أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرًا معلوماتياً سلط من خلاله الضوء على قطاع التعدين في مصر مشيراً إلى أن هذا القطاع يُعَد من القطاعات الواعدة في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، في ضوء ما تزخر به مصر من موارد طبيعية متنوعة وموقع جيولوجي متميز، وقد أولت الدولة المصرية اهتمامًا متزايدًا بهذا القطاع عبر تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية له، وتبني استراتيجيات تهدف إلى تعظيم القيمة المضافة وتحفيز الاستثمارات بما يعزز من دوره، عبر رفع مساهمة الأنشطة التعدينية في الناتج المحلي الإجمالي وتحقيق أهداف رؤية 2030، وقد استعرض التقرير أبرز مكونات منظومة التعدين في مصر بدءًا من الخامات المتوفرة ومرورًا بالإطار التشريعي والمؤسسي، ووصولًا إلى الاستراتيجيات الحكومية والجهود المبذولة لتحديث وتطوير القطاع.
تناول التقرير استراتيجية وزارة البترول والثروة المعدنية، ففي ظل التحولات المتسارعة في قطاع الطاقة، تتبنى مصر رؤية استراتيجية لتعظيم الاستفادة من مواردها البترولية والمعدنية، وتعزيز التكامل بين قطاعات البترول والتعدين والطاقة المتجددة، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات السوق المحلي وجذب الاستثمارات، حيث تسعى الوزارة إلى تحقيق انطلاقة لقطاع التعدين وتعظيم قيمته المضافة، لذا يجري العمل على إعداد استراتيجية للقيمة المضافة للصناعات التعدينية إلى جانب استراتيجية أخرى لمعالجة الآثار البيئية والاجتماعية المرتبطة بهذا القطاع، كما تتضمن استراتيجية الدولة المصرية لتعظيم الاستفادة من المعادن الحيوية في دعم جهود التحول الطاقي عددًا من المحاور الأساسية وهي: (1- تعزيز التعاون مع مختلف أطراف صناعة التعدين لتطوير استراتيجيات من شأنها أن تسهم في تعزيز التوريد المسؤول، والإنتاج المستدام للمعادن الحيوية، 2- مبادرات تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة بمختلف مراحل الأنشطة التعدينية، 3- تحسين كفاءة العمليات في قطاع التعدين المصري من خلال استخدام أحدث التقنيات الرقمية والمعدات الأكثر كفاءة بما يسهم في تقليل الانبعاثات)،وفي هذا السياق تمضي مصر بخطى متقدمة نحو تبني استراتيجيات وطنية للمعادن الحيوية استنادًا إلى ما تمتلكه من تنوع جيولوجي، ووفرة في الثروات المعدنية، ويُعَد هذا التوجه خطوة استراتيجية تهدف إلى تحديد أولويات الاستثمار وتعزيز مساهمة هذه المعادن في دعم سلاسل الإمداد المرتبطة بالصناعة والتحول الطاقي.
واستعرض مركز المعلومات خلال التقرير أداء قطاع التعدين المصري، مشيراً إلى وجود العديد من الفرص الواعدة والإمكانات الهائلة التي يزخر بها القطاع والتي يدعمها برنامج عمل الحكومة المصرية؛ الذي يهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز جاذبية قطاع التعدين في إطار رؤية مصر 2030، لوضع مصر على خريطة الاستثمار التعديني العالمية، وتقوم الدولة المصرية بالاهتمام بقطاع التعدين المصري من خلال بناء شراكات مستدامة مع مختلف الشركاء المعنيين بصناعة التعدين، كما تستهدف وزارة البترول والثروة المعدنية إحداث نقلة نوعية في قطاع الثروة المعدنية لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة السلامة والصحة المهنية والاستدامة والبيئة وترشيد الطاقة بمختلف مراحل سلسلة القيمة لقطاع التعدين.
وقد بلغت نسبة مساهمة قطاع الاستخراجات في الناتج المحلي الإجمالي لمصر 7.7% بتكلفة عوامل الإنتاج وبالأسعار الجارية خلال عام 2023/ 2024 وذلك وفقًا لبيانات وزارة التخطط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وهو ما يعكس الأهمية النسبية لهذا القطاع ضمن الأنشطة الاقتصادية في الدولة، وتُظهر هذه النسبة الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع الاستخراجات في مصر بما يشمله من أنشطة البترول والغاز الطبيعي والاستخراجات الأخرى والتي تشمل المعادن والصناعات المرتبطة بها في دعم الناتج القومي وتعزيز الموارد الاقتصادية خاصًة في ظل التوسع في مشروعات الاكتشاف والتنقيب وتحسين بيئة الاستثمار في الصناعات الاستخراجية.
أما على مستوى الأنشطة داخل قطاع الاستخراجات؛ فقد سجلت مساهمة نشاط البترول في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023/ 2024 بنسبة 3.9%، تليه نشاط الغاز الطبيعي بنسبة 2.3%، أما الاستخراجات الأخرى، والتي تشمل المعادن والصناعات المرتبطة بها فقد بلغت مساهمتها 1.6%، وهو ما يشير إلى وجود فرصة لتعزيز هذا النشاط من خلال تطوير البنية التحتية وزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين.
كما تشير البيانات إلى أن نشاط البترول يستحوذ على النسبة الأكبر بمساهمة بلغت 50.7% من إجمالي قطاع الاستخراجات خلال عام 2023/ 2024، يليه نشاط الغاز الطبيعي بنسبة 29.2% في حين ساهم نشاط الاستخراجات الأخرى والتي تشمل المعادن والصناعات المرتبطة بها بنسبة 20.1% وهي نسبة تعكس أهمية هذا النشاط كركيزة واعدة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.
وفيما يتعلق بتطور مساهمة قطاع الاستخراجات الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الفترة (2014/ 2015 - 2023/ 2024) فقد شهدت تحسنًا ملحوظًا خلال العامين الأخيرين، لترتفع النسبة من 1.40% في عام 2022/ 2023 إلى 1.55% في عام 2023/ 2024، وقد بلغت قيمة قطاع الاستخراجات الأخرى حوالي 205.5 مليار جنيه في 2023/ 2024 مقارنًة بـ 135.1 مليار جنيه عام 2022/ 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 52.11% وهي أعلى قيمة سجلتها السلسلة الزمنية خلال العقد الماضي، وهو ما يشير إلى الجهود المبذولة في تطوير هذا القطاع.
كما استعرض تقرير مركز المعلومات إحصاءات قطاع التعدين، حيث بلغت قيمة إيرادات هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية 6.75 مليار جنيه في عام 2023/ 2024 مقارنًة بـ 2.76 مليار جنيه في عام 2022/ 2023 بنسبة زيادة 144.6% وهو ما يعكس طفرة نوعية في أداء الهيئة وفاعلية السياسات المتخذة لتعظيم العوائد من قطاع التعدين، وبلغت قيمة إيرادات نشاط الشركة القابضة للصناعات المعدنية والشركات التابعة لها التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام حوالي 47.6 مليار جنيه خلال عام 2023/ 2024 مقارنًة بـ 33.5 مليار جنيه خلال عام 2022/ 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 42.1%، وبلغ صافي الربح المحقق نحو 13 مليار جنيه بمعدل نمو بلغ نحو 80% مقارنًة بالعام المالي 2022/ 2023، كما ارتفعت الصادرات لتسجل ما يقرب من 21.5 مليار جنيه في عام 2023/ 2024 وبنسبة ارتفاع 52% مقارنًة بعام 2022/ 2023 وفقًا لبيانات وزارة قطاع الأعمال العام.
وبخصوص حجم الإنتاج، فقد شهدت قيمة الإنتاج الصناعي في الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالصناعات التعدينية في مصر لعام 2022 اتجاهًا تصاعديًا، حيث بلغت القيمة في الربع الأول (يناير - مارس) عام 2024 نحو 470.4 مليار جنيه، ثم شهدت ارتفاعًا في الربع الثاني (أبريل - يونيو) عام 2024 إلى 501.8 مليار جنيه، مما يعكس تحسنًا في النشاط الصناعي، كما سجل الربع الأخير (أكتوبر - ديسمبر) عام 2024 أعلى قيمة خلال العام إذ سجل 570.3 مليار جنيه وهو ما يشير إلى نشاط إنتاجي قوي، وذلك وفقًا لكتاب الإحصاء السنوي 2024 الخاص بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ووفقًا لبيانات هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية، فقد وصل عدد المناجم في مصر 367 منجمًا خلال عام 2023 /2024 مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 3.38% مقارنًة بعام 2022 /2023 والذي بلغ فيه عدد المناجم نحو 355 منجمًا، ويعكس هذا الارتفاع توجهًا نحو تعزيز النشاط التعديني في مصر، في ظل الجهود المبذولة لتطوير هذا القطاع كإحدى ركائز التنمية الاقتصادية المستدامة، وقد يُشير هذا النمو إلى تحسن في بيئة الاستثمار في الصناعات الاستخراجية، وتزايد إقبال الشركات على عمليات الاستكشاف والإنتاج، خاصًة في ظل الإصلاحات التشريعية، وتحديث خريطة الثروات المعدنية، ورغم أن الزيادة ما تزال محدودة من حيث الحجم، فإنها تُمثل خطوة إيجابية على طريق توسيع قاعدة الإنتاج وتعزيز مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد الوطني.
ووفقًا لبيانات التجارة الخارجية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة صادرات مصر من المعادن الثمينة 3261.9 مليون دولار في عام 2024، تليها صادرات الحديد بنحو 2208.7 مليون دولار، والنحاس بنحو 1041.2 مليون دولار، في حين سجلت صادرات مصر من المعادن الثمينة أعلى زيادة بين عامي 2023و 2024 بنسبة ارتفاع قدرها 75.4%، يليها صادرات النحاس بنسبة ارتفاع بلغت 49.7%.
أما قيمة واردات مصر من الحديد فقد بلغت 5178.9 مليون دولار خلال عام 2024، وبلغت قيمة النحاس نحو 2308.2 ملايين دولار، والتي سجلت أعلى نسبة نمو قدرها 35.6% خلال عام 2024 مقارنًة بعام 2023.
استعرض التقرير أيضًا أبرز الجهود المصرية نحو تطوير قطاع التعدين، ففي إطار رؤية الدولة المصرية لتعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية وتعزيز مساهمة قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني، تبنت الحكومة مجموعة من السياسات والإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تطوير هذا القطاع الحيوي، وقد تركزت الجهود على عدة محاور رئيسية شملت:
1-تحويل الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية.
2-تعظيم الاستفادة من الثروات المعدنية.
3-التحول الرقمي وخدمة المستثمرين من خلال إطلاق "بوابة التعدين المصرية".
4-الترويج وجذب الاستثمارات.
5-تنمية الكوادر البشرية.
كما تسارعت خطوات الدولة نحو استغلال الثروات التعدينية وزيادة حجم الإنتاج، بالتوازي مع تهيئة مناخ الاستثمار وتكثيف الترويج للفرص التعدينية داخليًا وخارجيًا، والسعي نحو التوسع في الشراكات مع كبرى الشركات العالمية بما يدعم نقل التكنولوجيا وبناء القدرات الوطنية.
وفي ضوء الحديث عن تعظيم الاستفادة من الثروات المعدنية تم الإشارة إلى منجم السكري لإنتاج الذهب بمرسى علم، والذي يُعد نموذجًا ناجحًا للشراكة بين هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية وشركة "أنجلو جولد أشانتي" العالمية بفضل إمكاناته التشغيلية المتطورة وكفاءاته المصرية، وهو ما يعكس اهتمام الدولة بتعظيم الاستفادة من مواردها التعدينية، وقد بلغ حجم إنتاج الذهب في مصر 559 ألف أوقية خلال العام المالي 2023/ 2024، ومن المستهدف الوصول إلى 800 ألف أوقية عام 2030، فيما بلغ حجم إنتاج الخامات المعدنية أكثر من 17 مليون طن ومن المستهدف زيادتها إلى 30 مليونًا عام 2030.