الحكيم. وحافظ على هذا النهج طوال مسيرته ألفنية، حتى أنه قدم العام الماضى مسلسل "إمبراطورية ميم" وفى نفس العام أيضا عرض له فيلم "أهل الكهف".

كما كانت له تجربة مسرحية مهمة على المستوى العالمى فى عرض بعنوان "كامب ديفيد"، التى جسد فيها شخصية الرئيس الراحل محمد أنور السادات على خشبة مسرح "أرينا ستيدج" فى واشنطن. فى البداية رفض الدور لاعتقاده أنه Miscast أو غير مناسب له شكلاً، لكنه تراجع بعد أن قرأ النص ووجد فيه تحديًا حقيقيًا، ليقدم وأحدًا من أكثر أدواره المسرحية تميزًا.

مصدر الصورة
خالد النبوي في مسرحية كامب ديفيد

وبخلاف "كامب ديفيد" للنبوى حضور قوى أيضا فى عدد من الأعمال السينمائية العالمية، إذ شارك فى فيلم Kingdom of Heaven "مملكة الجنة" للمخرج ريدلى سكوت، وFair Game "اللعة العادلة" إلى جانب ناعومى واتس وشون بن، كما لعب البطولة فى ألفيلم الأمريكي The Citizen"المواطن" الذى شارك من خلاله فى عدة مهرجانات دولية. ورغم ذلك النجاح الكبير فى السينما العالمية، لم يبتعد عن مصر، مؤكداً فى أكثر من مناسبة: "بحب بلدى جدًا، ولسه عندى كتير أقدمه للناس، ومش هسيب مصر".

لا يشاهد أعماله

لا يميل خالد النبوى إلى النظر إلى الماضى أو إعادة مشاهدة أعماله القديمة، ويقول: "لا أشاهد أفلامي، لا أريد أن أعود إلى لحظة فى الماضى أصلحها". يؤمن بأن ألفنان لا يصل فى أى عمل إلى الكمال، بل يقترب فقط، لذلك يسعى دائمًا لتقديم الجديد دون الاكتفاء بالنجاح السابق.

وفى الوقت نفسه، يحتفظ النبوى بحلم شخصى يرأوده منذ سنوات، وهو إخراج فيلم عن مدينته بورسعيد، كتب جزءًا من سيناريوه بنفسه عن فترة السبعينيات، ويتمنى تنفيذه قريبًا، مؤكدًا أنه لن يشارك فيه كممثل إلا إذا لم يجد من يناسب الدور.


الفنان خالد النبوي

نجوم شخصياته

خلال أكثر من3 عقود فى ألفن، ظل خالد النبوى محتفظًا بقدر من الغموض بعيدًا عن الأضواء الزائدة، قليل الظهور فى الإعلام، خجول بطبعه، ويفكر كثيرًا قبل أى مقابلة. يبرر ذلك بقوله: "عندما أعيش مع شخصية لا أظهر فى برامج تلفزيونية".

يرى أن النجومية لا تعنيه، قائلاً: "عمرى ما انشغلت أكون نجم، أنا مشغول بأن شخصياتى تبقى النجم". لذلك يتعامل مع كل عمل باعتباره فرصة لخلق نجم جديد، سواء كان "مرام فى "المهاجر"، أو الناصر فى "المصير"، أو دأود باشا فى حديث "الصباح والمساء"، أو محمود عبد الظاهر فى "واحة الغروب"، أو على الحلوانى فى "الديلر".


لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا