عام جديد يطل على كوكب الهضبة، عمرو دياب، ذلك النجم الذي سطع في سماء الفن العربي محققًا نجاحًا استثنائيًا على مدار رحلة فنية تقترب من نصف قرن، رحلة كُتبت ملامحها منذ انطلاقته الموسيقية عام 1983، حيث سعى بجد واجتهاد إلى التميز والتفرد، متحديًا العقبات التي واجهته منذ قدومه إلى القاهرة، ومُثابرًا على دراسة الموسيقى في المعهد، الذي كان يتردد عليه يوميًا قادمًا من بورسعيد ليُنمّي موهبته بالدراسة والعلم.
ولد عمرو دياب في بيت متواضع كحال كثير من بيوت المصريين البسطاء، لكنّ بيئته الخاصة، وموهبته الفطرية، كانتا البوابة التي عبر منها إلى عالم النجومية. نشأ في بورسعيد في كنف والده الموظف البسيط المتدين، المؤذن في المسجد المجاور، والذي ربّاه على قيم الدين، وعرّفه منذ الصغر على كتب السيرة النبوية لابن هشام وتفسير القرطبي. أما والدته، فقد كان للبيانو الذي ورثته عن جدتها دورٌ مهمٌ في تشكيل الحسّ الموسيقي المبكر لديه، وكان لكل هذه العوامل مجتمعة دور كبير في صناعة نجم عالمي يُسمَع صداه في أرجاء العالم.
بدأت رحلة الهضبة عام 1983، وهي نفس سنة ميلادي، ولهذا أشعر أنني رافقته في هذه المسيرة، خطوة بخطوة، ورغم بداياته المتواضعة لكنه صعد سلّم المجد خطوة خطوة بثبات حتى أصبح اليوم أنجح فنان عربي على الإطلاق، ويعود هذا النجاح إلى عدة عوامل أبرزها ذكاؤه في اختيار كل عناصر الأغنية من كلمات وألحان وتوزيع بالإضافة إلى إحاطته بفريق عمل محترف كما يتميز بتنوعه في أنماط الأغاني من الرومانسية والعاطفية إلى الحزينة والدينية والوطنية.
أما عن علاقتي الشخصية بفنه، فبدأت مع أغنية "ميال" والألبوم الذي حمل الاسم نفسه مرورًا بمحطات شكلت وجدان جيل كامل مثل: "حبيبي"، "يا عمرنا"، "نور العين"، "يلوموني"، "عودوني"، "قمرين"، "تملي معاك"، "أكتر واحد بيحبك"، و"علم قلبي" وغيرها لتستمر الرحلة حتى أحدث ألبوماته "ابتدينا"، تلك الأغاني التي كانت خلفية لمشاعر الحب الأولى ومرحلة المراهقة وأيضا الذكريات.
أغاني عمرو دياب لم تكن يومًا مجرد ألحان عابرة بل كانت رفيقة تفاصيل حياتنا حضرت في لحظات الفرح والحزن، في اللقاءات والفراق، ومن أكثر ما يميز فنه أنه لا يرتبط بزمن أو مكان ويمكنك الاستماع إليه في أي وقت وأي مكان وستشعر دائمًا أنه يلامس شيئًا في وجدانك.
عيد ميلاد عمرو دياب ليس مجرد مناسبة نحتفل فيها بنجم ناجح، بل هو احتفاء بمسيرة فنية طويلة من الإبداع والتجدد والتميز، صوت دخل قلوبنا في سنوات المراهقة ورافقنا حتى بلوغنا منتصف العمر، أكثر من أربعين عامًا ظل خلالها عمرو دياب يختبر الزمن ويختزل الحنين ويصوغ الحاضر بلحن لا يُشبه أحدًا سواه.
وفي الختام، كل سنة وأنت طيب يا عمرو، وخالص الأمنيات بمزيد من النجاح والتألق والاستمرار في الحفاظ على مكانتك في القمة كما عهدناك دائمًا.