كتب ـ رمضان يونس:
قضت محكمة جنايات جنوب الجيزة "دائرة أطفيح" بمعاقبة عامل وزوجته بالسجن خمس سنوات، في واقعة اتهامهما بقتل ابنة الأول عن طريق الإهمال، بعدما احتجزاها في غرفة مغلقة لسنوات، كونها تعاني من مرض نفسي، وذلك بعد فشلهما في علاجها، داخل منزلهما بمنطقة أطفيح بالجيزة.
وأسندت النيابة العامة، في تحقيقات القضية رقم 7895 لسنة 2024 جنايات أطفيح، والمقيدة برقم 6510 لسنة 2024 كلي جنوب الجيزة، للمتهمين "ه.ز" وزوجته "ع.ي" تهمة قتل المجني عليها "ميرفت" ـ ابنة الأول ـ عمدًا مع سبق الإصرار.
وأوضحت النيابة أن الأب وزوجته بيّتا النية، وعقدا العزم على قتل "ميرفت" باحتجازها في غرفة مغلقة دون وجه حق، مانعين عنها الطعام والشراب لأيام عدة، في ظروف غامضة حالت دون وصول يد العون إليها، مما أودى بحياتها، قاصدين بذلك إزهاق روحها.
وكشفت تحريات البحث الجنائي أن المجني عليها "ميرفت" كانت تعاني منذ 10 سنوات من مرض نفسي، بعد مرورها بظروف عائلية قاسية عقب وفاة والدتها، وقد حاول ذووها علاجها تارة لدى الأطباء، وتارة أخرى لدى الشيوخ والمشعوذين، إلا أن ضعف الحالة المادية للأسرة حال دون استمرار العلاج.
وقبل أكثر من عامين، تزوجت المجني عليها على أمل أن تساعد الزيجة في استقرار حالتها النفسية، لكن ذلك لم يتحقق، بل ازدادت حالتها سوءًا، ولم يدم الزواج أكثر من عامين، أنجبت خلالهما طفلة بقيت في رعاية والدها، ثم عادت "ميرفت" إلى منزل أسرتها.
ومنذ ذلك الحين، رأت الأسرة استحالة علاجها، خصوصًا بعد أن بدأت ترتكب أفعالًا لا تتقبلها عادات وتقاليد الأسرة، التي لا تؤمن بالمرض النفسي ولا تعرف كيفية التعامل معه، بل تصمه بالعار والفضيحة – وفق التحريات.
وتبين من التحريات أن الأسرة، المكونة من الأب وزوجته وابنته الأخرى، وضعت "ميرفت" في منزل الواقعة صحبة شقيقها وزوجته، إلا أن الشقيق صدر ضده حكم بالحبس في قضية تبديد، ما أدى إلى سجنه، بينما عادت زوجته إلى منزل والدها بمنطقة الكريمات، لتبقى "ميرفت" بمفردها في المنزل.
وخلال تلك الفترة، بدأت المجني عليها ترتكب أفعالًا ناتجة عن حالتها المرضية، منها صعودها إلى سطح المنزل والتجرد من ملابسها، مما أثار استياء الجيران الذين طالبوا والدها بإيجاد حل لتصرفاتها.
وذكرت التحريات أن الأب استجاب لضغوط الأهالي، فقام بحبس ابنته في غرفة مغلقة بمفردها، على أن تتولى زوجته "ع.ي" ـ المتهمة الثانية ـ إحضار الطعام لها، وفي بعض الأحيان كانت شقيقتها تتولى ذلك أيضًا.
ومع مرور الوقت وضيق حال الأسرة المادي، قلّت الزيارات وتقلّص تقديم الطعام، ما ساهم في تدهور حالتها النفسية، خاصة مع انشغال الجميع عنها. وبات حضور الطعام متقطعًا، ولم تتلقَ أي رعاية تُذكر، وساعد في ذلك تقدم والدها في السن وسوء حالته الصحية.
وفي يوم الواقعة، انشغلت زوجة الأب والشقيقة عنها، ولم تحضرا لها الطعام لمدة يومين، حتى ذهبت زوجة الأب للاطمئنان عليها، فعثرت عليها ملقاة على الأرض جثة هامدة داخل الغرفة.
وأوضح تقرير الطب الشرعي أن الجثمان كان في حالة تعفن، وخالٍ من أي آثار إصابات تشير إلى عنف جنائي أو مقاومة، كما خلت الأحشاء من الأمراض أو الإصابات، والعينات الحشوية من السموم والمخدرات.