آخر الأخبار

سر إشادة ويتكوف.. ماذا فعل "المفاوض المصري" لإنجاح اتفاق غزة؟

شارك
مصدر الصورة

لم تكن إشادة عابرة بقدرات "المفاوض المصري"، تلك التي ألقاها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنما جاءت معبرة عن عامين من الجولات المكثفة والشاقة التي خاضها الفريق المصري بدأت فور اليوم التالي لـ"طوفان الأقصى"، لمنع تمدد حرب قضت على البشر والحجر على حد سواءً في قطاع غزة المنكوب.

وفي حديثه مع الرئيس السيسي، الخميس الماضي بقصر الاتحادية، قال "ويتكوف": "لديكم فريقا مذهلا.. لولا قيادتكم ومهارات فريقكم الفريدة، لما كنا استطعنا تحقيق الكثير. لقد أثبتوا كفاءة استثنائية في اللحظات الحاسمة"، مشيرا إلى دور رئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد: "ربما لن تسجل كتب التاريخ تفاصيل ما جرى، ولكن بدونكم سيدي لم نكن لنصل إلى هذه النتيجة".

ماذا قدم المفاوض المصري؟

خاض "المفاوض المصري" سلسلة مكثفة من اللقاءات والاجتماعات بين عواصم عدّة للوصول إلى اتفاق يقضي إلى وقف إطلاق النار في غزة، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، توّجت بنجاح أواخر نوفمبر 2023 بالوصول إلى هدنة قصيرة تحت وطأة تفاقم الأوضاع الإنسانية بالقطاع، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، تضمنت إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلية و200 أسير فلسطيني، لكنها سرعان ما انهارت بعد سبعة أيام لتعود العمليات العسكرية الإسرائيلية بعنف مجددًا.

لم تنقطع جهود "المفاوض المصري"، إذ واصل دوره حتى منتصف يناير من العام الجاري، حينما سلم الوسطاء مسودة نهائية لصفقة تهدف لوقف الحرب وتبادل الرهائن، بعد تحقيق تقدم في القاهرة والدوحة، والتي دخلت حيز التنفيذ يوم 19 يناير 2025 واستمرت لمدة شهرين شهدت إطلاق سراح رهائن وتحرير دفعات من الأسرى الفلسطينيين، قبل أن تشهد توترات وتنهار مجددًا في 18 مارس مُسجلة في ذات اليوم واحدة من أعنف ليالي الحرب.

ومن حينها، ظلّ المفاوض المصري يضغط مجددًا سعياً وراء صفقة شاملة توقف آلة الحرب الإسرائيلية وتمنع مخططات التهجير وتصفية القضية، وهي تلك الرحلة التي تعرض خلالها وفق مراقبين لـ"تشويه ومزاعم" حاولت النيل من أدواره خلال الوساطة.

من بين هذه المحاولات، التقرير الذي نشرته شبكة "سي إن إن" نقلًا عن مصادر لم تسمها، تناول مزاعم عن تغيير المفاوض المصري لبنود أحد مقترحات وقف إطلاق النار في مايو 2014، وهي تلك "الافتراءات" التي نفتها القاهرة جملة وتفصيلًا في حينها.

وما إن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته للسلام، حتى سارعت القاهرة بالتعاون مع الوسطاء للبناء عليه، وهو ما توّج في نهاية المطاف بالاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في شرم الشيخ قبل أيام، والذي من المنتظر التوقيع عليه رسمياً خلال قمة تستضيفها "مدينة السلام" يوم غدٍ الإثنين، بحضور ترامب وقادة دوليين.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات التي أعقبت إعلان اتفاق شرم الشيخ موجة واسعة من الإشادات بالمفاوض المصري وفريقه، حيث تداول مغردون صورًا للواء حسن رشاد ولفريق الوساطة المصري مرفقة بعبارات تقدير لما وصفوه بـ"الصبر الاستراتيجي والدبلوماسية الهادئة" التي جنبت المنطقة فصلاً جديدًا من الدمار.

خبرات متراكمة

بدوره، يرى السفير علي الحفني، الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن القاهرة خاضت واحدة من أكثر مراحل التفاوض تعقيدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني، مستندة إلى خبرة تراكمت عبر عقود من العمل الدبلوماسي جعلتها تمتلك مدرسة راسخة في فن التفاوض وإدارة الأزمات.

وقال الحفني في تصريحاته لـ"مصراوي"، إن مصر تتصدر جهود الوساطة رغم تعدد الوسطاء الدوليين والإقليميين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وقطر، نظرًا لموقعها التاريخي ومسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية، مشددًا على أن "المفاوض المصري يتحرك من منطلق وطني وإنساني ثابت، مدفوعًا بحكمة وخبرة متراكمة يعرفها العالم جيدًا".

وأضاف أن "العمل التفاوضي بطبيعته يحتاج إلى صبر وذكاء وقدرة على المناورة، لا إلى التسرع أو الانفعال، ومصر تمارس دورها في هذه المفاوضات عبر جميع مؤسسات الدولة، وبمنهجية تستند إلى ثوابت سياستها الخارجية الراسخة تجاه القضية الفلسطينية".

وأكد الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية أن "مصر صاحبة مدرسة تفاوضية عريقة، تعرف كيف تُدير الأزمات بتأنٍ ووعي"، موضحًا أن وضوح الأهداف، والتعامل بشرف وشفافية مع مختلف الأطراف، والرؤية المتماسكة المدركة لتعقيدات المشهد الإقليمي، جميعها عوامل تمنح القاهرة الثقة في المضي نحو تحقيق غاياتها.

وشدد على أن "هناك من لا يدرك عمق الخطوات المصرية أو يسيء فهمها أحيانًا، سواء بسبب طبيعة الملفات المعقدة أو التسرع في الحكم على نتائج المفاوضات".

"جهد استثنائي"

بدوره، قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير فرج، إن المفاوض المصري بذل خلال العامين الماضيين جهدًا استثنائيًا في إدارة مسار تفاوضي معقد، جمع بين الصبر والاحترافية والقدرة على المناورة السياسية، مؤكدًا أن القاهرة كانت حاضرة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، تطرح الأفكار وتقدم البدائل وتعمل على إقناع الأطراف كافة، وخصوصًا حركة "حماس"، بضرورة التحلي بقدر من المرونة.

وأوضح فرج في تصريحات لمصراوي، أن أول نجاح ملموس حققه الفريق المصري تمثل في إقناع "حماس" بعدم المشاركة في إدارة قطاع غزة عقب انسحاب القوات الإسرائيلية، وهو ما اعتبره إنجازًا مهمًا للدبلوماسية المصرية، موضحا أن المفاوضات بلغت ذروتها في اليومين الأولين من اجتماعات شرم الشيخ، حين تمكن الوفد المصري، برئاسة اللواء حسن رشاد، من بلورة معظم بنود الاتفاق استنادًا إلى المقترحات الأميركية التي تضمنت عشرين بندًا، قبل وصول المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر في اليوم الثالث، حيث جرى حينها استكمال التفاصيل النهائية خلال جلسة امتدت لساعات قليلة، بعد أن كانت القاهرة قد أنجزت جوهر التفاهمات مسبقًا.

وشدد على أن الرئيس السيسي أدار الملف الفلسطيني بحكمة فائقة على مدى عامين كاملين، محافظًا على ثوابت الموقف المصري الرافض للتهجير القسري أو لتصفية القضية الفلسطينية، ومانعًا في الوقت نفسه أي محاولة لاستدراج مصر إلى صدام مباشر.

وأشار الخبير العسكري إلى أن اختيار القاهرة لتكون مقر توقيع الاتفاق لم يكن صدفة، بل جاء بإجماع من الإدارة الأميركية وأجهزتها المعنية، تقديرًا لمكانة مصر ودورها المركزي في إدارة أزمات المنطقة.

اقرأ أيضاً:

شرم الشيخ.. أيقونة السلام على أرض سيناء

اليوم.. المترو يغير مواعيده ويمد ساعات العمل استعدادًا لمباراة المنتخب

أجواء خريفية وأمطار خفيفة.. تعرف على طقس اليوم الأحد

مصراوي المصدر: مصراوي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا