آخر الأخبار

من الريشة للذكاء الاصطناعي.. هكذا تغير دور الرسام الجنائي فى كشف الجرائم

شارك

في عالم الجريمة والتحقيقات، يبرز "ا لرسام الجنائي " كأحد الأدوار الأساسية في مساعدة أجهزة الأمن على الوصول إلى الجناة أو التعرف على المفقودين.

وعلى مدار سنوات، ظل هذا الفنان المتخصص يرسم ملامح المشتبه بهم بدقة بناءً على أوصاف شهود العيان أو عبر مراجعة لقطات كاميرات المراقبة، بهدف إنتاج صورة تقريبية تساهم في فك طلاسم القضايا.

لكن، وكما تطور كل شيء في عالمنا، لم يبقَ الرسام الجنائي على حاله، فقد فرضت التكنولوجيا الحديثة نفسها بقوة على هذا المجال، لتأخذ به من عالم الورقة والقلم إلى منصات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات.

لم تعد الريشة والألوان أدواته الوحيدة، بل أصبحت خوارزميات التعرف على الوجوه، ومحركات البحث الرقمية، وبرمجيات الرسم الحاسوبي هي الأساس في عمله اليوم.

وفي هذا السياق، يوضح اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد، الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن مهنة الرسام الجنائي شهدت تطوراً لافتاً يتماشى مع الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم.

ويقول: "الرسام الجنائي اليوم يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والإنترنت بدلًا من الوسائل التقليدية، الأمر الذي جعل التعرف على الجناة أسرع وأسهل من أي وقت مضى".

ويشير عبد المجيد إلى أن التكنولوجيا باتت تلعب دوراً محورياً في تسريع وتيرة التحقيقات، لافتاً إلى أن العديد من الحوادث الغامضة يتم فك شفراتها خلال دقائق بفضل الأدوات التقنية المتطورة التي تستخدمها أجهزة الأمن، فعبر تجميع المعلومات التقريبية حول ملامح المشتبه بهم، ومطابقتها مع قواعد بيانات ضخمة تحتوي على ملايين الصور، يمكن التوصل إلى هوية الجناة بدقة مذهلة.

هذا التطور لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج لجهود مستمرة من وزارة الداخلية لتحديث بنيتها التحتية الأمنية، وتعزيز قدراتها التكنولوجية.

وشهدت الوزارة في السنوات الأخيرة طفرة نوعية في استخدام أنظمة التحليل الرقمي، ودمج الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل العمل الأمني، من جمع الأدلة وحتى ضبط المشتبه بهم.

ويضيف اللواء عبد المجيد أن وزارة الداخلية نجحت في بناء منظومة أمنية حديثة قادرة على التفاعل مع مستجدات العصر، خاصة في ظل وجود كفاءات بشرية مؤهلة داخل قطاعاتها، وعلى رأسها قطاع الأمن العام وتكنولوجيا المعلومات.

ويؤكد أن هذه الكوادر تمتلك مهارات عالية في التعامل مع الأدوات الحديثة، ما يسهم في رفع كفاءة الأداء الأمني، وتسريع الاستجابة للبلاغات، وضبط الجناة خلال ساعات قليلة في كثير من القضايا.

وأوضح أن التحديات الأمنية اليوم تتطلب أدوات غير تقليدية لمواجهتها، وهو ما دفع أجهزة الأمن إلى تبني أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية، بما في ذلك برامج التعرف على الوجه ثلاثي الأبعاد، وتحليل البيانات الضخمة، وتقنيات الدمج بين أوصاف الشهود والبيانات البصرية.

وبات بإمكان الفرق الأمنية اليوم، من خلال الجمع بين الخبرة البشرية والتكنولوجيا الحديثة، الوصول إلى نتائج دقيقة، وتحديد هوية المشتبه بهم بشكل سريع، بل ومقارنة ملامح الوجه بآلاف الصور خلال ثوانٍ معدودة، ما يقلل من فرص هروب المتهمين أو ضياع الأدلة.

ويختتم الخبير الأمني تصريحاته بالتأكيد على أن المستقبل يحمل المزيد من التطور في هذا المجال، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون العنصر الأكثر تأثيراً في العمليات الأمنية خلال السنوات المقبلة، وأضاف أن التعاون بين التكنولوجيا والعنصر البشري سيبقى الضمانة الحقيقية لتحقيق العدالة وكشف الحقائق في أسرع وقت ممكن.

وهكذا، لم يعد الرسام الجنائي مجرد فنان يرسم وجوه المشتبه بهم، بل أصبح جزءاً من منظومة متكاملة تعتمد على العلم والتقنية والبيانات وتلك المنظومة لا تساعد فقط في الوصول إلى الجناة، بل تسهم في تحقيق العدالة، وبناء مجتمع أكثر أماناً في ظل عالم يزداد تعقيداً كل يوم.


شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا