آخر الأخبار

المهرجان التجريبى يناقش المسرح بين الخصوصية المحلية والمسئولية البيئية

شارك

شهد اليوم الرابع من فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى فى دورته الثانية والثلاثين، برئاسة الدكتور سامح مهران، إقامة جلسة بعنوان "المسرح والتنمية المستدامة" التى عُقدت ضمن محور "المسرح وما بعد العوالمة"، شارك فيها هاندان سالتا من (تركيا)، هايدي وايلي من (ألمانيا)، جيليانا كامبانا من (الولايات المتحدة الأمريكية) وأدار الجلسة د. دينا أمين من (مصر).

وفي البداية، استهلت د. دينا أمين الجلسة بالتأكيد أن المسرح، كفن حيّ، يقف اليوم أمام مسئولية مضاعفة؛ ليس فقط في التعبير عن قضايا الإنسان، بل أيضًا في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية التي تهدد مستقبلنا جميعًا، مشيرة إلى أن الندوة محاولة لفتح حوار عميق حول دور المسرح فى تحقيق التنمية المستدامة.

وبدأت هاندان سالتا، التي عملت طويلًا في المجال الأكاديمي قبل أن تتجه إلى النقد المسرحي وترجمة عدد من النصوص المسرحية التركية، حديثها قائلة: "أردتُ من خلال هذه الورقة أن أفتح نقاشًا واسعًا حول قضية أراها جوهرية، وهي: إلى أي مدى يمكن للعروض المسرحية التي تنبع من السياق المحلي أن تحافظ على قيمتها وأصالتها، في عالم صار أكثر ترابطًا وتشابكًا من أي وقت مضى بفعل العولمة؟.

وواصلت قائلة: "الواقع أن السياسات الاقتصادية العالمية فرضت على الفرق المسرحية المستقلة تحديات قاسية، حتى بات إنتاج عرض واحد أمرًا مرهقًا، إن لم يكن مستحيلًا في أحيان كثيرة. هذا دفع الكثير من الفنانين إلى محاولة استهداف جمهور المهرجانات الدولية أو العروض العالمية، لكن المشكلة أن هذا الجمهور غالبًا لا يتفاعل بعمق مع قضايا الآخرين، ولا يكترث كثيرًا بتفاصيل حياتهم اليومية أو مشكلاتهم الخاصة.

وفي كلمة مصوّرة، تحدثت هايدي وايلي، المديرة التنفيذية لاتفاقية المسرح الأوروبي (European Theatre Convention - ETC)، عن رؤية الاتحاد الأوروبي للمسرح في مواجهة التحديات البيئية والتغير المناخي، مؤكدة أن القطاع المسرحي في أوروبا بدأ يتحرك بخطوات جادة وطموحة نحو تحقيق الاستدامة والحياد المناخي.

وقالت وايلي في كلمتها: "مع تزايد التحديات البيئية وتأثيرات التغير المناخي، كان علينا في المسرح الأوروبي أن نتبنى نهجًا جديدًا، نهجًا يجمع بين الطموح والواقعية، ويضع الاستدامة في قلب العملية الإبداعية، من هنا بدأت رحلتنا في الاتحاد الأوروبي للمسرح لتحقيق مستقبل محايد مناخيًا".

واستعرضت المديرة التنفيذية للاتحاد الأوروبي للمسرح بدايات هذه الرحلة، موضحة: "البداية كانت مع تشكيل لجنة المسرح الأخضر داخل الاتحاد، حيث جمعت اللجنة شخصيات ومؤسسات مسرحية رائدة من بين أعضائنا، وولدت من رؤيتهم المشتركة فكرة طموحة أن تصل المسارح الأوروبية إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2030، وفى عام 2021، قمنا بتحويل هذا الهدف إلى التزام رسمي من خلال ميثاق العمل المستدام، ليصبح جزءًا من هوية الاتحاد ورؤيته المستقبلية".

من جانبها قدّمت الدكتورة جيليانا كامبانا، الباحثة والمخرجة المسرحية الأمريكية، كلمة موسعة حول مفهوم "المسرح البيئي" أو "Eco-Theatre" ودوره في إحداث وعي بيئي ومجتمعي عميق، مؤكدة أن المسرح قادر على أن يكون أداة للتغيير في مواجهة التحديات البيئية والمناخية المتسارعة.

وقالت كامبانا في حديثها: "المسرح البيئي لا يقتصر على إضافة مشهد للطبيعة في خلفية العرض، بل يضع القضايا البيئية في قلب التجربة المسرحية، ليخلق مساحة للحوار، ولإثارة التعاطف، وتحفيز المجتمعات على الفعل تجاه التغير المناخي والاستدامة".

وأوضحت أن جذور المسرح البيئي تعود إلى تقاليد "المسرح البيئي" و"المسرح المرتبط بالمكان" منذ ستينيات القرن الماضي، مشيرة إلى أن ريتشارد ششنر، أحد أبرز رواد هذا الاتجاه، أعاد تعريف فضاء العرض المسرحي من خلال كسر الحاجز الرابع وإشراك الجمهور في الفعل المسرحي نفسه، الأمر الذي مهّد الطريق لفكرة المسرح البيئي التي نعرفها اليوم.

ثم استعرضت كامبانا المبادئ الأساسية للمسرح البيئي، قائلة: "هذا النوع من المسرح يتميز بتركيزه على البيئة والعلاقة بين الإنسان والطبيعة، ويؤكد على الترابط بين البشر والمجتمعات والكائنات الأخرى، كما يدعو لممارسات إنتاج صديقة للبيئة، من استخدام مواد معاد تدويرها إلى تقليل السفر والانبعاثات. وهو أيضًا مسرح مرتبط بالمكان، يستلهم مواقعه وقصصه من البيئات المحلية، ويطرح قضايا العدالة البيئية والاجتماعية، ويدعو الجمهور للمشاركة والحوار وتخيّل مستقبل أكثر استدامة".

واختتمت الدكتورة جيليانا كامبانا كلمتها مؤكدة: "المسرح البيئي ليس نوعًا منفصلًا من المسرح، بل هو امتداد لحركات العدالة الاجتماعية والمناخية والاقتصادية. إنه مساحة نربط فيها بين الإنسان والطبيعة، بين الفن والمسئولية. لم يعد المسرح مجرد وسيلة للترفيه، بل أصبح منصة للتفكير والعمل والتغيير نحو مستقبل أكثر استدامة".


شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا