استنكر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، محاولات الاعتداء على السفارات المصرية في الخارج، واصفاً هذه الأعمال بأنها انتهاكات جسيمة لأقدس مبادئ القانون الدولي وجرائم تستوجب المحاسبة والعقاب الفوري من قبل الدول المضيفة.
وفي تصريح خاص لـ «اليوم السابع»، أوضح الدكتور "مهران"، أن هذه الاعتداءات تشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، التي تعتبر حجر الأساس في القانون الدولي الدبلوماسي وتضمن حرمة البعثات الدبلوماسية وحمايتها من أي شكل من أشكال الاعتداء أو التدخل، مؤكداً أن هذه الاتفاقية تلزم جميع الدول بحماية المباني الدبلوماسية وموظفيها وضمان أمنهم وسلامتهم.
وأشاد أستاذ القانون الدولي، بالدور البطولي والوطني الذي قام به شباب مصر في التصدي لهذه المحاولات الإجرامية والدفاع عن كرامة وطنهم ورموزه في الخارج، مؤكداً أن هذا الموقف الشجاع يعكس الروح الوطنية الأصيلة والانتماء العميق لمصر وقيمها الحضارية.
كما بين "مهران"، أن ما قام به الشباب المصري من تصدٍ لهذه الاعتداءات يندرج تحت حق الدفاع المشروع عن الممتلكات والمصالح الوطنية، وهو حق مكفول في جميع الأنظمة القانونية المحلية والدولية، مشيراً إلى أن القانون الدولي يعترف بحق المواطنين في الدفاع عن مؤسسات بلادهم ورموزها السيادية ضد أي اعتداء غير مشروع.
وأضاف أن الشباب المصري أثبت مرة أخرى أنه الحارس الأمين لكرامة مصر ومصالحها في كل مكان، وأن انتماءهم لوطنهم يتجاوز الحدود الجغرافية ويمتد ليشمل الدفاع عن مصر أينما كانوا، مؤكداً أن اتحاد شباب مصر بالخارج لعب دوراً محورياً ومقدراً في تنظيم وتنسيق جهود الدفاع عن السفارات المصرية، ومشددا على أن هذا التنظيم الشبابي يمثل نموذجاً مضيئاً للعمل الوطني المنظم والفعال في الخارج.
ولفت الخبير الدولي، إلي أن دور الاتحاد في حشد الشباب المصري وتوجيه جهودهم لحماية المصالح المصرية يعكس نضجاً وطنياً ووعياً قانونياً متقدماً بأهمية الحفاظ على سيادة مصر وكرامتها، مشيراً إلى أن هذا العمل المنظم يساهم في تعزيز الصورة الإيجابية لمصر في الخارج ويؤكد على قوة الروابط بين المصريين في المهجر ووطنهم الأم.
ورحب بالطريقة الحضارية والقانونية التي تعامل بها الاتحاد مع هذه الأزمة، مؤكداً أن الالتزام بالوسائل السلمية والقانونية في الدفاع عن الحقوق يعكس الثقافة القانونية والحضارية للشعب المصري.
ومن الناحية القانونية، أوضح عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن الاعتداءات على السفارات والبعثات الدبلوماسية تعتبر من أخطر الجرائم في القانون الدولي، حيث تنتهك مبدأ حرمة البعثات الدبلوماسية المنصوص عليه في المادة 22 من اتفاقية فيينا، والتي تؤكد على أن أماكن البعثة محرمة ولا يجوز لأعوان الدولة المعتمد لديها دخولها إلا بموافقة رئيس البعثة.
وشدد مهران على أن هذه الاتفاقية تلزم الدولة المضيفة باتخاذ جميع الخطوات المناسبة لحماية أماكن البعثة من أي اقتحام أو ضرر وللحيلولة دون الإخلال بسلم البعثة أو النيل من كرامتها، مؤكداً أن أي فشل من جانب الدولة المضيفة في توفير هذه الحماية يعرضها للمسؤولية الدولية الكاملة ويبرر اتخاذ إجراءات انتقامية مشروعة ضدها، بما في ذلك تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل أو قطع العلاقات الدبلوماسية في الحالات الخطيرة.
وحذر الدكتور مهران من أن التساهل مع هذه الاعتداءات أو عدم محاسبة المسؤولين عنها سيفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات ويقوض أسس النظام الدبلوماسي الدولي، مؤكداً أن حماية البعثات الدبلوماسية ليست مجرد التزام قانوني بل ضرورة حضارية لضمان استمرار التواصل والحوار بين الدول.
كما أشار إلى أن التاريخ يثبت أن الاعتداءات على السفارات كانت دائماً مقدمة لتصعيد خطير في العلاقات الدولية وأحياناً سبباً في اندلاع نزاعات مسلحة، مما يؤكد على خطورة هذه الأعمال وضرورة التعامل معها بحزم وسرعة.
وأضاف أن القانون الدولي يمنح الدولة التي تتعرض بعثاتها للاعتداء حق اتخاذ تدابير انتقامية متناسبة، بما في ذلك تقليص الحماية المقدمة لبعثة الدولة المعتدية أو إغلاق مؤسساتها الثقافية والتجارية كرد فعل مشروع على هذه الانتهاكات.
ونوه استاذ القانون الدولي، إلي أن مصر تمتلك كل الحقوق القانونية والأدوات الدبلوماسية للرد على هذه الاعتداءات وحماية مصالحها وكرامتها في الخارج، مؤكداً أن الشعب المصري وشبابه أثبتوا مرة أخرى أنهم الدرع الواقي لوطنهم في كل مكان.
ودعا مهران المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الاعتداءات والوقوف مع مصر في مواجهة هذه الممارسات الإجرامية، مؤكداً أن احترام الدبلوماسية وحماية البعثات الدبلوماسية مسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع الدول المتحضرة، مشيدا مجدداً بالروح الوطنية العالية التي أظهرها الشباب المصري في الدفاع عن وطنهم، مؤكداً أن هذا الجيل يحمل على عاتقه مسؤولية الحفاظ على مكانة مصر وكرامتها في العالم، وأن ما قاموا به سيبقى نموذجاً يحتذى به في الوطنية الصادقة والانتماء الحقيقي للوطن.