نشأت علي
شهد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، نيابة عن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، احتفال السفارة الألمانية بالقاهرة باليوم الوطني لدولة ألمانيا الاتحادية، اليوم الثلاثاء، بمقر السفارة الألمانية بالزمالك.
وقال المستشار محمود فوزي، إن حضوره اليوم لتقديم التهنئة نيابة عن الحكومة المصرية، يأتي في إطار العلاقات المصرية ـ الألمانية الممتدة عبر التاريخ، والتي تميزت خلال السنوات العشر الأخيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث صاغتها سياسات تقارب وتبادل تنسيق وتعاون مع كبرى دول العالم بشكل عام، وألمانيا على وجه الخصوص، بما يصب في صالح السلام الدولي والإقليمي، والحفاظ على سلامة ومقدرات الشعوب، وتقاربها في شتى المجالات، والانفتاح على التجارب والاستفادة منها، وتعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي والعسكري والسياحي والتعليمي، والتنسيق الكامل في الملفات المختلفة، بالشكل الذي يعكس حجم وقوة مصر، واعتماد المجتمع الدولي عليها في أهم الملفات وأكثرها حساسية وتعقيدًا، بفضل قيادة سياسية وضعت البلاد موضع قوة، وجعلتها لاعبًا رئيسيًا في أهم القضايا الإقليمية.
وإلى نص كلمة الوزير:
وأضاف: يسعدني أن أتواجد بينكم اليوم في هذه المناسبة الخاصة التي نحتفل فيها بيوم الوحدة الألمانية. هذا اليوم لا يمثل مجرد ذكرى وطنية للشعب الألماني، وإنما صار رمزًا إنسانيًا ملهمًا لكل الشعوب التي تؤمن أن الأمل قادر على أن يتغلب على أي انقسام، وأن المستقبل يمكن أن يحمل في طياته دائمًا فرصة جديدة للتقارب والتلاقي.
حين نتأمل تجربة الوحدة الألمانية، نرى فيها قصة إنسانية قبل أن تكون قصة سياسية؛ ملايين البشر عاشوا لسنوات طويلة يفصل بينهم جدار وساتر فولاذي قاتم، لكنهم احتفظوا بالأمل وتمسكوا بالحلم بأن يجتمعوا من جديد. وفي لحظة فارقة من التاريخ، تحوّل الحلم إلى حقيقة تُعلّمنا أن الإرادة الإنسانية أقوى من كافة الحواجز، وأن ما يجمع الناس دائمًا أكبر مما يفرقهم.
وأكد فوزي أن العلاقات بين مصر وألمانيا علاقات قديمة ومتنوعة، وليست قاصرة على المجالات السياسية أو الاقتصادية، بل تمتد وتتشعب إلى مجالات مثل التعليم والثقافة والفنون. فكثير من طلابنا وأبنائنا درسوا في ألمانيا وعادوا بخبرات أثْرت حياتهم وأسهمت في خدمة بلدهم. وفي المقابل، يزور مصر أعداد كبيرة من المواطنين الألمان كل عام للسياحة أو للعمل أو الدراسة، فيصبحون جسرًا حيًّا للتواصل بين الشعبين.
وتابع: لقد لعبت الثقافة على وجه الخصوص دورًا كبيرًا في هذا التقارب بين الشعبين؛ فكم مرة استمتع المصريون بالموسيقى الألمانية التي أصبحت جزءًا من التراث الإنساني كله، وكم مرة تأثر الألمان بالحضارة المصرية التي ما زالت تبهر العالم منذ آلاف السنين. فالفن والأدب والموسيقى لغات لا تحتاج إلى ترجمة، لأنها تعبر مباشرة إلى القلب والعقل، وتُذكرنا دائمًا بأن الاختلافات اللغوية والثقافية بين الشعوب لا تلغي إنسانيتنا المشتركة. وكما تُعانق كاتدرائية كولونيا الشامخة عنان السماء ببهاء أبراجها المهيبة، شاهدةً على قرون من الإيمان والفن والإبداع والعمران في جمهورية ألمانيا الاتحادية، تقف أهرامات الجيزة وغيرها من معالم الحضارة المصرية بأحجارها الرصينة ونقوشها الخالدة، دليلًا على عظمة حضارةٍ أنارت دروب الإنسانية. ومن بين هذه الرموز، يطلّ التاريخ المصري والألماني معًا ليؤكد أن الشعوب العريقة وحدها هي التي تصوغ من تاريخها جسرًا يمتد عبر الزمن، يربط الماضي بالحاضر، ويلهم شعوبها لبناء المستقبل.
وتابع وزير الشؤون النيابية: لقد شهدت العلاقات المصرية ـ الألمانية زخمًا استثنائيًا خلال العقد الماضي منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة جمهورية مصر العربية، وتعدّت الزيارات بين مصر وألمانيا حدود البروتوكولات إلى جسور فعلية للتلاقي الاستراتيجي. فمن جهة، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة ألمانيا ست مرات منذ توليه رئاسة الجمهورية، في مسارات متعددة بين القمم الدولية والمناسبات الثنائية.
كما أكد أنه من جهة أخرى، شهدت مصر حضورًا ألمانيًا مميزًا، إذ أجرى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير زيارة للقاهرة في سبتمبر 2024، وهي أول زيارة لرئيس ألماني لمصر منذ نحو أربعة وعشرين عامًا، ليجدد بذلك التزام ألمانيا بالشراكة مع مصر، ويفتح صفحة جديدة وضّاءة في العلاقات الثنائية.
وأشار إلى أنه اليوم، ووسط عالم يموج بالتحديات، من تغيّر المناخ إلى الأزمات الاقتصادية والإنسانية المتلاحقة، يصبح التعاون أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وهنا تأتي تجربة الوحدة الألمانية لتُعطينا مثالًا على أن تجاوز الصعوبات ممكن، إذا كان هناك إيمان بالمستقبل واستعداد للعمل المشترك.
وشدد على أن مصر تعتز كثيرًا بشراكتها مع ألمانيا في كافة المجالات، سواء في قطاعات الطاقة المتجددة أو التعليم أو البحث العلمي أو الفنون. فهذه الشراكات ليست مجرد مشروعات، لكنها استثمار في المستقبل وللأجيال القادمة، من أجل عالم أكثر عدلًا واستقرارًا.
واختتم كلمته قائلًا: في هذا اليوم، يوم الوحدة الألمانية، نحتفل جميعًا بقيم إنسانية كبرى تجمعنا. ومن هنا، فإن احتفالنا بهذه المناسبة هو احتفال بالقدرة الإنسانية على التغيير، وعلى تجاوز التحديات، وعلى بناء عالم أفضل. كل عام وألمانيا بخير، وكل عام وأواصر الصداقة بين بلدينا أقوى وأعمق وأكثر ازدهارًا. وشكرًا لكم.