وفرت وزارة الداخلية من خلال قطاع الحماية المجتمعية مكتبات متكاملة داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، تضم آلاف الكتب في مختلف التخصصات، وذلك في إطار تطوير شامل يستهدف تأهيل النزلاء ودمجهم في المجتمع بعد قضاء فترة العقوبة.
وتحتوي المكتبات على كتب في مجالات دينية وثقافية وأدبية وعلمية، إضافة إلى مؤلفات في التنمية الذاتية، وكتب متخصصة في علم النفس والاجتماع، ما يمنح النزلاء فرصة للاطلاع وتوسيع مداركهم خلال فترة الإيداع.
نسبة كبيرة من النزلاء تقضي عدة ساعات يوميًا داخل هذه المكتبات، حيث يفضّل كثيرون قراءة كتب تتناول موضوعات مثل الصبر، واستخلاص العِبر من تجارب الماضي، والارتقاء بالسلوك الإنساني.
تمكن بعض النزلاء من استثمار وجودهم داخل مراكز الإصلاح في الحصول على درجات علمية متقدمة مثل الماجستير والدكتوراه، بعد إعداد بحوث أكاديمية معتمدة بالتنسيق مع عدد من الجامعات. وتُعد هذه الحالات دليلًا على التحول الذي يشهده مفهوم العقوبة، من الحبس المجرد إلى التأهيل المعرفي والاجتماعي.
قطاع الحماية المجتمعية يعمل على تطوير مستمر للبنية التحتية للمراكز، مع توفير وسائل تعليم وتدريب حديثة تشمل ورشًا مهنية ودورات تأهيلية، وذلك ضمن خطة متكاملة تهدف إلى إعادة دمج النزلاء في المجتمع بعد الإفراج عنهم.
وتشمل عمليات التطوير أيضًا التوسع في الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية، فضلًا عن توفير دعم نفسي واجتماعي للنزلاء.
وحظيت هذه الجهود بإشادة من عدد من المنظمات الحقوقية، التي اعتبرت أن وزارة الداخلية تطبق معايير حقوق الإنسان داخل مراكز الإصلاح، من خلال توفير بيئة تضمن كرامة النزيل، وتدعمه نفسيًا ومهنيًا، وتمنحه فرصة لإعادة بناء حياته.
وأكد ممثلون عن هذه المنظمات أن توفير مكتبات داخل مراكز الاحتجاز يمثل خطوة عملية نحو تغيير مفهوم العقوبة التقليدية، وتحويلها إلى تجربة يمكن أن ينتج عنها أفراد أكثر وعيًا واستعدادًا للعودة إلى المجتمع بشكل إيجابي.
ويأتي هذا التوجه ضمن استراتيجية شاملة تتبناها الدولة في مجال العدالة الإصلاحية، تسعى إلى الحد من معدلات العود للجريمة، من خلال التركيز على التعليم والتدريب والدعم النفسي، كبدائل فعالة للعقوبات الرادعة فقط.
وتؤكد وزارة الداخلية باستمرار أن مراكز الإصلاح والتأهيل لم تعد مجرد أماكن للاحتجاز، بل أصبحت بيئة تعليمية وتأهيلية متكاملة، تتيح للنزلاء فرصة حقيقية لتصحيح مسار حياتهم، من خلال برامج ممنهجة تهدف إلى بناء الوعي وتحفيز الإرادة الشخصية.