آخر الأخبار

أبو بكر الديب: السيسي يجمع ترامب وحماس وإسرائيل على طريق السلام

شارك

قال أبوبكر الديب، خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين حماس وإسرائيل تمثل خطوة استراتيجية غير مسبوقة تعكس رؤية مصر المتوازنة ودورها المحوري كقوة ضامنة للاستقرار الإقليمي وصاحبة الكلمة المسموعة لدى جميع الأطراف.

وأضاف الديب أن هذه الدعوة ليست مجرد لفتة بروتوكولية، بل تحمل في جوهرها رسالة سياسية مركبة موجهة إلى أكثر من طرف في وقت واحد: إلى واشنطن، وتل أبيب، والفصائل الفلسطينية، والعالم أجمع. وأوضح أن ما قام به الرئيس السيسي هو تجسيد عملي للدبلوماسية المصرية النشطة التي تتحرك بهدوء وثقة، وتبني التفاهمات على أرضية المصالح المشتركة والواقعية السياسية، لا على الشعارات.

مصر تعيد ترتيب الطاولة الإقليمية

وأشار الديب إلى أنه منذ اندلاع جولة التصعيد الأخيرة في غزة، تحركت القاهرة بسرعة وفاعلية غير مسبوقة، إذ لم تكتفِ بإرسال وفودها الأمنية والسياسية إلى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بل وضعت خطة متكاملة لوقف النار وإعادة الإعمار وضمان التهدئة طويلة الأمد.

وأوضح أن إعلان الرئيس السيسي عن نجاح الوساطة المصرية في التوصل إلى اتفاق كان دليلًا على استعادة مصر لزمام المبادرة بالكامل، مؤكدًا أن القاهرة أثبتت من جديد أنها اللاعب الأكثر قبولًا وثقة لدى جميع الأطراف.

وأضاف، أن دعوة السيسي لترامب تمثل ترسيخًا لهذا الدور الريادي، وتأكيدًا على أن مصر لا تعمل بمعزل عن القوى الدولية، بل تسعى إلى إعادة دمج الدور الأمريكي في إطار يوازن بين مصالح العرب والإسرائيليين، ويمنع الانحياز الأعمى الذي أضر بالمنطقة لعقود.

توقيت الدعوة ودلالاته

وقال أبوبكر الديب إن توقيت الدعوة يحمل دلالات بالغة الأهمية، فهي تأتي في لحظة حساسة تشهد فيها المنطقة تحولات سريعة بعد سنوات من الجمود السياسي.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة ترامب كانت صاحبة مشروع "صفقة القرن"، الذي وإن تعثر سياسيًا، فإنه ترك شبكة من التفاهمات الأمنية والاقتصادية لا تزال قائمة، كما أن إسرائيل تمر بمرحلة إعادة تقييم لسياساتها تجاه غزة بعد أن أثبتت التجارب أن القوة العسكرية وحدها لا تحقق الأمن الدائم.

وأكد الديب أن هذه الدعوة تفتح صفحة جديدة من التفاهم بين القاهرة وواشنطن، وتبعث برسالة واضحة مفادها أن الاستقرار في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا عبر الرؤية المصرية المتوازنة التي تقوم على التهدئة والتنمية والاحترام المتبادل للحقوق.

الأثر على الجانب الإسرائيلي

وأوضح خبير العلاقات الدولية أن أثر الدعوة على الجانب الإسرائيلي كان قويًا وعميقًا، حيث أدركت القيادة الإسرائيلية أن مصر قادرة على مخاطبة جميع الأطراف بلغة المصالح المشتركة، بمن فيهم الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن مشاركة ترامب المحتملة أو حتى مجرد قبول الدعوة مبدئيًا تعني أن القاهرة أصبحت منصة اللقاء والتفاهم بين واشنطن وتل أبيب في القضايا الحساسة. مضيفًا أن هذا الوضع يحدّ من تفرد إسرائيل بإدارة المشهد الإقليمي، ويجبرها على الاعتراف بالدور المصري كـ"شريك لا غنى عنه"، وليس مجرد وسيط مؤقت.

وأكد الديب أن الحضور الأمريكي عبر بوابة القاهرة يمنح الاتفاق مصداقية دولية إضافية، ويدفع إسرائيل إلى التعامل بجدية مع بنود وقف إطلاق النار، خاصة ما يتعلق برفع الحصار وضمان وصول المساعدات وإعادة إعمار غزة.
وبحسب الديب فأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى في هذه الدعوة تأكيدًا جديدًا على التزام القاهرة بأمن واستقرار المنطقة دون التخلي عن دعمها للحقوق الفلسطينية المشروعة.

مصر بين واشنطن وتل أبيب: إعادة التوازن

وأضاف أبوبكر الديب أن الدعوة المصرية للرئيس ترامب لا يمكن فصلها عن رؤية السيسي الأوسع لإعادة التوازن في العلاقات الدولية والإقليمية.
فمصر – كما قال – تواصل التنسيق الوثيق مع واشنطن، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على مسافة آمنة تمكّنها من الحوار مع موسكو وبكين وطهران دون أن تفقد مصداقيتها أمام أي طرف. موضحًا أن هذه الخطوة تضع القاهرة مجددًا في موقع المحور الذي تدور حوله معادلة الاستقرار في الشرق الأوسط، فهي الدولة الوحيدة القادرة على جمع حماس وإسرائيل على طاولة واحدة، ودعوة واشنطن لتكون شاهدًا وضامنًا لا طرفًا مهيمنًا.

أبعاد إنسانية وسياسية للدعوة

وأشار الديب إلى أن الدعوة تحمل رسالة إنسانية وسياسية مزدوجة. فعلى الصعيد الإنساني، تعكس تضامن مصر مع الشعب الفلسطيني، وتؤكد أن السلام لا يُصنع إلا عبر العدالة. أما سياسيًا، فهي تُظهر أن الدبلوماسية الفعالة يمكن أن تحقق ما تعجز عنه القوة المسلحة. مضيقًا أن القاهرة، في الوقت الذي انشغلت فيه بعض القوى الإقليمية بتغذية الصراعات أو استثمار الانقسام الفلسطيني، كانت تعمل بصمت على بناء تفاهمات حقيقية تراعي مصالح الجميع وتمنح الأمل للمنطقة.

الموقف الأمريكي المتوقع

وقال أبوبكر الديب خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، إن قبول ترامب الدعوة سيكون بمثابة عودة رمزية لأمريكا إلى دور الوسيط من بوابة القاهرة، وهو ما كانت مصر تسعى إليه منذ سنوات. أما إذا اكتفى بالترحيب دون المشاركة، فسيظل الأثر السياسي قويًا، لأنه يعيد فتح قنوات التواصل ويؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق بين القاهرة وواشنطن. مؤكدًا أن مصر بهذا التحرك تثبت قدرتها على المبادرة وتحديد أجندة الحوار الدولي، بدل أن تكون مجرد متلقٍ للقرارات الصادرة من الخارج.

دلالات الدعوة في الداخل المصري

وأوضح خبير العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أن هذه الخطوة تعزز مكانة الرئيس السيسي كقائد يتمتع برؤية استراتيجية طويلة المدى، وتؤكد الثقة في الذات المصرية وقدرتها على التأثير في قرارات القوى الكبرى. وأضاف أن السياسة الخارجية المصرية عادت لتكون أداة فاعلة في حماية الأمن القومي، وأن الشعب المصري يرى اليوم بلاده تتحدث من موقع الفاعل لا المتفرج، ما يرفع منسوب الثقة الوطنية ويعزز صورة مصر كـ قوة سلام عاقلة ومسؤولة في محيط مضطرب.

مصر تعود إلى مركز اللعبة الدولية

واختتم أبوبكر الديب تصريحه لـ"اليوم السابع" مؤكدًا أن دعوة الرئيس السيسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تمثل نقطة تحول في مسار الدبلوماسية المصرية. وقال إن هذه الدعوة ليست حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل إعلان عن عودة مصر لتتصدر مشهد الوساطة والسلام في المنطقة بفضل رؤيتها المتزنة ومصداقيتها وقدرتها على الجمع بين المتناقضين في مساحة واحدة من التفاهم والحوار.

وأضاف الديب أن إسرائيل أدركت أن الطريق إلى الأمن يمر عبر القاهرة، وأن القوة المصرية الناعمة – بدبلوماسيتها وحنكتها – قادرة على تحقيق ما تعجز عنه القوة العسكرية.

وهكذا، تصبح الدعوة المصرية جسرًا جديدًا بين الشرق والغرب، وبين العدل والأمن، وبين السياسة والعقلانية، في مشهد يعكس عبقرية الدولة المصرية في إدارة التوازنات الإقليمية، ويؤكد أن القاهرة لا تزال القلب النابض للعالم العربي وركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط.


شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا