استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، بقصر الاتحادية، بول كاجامي، رئيس جمهورية رواندا.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن مراسم الاستقبال الرسمية عُقدت فور وصول الرئيس الرواندي، حيث عُزف السلامان الوطنيان لمصر ورواندا، وأعقبها عقد لقاء مغلق بين الرئيسين، ثم جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن الرئيس استهلّ المقابلة بالترحيب بأخيه الرئيس "بول كاجامي"، مشيدًا بالعلاقات التاريخية الوطيدة بين مصر ورواندا، ومؤكدًا أهمية مواصلة العمل على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيّما في القطاعات الاقتصادية والتجارية والطبية، مع التركيز على تعظيم فرص الاستثمار المشترك، خاصة في مجالات الدواء والمستلزمات الطبية، والمنتجات الغذائية، والتشييد والبناء.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أعرب عن حرص مصر على مواصلة دعم رواندا في تحقيق تطلعاتها التنموية، واستعدادها لتعزيز التعاون في مجال بناء القدرات، بما يسهم في إنجاح رؤية رواندا للتنمية 2050.
وثمّن الرئيس كاجامي التعاون القائم بين البلدين، مشيدًا بما يحققه من منفعة متبادلة للشعبين، ومؤكدًا تطلع رواندا إلى توسيع هذا التعاون المثمر مع مصر.
وذكر المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول عددًا من القضايا الإقليمية والدولية؛ حيث تم بحث مستجدات الأوضاع في منطقة البحيرات العظمى، حيث جدد الرئيس موقف مصر الداعم لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ومواجهة التحديات التي تعيق التنمية والازدهار.
وناقش الجانبان تطورات الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، وسبل تعزيز السلم والأمن في الإقليم.
وتبادل الرئيسان الرؤى حول سبل تعزيز التكامل بين دول حوض النيل، واتفقا على مواصلة التشاور والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة لكل دول الحوض، مع التأكيد احترام القانون الدولي في إدارة الأنهار العابرة للحدود.
وشدد الرئيس في هذا الخصوص على أن ملف المياه يمثل قضية وجودية لمصر؛ خصوصًا في ظل الندرة المائية الشديدة التي تواجهها، مؤكدًا أن مصر لن تقبل المساس بحقوقها المائية، وأن التعاون في منطقة حوض النيل يتطلب تغليب روح التعاون والتفاهم لتحقيق المصلحة المشتركة.
وذكر المتحدث الرسمي أن المباحثات تطرقت إلى التعاون داخل الاتحاد الإفريقي، حيث اتفق الرئيسان على مواصلة التنسيق وتبادل الرؤى بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأشاد الرئيس كاجامي بجهود الرئيس في قيادة ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، وأعرب الرئيس عن تقديره لإسهامات الرئيس الرواندي في دفع ملف الإصلاح المؤسسي داخل الاتحاد.
وناقش الجانبان، في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، تطورات الوضع في أعقاب مؤتمر حل الدولتين في نيويورك، وزيادة عدد الدول التي أعلنت اعترافها بدولة فلسطين.
وأطلع الرئيس نظيره الرواندي على جهود مصر لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية.
وشدد الرئيس على رفض مصر القاطع لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدًا أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في المنطقة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيسين شهدا، عقب انتهاء المباحثات، التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيص الأراضي للأغراض اللوجستية والاقتصادية والتجارية، والإسكان، وتعزيز وحماية الاستثمار.
وعقد الرئيسان مؤتمرًا صحفيًّا مشتركًا لاستعراض نتائج المباحثات بين الجانبين.
وننشر نص كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي، في ما يلي:
قال الرئيس السيسي: يسعدنى أن أرحب بأخي فخامة الرئيس بول كاجامي ضيفًا كريمًا في وطنه الثاني مصر، وأن أعرب عن بالغ تقديري لهذه الزيارة التي تجسد عمق الروابط التاريخية بين بلدينا، وتعبر عن إرادتنا المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي وتكثيف التشاور والتنسيق إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأضاف الرئيس السيسي: لقد أجريت مع الرئيس كاجامي مباحثات بناءة ومثمرة عكست تطابق الرؤى وصدق النوايا في دفع علاقاتنا نحو آفاق أرحب؛ لا سيما في مجالات الصحة والتعليم وبناء القدرات، والنقل والتجارة والاستثمار، وإدارة الموارد المائية، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية، والتشييد والبناء.
وتناولنا سبل تعزيز نقل الخبرات المصرية وتقديم الدعم الفني وتطوير الكفاءات الوطنية في رواندا؛ بما يخدم مصالح شعبينا ويلبي تطلعاتهما نحو التنمية والازدهار.
وتابع الرئيس السيسي: وقد أكدنا خلال اللقاء عزمنا على الارتقاء بمستوى الشراكة بين بلدينا التي تعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضي، والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة؛ بما يسهم في ترسيخ التعاون الاقتصادي بين مصر ورواندا.
واستطرد الرئيس: وفي هذا السياق؛ أشدت بما حققته رواندا من إنجازات لافتة خلال سنوات قليلة؛ تحولت خلالها إلى نموذج يحتذى به في المصالحة الوطنية، وتوحيد الصف الداخلي، والانطلاق نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام.
وفى إطار تعزيز التعاون القائم؛ شهدت مع الرئيس كاجامي مراسم توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات متعددة؛ من بينها إدارة الموارد المائية، وتبادل تخصيص الأراضي لأغراض لوجستية واقتصادية وتجارية، والإسكان، وتعزيز وحماية الاستثمار.
وأضاف الرئيس السيسي: لقد أعربت للرئيس عن تقديرنا للمواقف المتوازنة التي تتبناها رواندا تجاه العديد من الملفات الإقليمية التى تحظى باهتمام مشترك من بلدينا. كما ثمنت استمرار التشاور بين القاهرة وكيجالي، ودوره الفاعل في دعم جهودنا الرامية إلى إيجاد حلول سلمية توافقية للأزمات التي تشهدها منطقة شرق إفريقيا، وحوض النيل، والبحيرات العظمى.
وقال السيسي: وفي هذا الإطار؛ أكدت حرص مصر على دعم جهود إحلال السلام، واستعادة الأمن والاستقرار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومساندة المساعي التي يبذلها الوسطاء الأفارقة والدوليون والإقليميون وتشجيع الأطراف المعنية على الانخراط الجاد في مسارات الحل السلمي بروح من المسؤولية وحسن النية.
وتابع السيسي: كما استعرضت الدور المصري المقترح لدعم تنفيذ اتفاق واشنطن؛ لا سيما في ما يتعلق بإجراءات بناء الثقة، ومحاور تعزيز وبناء السلام؛ وفي مقدمتها جهود إعادة الإعمار والتنمية في ما بعد النزاعات؛ انطلاقا من ريادة مصر لهذا الملف داخل الاتحاد الإفريقي، واستنادًا إلى الخبرات التي تتمتع بها مصر في هذا المجال.
واستكمل الرئيس: وقد استمعت باهتمام بالغ إلى رؤى وتقديرات الرئيس بشأن مستقبل التسوية المستدامة في منطقة البحيرات العظمى، واتفقنا على مواصلة التشاور والتنسيق، وصولًا إلى تحقيق السلام والاستقرار المنشودين.
وأضاف الرئيس السيسي: كما تناولنا قضية مياه النيل؛ حيث أكدت لفخامة الرئيس أن هذه القضية تمثل مسألة وجودية لمصر وشعبها، وأننــا لا نقبـــل المســــــاس بحقوقنا المائيـــــــة في الوقت الذي نبدي فيه انفتاحًا كاملًا على التعاون البناء مع أشقائنا في دول الحوض؛ من أجل إدارة هذا المورد الحيوي، بشكل يحقق التنمية المشتركة بعيدًا عن منطق الهيمنة أو الإضرار بمصالح أي طرف.
وأضاف الرئيس: وأعربت عن تطلعنا لاستمرار الدور الرواندي الإيجابي في تعزيز روح التفاهم والتعاون في منطقة حوض النيل ومراعاة الشواغل المصرية في هذا الملف المصيري. وتناولنا كذلك عددًا من القضايا الإقليمية والدولية؛ من بينها الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، وتطورات الأزمة في السودان الشقيق.. فضلًا عن ملفات العمل الإفريقي المشترك.
وقال الرئيس السيسي: وقد اتفقنا على مواصلة التنسيق وتبادل الرؤى بين القاهرة وكيجالي؛ بما يسهم في دعم جهود التسوية وتحقيق الأمن والاستقرار في القارة، كما تطرقنا إلى تطورات القضية الفلسطينية، حيث أطلعت الرئيس على الجهود التي تبذلها مصر لوقف الحرب الجارية وزيادة المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى.
ونوه الرئيس السيسي بأنه أكد رفض مصر القاطع لأي محاولات لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من أرضهم، وأنه لا بديل عن الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولى؛ لإطلاق عملية سياسية جادة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع الرئيس: وشددت على أهمية دعم السلطة الفلسطينية؛ لتكون شريكًا أساسيًّا في أية عملية سياسية وفي جهود إعادة الإعمار.. ورحبنا بنتائج مؤتمر "حل الدولتين" الذي عقد في "نيويورك" يوم أمس، الثاني والعشرين من سبتمبر، واعتراف عدد من الدول بالدولة الفلسطينية؛ بما يعزز حل الدولتين؛ كمسار وحيد لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
واختتم السيسي: أخي فخامة الرئيس بول كاجامي؛ أجدد الترحيب بكم في بلدكم الثاني مصر.. وأعرب عن تطلعي إلى مواصلة العمل المشترك بيننا؛ بما يحقق المصالح المتبادلة لشعبينا، ويُسهم في تعزيز وحدة قارتنا الإفريقية، ودفع مسيرتها نحو التقدم والازدهار.