كتب - محمد شعبان:
بين جدران بيت صغير، انطفأ نور فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، ليس بمرض أو حادث، بل بقرار قاس اتخذته أقرب الناس إليها. جرعة سم قاتلة أُجبرت على ابتلاعها، لتُسدل الستار على قصة بدأت بهروب، وانتهت في قبر بلا أوراق.
البداية كانت حين هربت الفتاة إلى منزل صديقتها، قبل أن تعود وهي تحمل في بطنها سرًا ثقيلًا. أسرتها سألتها عن والد الطفل فجاءت الإجابة كالصاعقة: "مش عارفة مين". صدمة قوية تلقتها الأسرة وبدلًا من البحث عن حل، اختاروا أن يدفنوا القصة إلى الأبد ومعها صاحبتها.
معلومات وردت إلى العميد محمد ربيع، رئيس مباحث قطاع الشمال، فتحت أبواب الحقيقة. عناصر الشرية السرية توصلت إلى إجبار أسرة فتاة على إنهاء حياتها ودفنها بادعاء وفاتها بكوفيد 19.
فريق بحث رفيع المستوى تتبع مصدر المعلومات للتأكد من صحتها، وتبين أن طالبة بالمرحلة الإعدادية حملت سفاحا فتركت منزل أسرتها واختبأت لدى صديقتها بمنطقة الساحل حتى وضعت صغيرها.
طامة كبرى أصابت أسرة الفتاة فور دخولها ورضيعها بين يديها. وبعد أيام من التفكير والتخطيط، تخلصت الأسرة من الطفل بالشارع ثم أجبروا الفتاة على تناول حبة الغلة السامة ليتبقى المشهد الأخير "الدفن".
الأم والجدة والعم وابن العم حملوا جثمان الفتاة سرًا وتوجهوا لدفنها بمقابر العائلة جنوب الجيزة بتصريح دفن مخالف للحقيقة حصلوا عليه من مفتش الصحة مقابل رشوة مالية.
بتقنين الإجراءات، تمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين الخمسة -الأسرة ومفتش الصحة- والتوصل إلى مكان الطفل لدى شخص يتولى رعايته بعد العثور عليه بالشارع.
أمام اللواء هاني شعراوي نائب مدير مباحث الجيزة أقرت العقل المدبر للجريمة بتفاصيل فعلتها مؤكدة أنها لجأت إلى التخلص من ابنتها ومن قبلها حفيدها لـ"غسل عار العائلة" نافية ندمها على جريمتها.
هكذا انتهت الحكاية، فتاة قاصر دُفنت في ذاكرة أسرة اختارت أن تمحو العار بالقتل، وأن تشتري الصمت برشوة. لكن الحقيقة وجدت طريقها إلى العلن، والعدالة أمسكت بخيوط جريمة الناجي الوحيد منها طفل سيحمل -دون علم- سرا ثقيلا عن ليلة هزت الوراق.