في تحالف استراتيجي غير مسبوق يعكس الدور الرائد لمؤسسات المجتمع المدني في تعزيز جهود التنمية المستدامة في مصر، أعلنت كل من "مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية" و"مؤسسة عصام ومي علام للتنمية المستدامة" عن شراكة استراتيجية تحت شعار: "شراكة من أجل التغيير.. مستندون إلى الأدلة، ملتزمون بالأثر". وتمتد الشراكة لمدة أربع سنوات (2025–2029)، باستثمارات إجمالية تبلغ 200 مليون جنيه مصري، يتقاسمها الطرفان بالتساوي.
وجاء الإعلان عن هذه الشراكة خلال احتفالية كبرى أقيمت في المتحف المصري الكبير، لتجسّد روح التعاون المصرية التي تعد أساس الحضارة العريقة.
وقام بتوقيع اتفاقية الشراكة كل من المهندس نجيب ساويرس، مؤسس ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والمهندس حسن علام، مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة عصام ومي علام للتنمية المستدامة.
وشهد حفل التوقيع حضورًا رفيع المستوى، ضمّ كلًا من الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وإريك شوفالييه، سفير فرنسا لدى مصر، بالإضافة إلى نخبة من الشخصيات العامة وممثلي شركاء التنمية المحليين والدوليين.
تهدف هذه الشراكة الاستراتيجية إلى توحيد الجهود وتعزيز الأثر التنموي في مختلف القطاعات، من خلال تطوير برامج ومبادرات تسهم في تحسين جودة حياة الأفراد، وتمكين المجتمعات، وتعزيز الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ودعم الفنون والثقافة، وتحفيز الابتكار، إلى جانب تعزيز قدرة المجتمع على التكيف مع التحديات المختلفة وبناء مستقبل مستدام للجميع.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أهمية الشراكة بين مؤسستي ساويرس للتنمية الاجتماعية وعصام ومي علام للتنمية المستدامة، التي تقوم على ثلاثة محاور أساسية: التعليم والزراعة والتنمية المجتمعية، وتعد أولويات رئيسية ضمن رؤية الدولة لتحقيق التنمية. وأضافت أن منظمات المجتمع المدني أصبحت على المستوى الدولي شريكًا أساسيًا إلى جانب الحكومات والقطاع الخاص في توفير الموارد، وسد فجوات تمويل أهداف التنمية المستدامة، والوصول إلى الفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضحت أن الوزارة تجمعها شراكات ممتدة مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مجالات متعددة، منها تأسيس مكتب معمل عبد اللطيف لسياسات التنمية (J-PAL) لدعم السياسات القائمة على الأدلة لمكافحة الفقر، مؤكدة حرص الوزارة على تعزيز التعاون بين المجتمع المدني والشركاء الدوليين لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية ودعم جهود التنمية.
بدورها، قالت الدكتورة مايا مرسي إن المشاركة في هذا الحدث الذي يقام في المتحف المصري الكبير يمثل شرفًا كبيرًا، مشيرة إلى أن المتحف يحوي أعظم ما خلفه الأجداد من آثار خالدة، وهو السجل المعاصر الذي تسكن فيه ذاكرة الإنسان الأولى، وتُسرد على أرضه أعظم حكايات العقل والإرادة. وأضافت: "نقف اليوم لنؤكد أن مصر عامرة بالعمل الخيري التنموي، ومؤسساتها تبني أسس التنمية المستدامة منذ فجر التاريخ".
وأشارت وزيرة التضامن إلى أن قوة المجتمع الأهلي المصري تكمن في كل جمعية تتبنى منهجًا مختلفًا، متحد الغاية، متعمق في الأثر، ومجود على مر الزمان، ينطلق من جذور تاريخية، فتثمر أشجاره ثمارًا متنوعة تجتمع على الفائدة، وتتباين في التدخلات، لتزوّد أرض مصر بمئات الملايين من المبادرات المبتكرة واسعة الفكر وشاملة الأرض.
وأكدت أن الشراكة تمثل ضلعين مبتكرين في العمل الأهلي بمصر؛ فمؤسسة ساويرس عززت على مدار نحو 25 عامًا مسارات التنمية الشاملة والمستدامة، وساهمت في تحسين حياة مئات الآلاف، من خلال التصدي للفقر متعدد الأبعاد، وتقديم حلول مبتكرة، وتوفير التعليم الجيد والتدريب المناسب والوظائف اللائقة، كما دعمت المشهد الثقافي والفني باعتباره ركيزة أساسية للتنمية، وغلّفت كل هذا بتدخلات تنموية قائمة على الأدلة وقياس الأثر، عبر شراكات فاعلة مع القطاعين الحكومي والخاص، والمجتمع المدني، والهيئات الدولية.
من جانبه، أكد السفير إريك شوفالييه، أن الشراكة بين المؤسستين تجسد رؤية مصر الحديثة التي تضع التنمية المستدامة في مقدمة أولوياتها، مشيرًا إلى أن فرنسا تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا، ليس فقط على مستوى الحكومات، بل أيضًا من خلال دعم المبادرات المجتمعية التي تستهدف تحسين جودة حياة الأفراد وتعزيز دور المجتمع المدني. وأضاف أن التجربة المصرية في بناء شراكات تنموية محلية برؤى عالمية تحظى بتقدير واسع، لافتًا إلى أن هذه الجهود تفتح المجال لتعزيز التعاون الدولي في مجالات التعليم والزراعة الذكية والتمكين الاقتصادي.
وقال المهندس نجيب ساويرس: "شراكتنا مع مؤسسة عصام ومي علام تعكس إيمانًا مشتركًا بأن مواجهة الفقر والتحديات الاجتماعية والاقتصادية لا تتحقق إلا بتوحيد الجهود وتكامل الموارد والخبرات. هذه الشراكة ليست مبادرة خيرية تقليدية، بل استثمار استراتيجي في مستقبل مصر. نحن نستثمر في الإنسان المصري: في تعليمه، وفي طاقاته، وفي قدرته على مواجهة المستقبل بثقة. ونسعى لترسيخ ثقافة عمل تنموي قائم على الأدلة والابتكار والاستدامة، بحيث تكون كل مبادرة خطوة نحو مجتمع أكثر عدالة وفرص متكافئة للجميع".
ومن جانبه، أوضح المهندس حسن علام أن المؤسسة تأسست استنادًا إلى القيم والمبادئ التي آمن بها والدهم وشقيقتهم الراحلين، لتكون امتدادًا طبيعيًا لهذا النهج، من خلال فتح آفاق جديدة للأمل لملايين المصريين، مؤكّدًا أن التنمية الحقيقية تبدأ بتمكين المجتمعات المحلية، حيث يمكن لكل فرصة، مهما بدت صغيرة، أن تُحدث تحولًا كبيرًا. وأضاف: "الاتفاقية الموقعة مع مؤسسة ساويرس تجسد التزامنا العملي بتوسيع آفاق الفرص أمام الشباب والمزارعين والأسر، لتمكينهم من بناء مستقبل مزدهر، وتطوير مهاراتهم، وضمان حفظ كرامتهم".
وقال المهندس عمرو علام: "تمثل هذه الشراكة نموذجًا فريدًا للتنمية في مصر، يجمع بين مؤسستين وطنيتين رائدتين برؤية مشتركة من أجل بناء مستقبل أفضل، ويفتح أمامنا فرصًا استثنائية لتوسيع نطاق أنشطتنا وتعزيز أثرها المجتمعي، ويمثل رافدًا لمساعينا نحو التنمية المستدامة على المدى الطويل. هدفنا توحيد الجهود لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحًا في التعليم والزراعة والتنمية المجتمعية. ونؤمن أن بناء الإنسان هو أفضل الاستثمارات وأكثرها استدامة".
وقالت ليلي حسني، المديرة التنفيذية لمؤسسة ساويرس: "تعكس هذه الشراكة بداية مرحلة جديدة من العمل التنموي، قائمة على رؤية مشتركة تضع الإنسان في قلب كل مبادرة. التنمية الحقيقية تتحقق من خلال الاستثمار في التعليم، ومكافحة الفقر، ودعم المجتمعات الزراعية، وتحويل الأمل إلى نتائج ملموسة، ما يثمر فرصًا جديدة لأجيال قادرة على مواجهة التحديات وصناعة مستقبل أكثر عدلًا وازدهارًا".
وأضافت مريم علام، مؤسسة وعضوة مجلس أمناء مؤسسة عصام ومي علام: "نؤمن بأن التنمية لا تتحقق إلا عندما يقترن الطموح بالتنفيذ الفعلي على أرض الواقع، لذلك نحرص على تحويل أولوياتنا إلى برامج عملية تصل للفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز بشكل خاص على التعليم والزراعة، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للتمكين الاقتصادي والاجتماعي، ويسعدنا التعاون مع مؤسسة ساويرس لتقديم مبادرات قائمة على البحث العلمي وتكامل الجهود بين مختلف القطاعات، بما يُسهم في إحداث تغيير ملموس ومستدام".
تركّز الشراكة على ثلاثة محاور رئيسية:
1. مكافحة الفقر: عبر مشروع "باب أمل" في المنيا، لتمكين 470 أسرة شديدة الفقر بحلول 2027، من خلال الحماية الاجتماعية، وتنويع الدخل، وتعزيز الشمول المالي.
2. التعليم: عبر مشروع "التدريس على المستوى الصحيح" (TaRL) في سوهاج وأسيوط، لتقوية مهارات القراءة والكتابة والحساب للأطفال من 9 إلى 13 عامًا، بمشاركة المتطوعين والأسر.
3. الزراعة: من خلال مشاريع حلول مبتكرة وذكية مناخيًا لدعم صغار المزارعين في المنيا وسوهاج، تشمل مدخلات وتقنيات مستدامة، وتمويل ميسر، ودعم مالي وتسويقي لتعزيز الإنتاجية واستدامة الدخل.
وتتيح الشراكة دمج الخبرات والموارد بين المؤسستين، بما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون المبتكر، ويعزز قدرة المجتمع المصري على مواجهة التحديات، مع ضمان استدامة المبادرات وتوسيع نطاق تأثيرها لتشمل مختلف القطاعات التنموية، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تخدم الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
نبذة عن مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية:
تأسست عام 2001 بهبة من عائلة ساويرس، لتصبح من أوائل المؤسسات الوطنية المانحة التي تصدّت للتحديات الكبرى في المجتمع المصري، عبر دعم الحلول المبتكرة وتعزيز مسارات التنمية الشاملة والمستدامة. وعلى مدار نحو 25 عامًا، تركت المؤسسة أثرًا ملموسًا في حياة مئات الآلاف، وساهمت في تحسين التعليم، ومكافحة الفقر، وتعزيز المشهد الثقافي والفني، مع تصميم تدخلات قائمة على الأدلة وقياس الأثر، بالتعاون مع القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني والهيئات الدولية.
نبذة عن مؤسسة عصام ومي علام للتنمية المستدامة:
تأسست عام 2025 بمبادرة من عائلة عصام حسن علام، تقديرًا لإرث أب وابنته استثنائيين رحلا وتركَا بصمة إنسانية ملهمة. وتركز المؤسسة على التعليم والزراعة، من خلال مركز عصام علام للزراعة لتعزيز قدرة المجتمعات الزراعية على التكيف مع التغيرات المناخية، ومركز مي علام للمعرفة لتحسين جودة التعليم في مراحل الطفولة المبكرة والتعليم الأساسي، ودعم اللغة العربية والفنون والثقافة، مع توسيع فرص التدريب المهني والمنح الدراسية.