أكد المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن جريمة غسل الأموال وما يرتبط بها من جرائم تشكل تهديدًا خطيرًا للنظام المالي العالمي، مشيرًا إلى التزام مصر الراسخ بمكافحة جميع صور هذه الجريمة وحرمان المجرمين من متحصلاتهم غير المشروعة.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها اليوم في افتتاح أعمال الورشة الإقليمية حول التحقيق والملاحقة القضائية في جرائم غسل الأموال، المنعقدة في القاهرة على مدى ثلاثة أيام، والتي تنظمها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وصندوق النقد الدولي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، وباستضافة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وشدد المستشار خليل على أن الدولة المصرية اتخذت خطوات حاسمة لمواءمة تشريعاتها مع المعايير الدولية، فضلًا عن دعمها الكامل لجهود التحقيق والملاحقة لمرتكبي جرائم غسل الأموال، بما يحقق الردع المنشود ويجفف منابع تمويل الأنشطة غير المشروعة.
وأضاف أن قانون مكافحة غسل الأموال والتعديلات التي أُدخلت عليه لاحقًا يشكلان الأساس التشريعي للمنظومة المصرية المتكاملة في هذا المجال، من خلال إنشاء وحدة مستقلة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تتولى تلقي الإخطارات والمعلومات وتحليلها، وتوجيه نتائج التحليل إلى جهات إنفاذ القانون وسلطات التحقيق المختصة، بما يدعم جهود التحقيق والملاحقة القضائية.
وأوضح أن القانون أوجب إجراء تحقيقات مالية موازية حول الجوانب المالية المرتبطة بالنشاط الإجرامي، وتطوير أدلة يمكن استخدامها في الإجراءات الجنائية، مؤكدًا أن التحقيق المالي ليس مسارًا بديلاً، بل مسار موازٍ في بناء القضايا.
وأشار المستشار خليل إلى أن مصر تمتلك نظامًا متكاملًا للتعرف على المستفيد الحقيقي من الهياكل القانونية والتحقق من هويته، من خلال وجود سجل وطني للمستفيد الحقيقي، إلى جانب إجراءات العناية الواجبة التي تلتزم بها المؤسسات المالية وأصحاب المهن والأعمال غير المالية.
ولفت إلى أن مصر أنشأت عددًا من اللجان الوطنية لضمان التكامل بين الجهات الفاعلة كافة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى الوطني، وألزمت المؤسسات المالية بتعيين مسؤول التزام للتواصل المباشر مع الجهات الوطنية المعنية.
وشدد على أهمية تضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية في التصدي لجرائم غسل الأموال، لا سيّما أن حجم المتحصلات التي تُغسل عالميًا يمثل تحديًا جسيمًا، إذ يصل إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويًا.
وتابع قائلًا: "التصدي لجرائم غسل الأموال يستلزم تعاونًا وثيقًا بين الجهات كافة، خصوصًا في مجالات التحري والتحقيق والملاحقة القضائية، في ظل التطور المستمر لأنماط الجريمة والتقدم الرقمي المتسارع، كما أن التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة يُعد أداة مهمة لجمع الأدلة، ومصادرة عائدات الأنشطة الإجرامية، واسترداد الأصول".
ونوّه في هذا السياق بجهود وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، وسعيها الدائم إلى تبادل المعلومات المالية مع نظيراتها في دول العالم عبر شبكات التعاون الدولي، مثل مجموعة "إجمونت".
كما أكد أهمية جهود الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا-آرين)، بهدف تسريع عمليات استرداد الأصول وتعزيز فعالية الجهود الجماعية في مكافحة الجرائم المالية، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم مع وحدات التحريات المالية النظيرة.
وأضاف أن توصيات مجموعة العمل المالي (FATF)، التي وضعت الأسس العالمية لمكافحة غسل الأموال، أكدت أهمية وجود بيئة تشريعية قوية تقوم على تجريم غسل الأموال، إلى جانب الدور المحوري للتحري والتحقيق، وإنشاء وحدات تحريات مالية وطنية مستقلة لتلقي وتحليل المعلومات المالية المشبوهة، فضلاً عن ضرورة التكاتف وبناء الشراكات على المستويين المحلي والدولي.
وأشار إلى أن المعايير الدولية تشدد على أن التحقيقات المالية ليست مجرد عنصر داعم للإجراءات الجنائية، بل تمثل عنصرًا جوهريًا في كشف الشبكات الإجرامية وتحليل أنماط إخفاء العائدات غير المشروعة، مؤكدًا أن التكامل بين التحريات المالية والتحقيقات الجنائية يعزز فرص الإدانة، ويحقق الردع المطلوب، ويجفف منابع تمويل الأنشطة غير المشروعة.
واختتم بالإشارة إلى أهمية معايير الشفافية والتعرف على المستفيد الحقيقي من الأشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية، منعًا لاستغلال الكيانات ذات الهياكل القانونية المعقدة في إخفاء هوية المستفيدين الحقيقيين وارتكاب الجرائم المالية.