كتب - محمد شعبان:
قبل أيام ضجت أركان البيت بضحكة صغيرين، واليوم تحول إلى مسرح جريمة يسوده الصمت. طفلان أكبرهما 5 سنوات عثر عليهما جثتين مكبلين على الأرض وعليهما آثار تعذيب
نهاية مرعبة لطفلين في جريمة هزت القلوب قبل العقول، لم تكن هناك صرخات ولا آثار اقتحام، فقط طفلان في عمر الزهور، وُجدا جثتين هامدتين في ممر شقة مغلقة، وأثار العنف واضحة على جسديهما.
الأب عاد إلى منزله ليواجه أبشع مشهد يمكن لإنسان أن يراه، أما الأم فكانت غائبة، بلا أثر. دقائق قليلة كانت كفيلة بتحويل الحزن إلى لغز، والشكوك إلى تحقيقات، والكتمان إلى مطاردة بدأت في العمرانية وانتهت على ضفاف النيل.
أمام رجال المباحث أدلى الأب المكلوم بأقواله لما جرى في اليوم المشؤوم. قبل عودته للمنزل اتصل بزوجته فوجد هاتفها مغلقًا ومع عودته وجد الباب مفتوحا وطفليه على الأرض.
مشهد لا يصدقه عقل أفقد العامل العشريني صوابه، خارت قواه وكاد يسقط مغشيًا عليه من هول الفاجعة، للوهلة الأولى ظن أن سارقا وراء الجريمة، لكن اختفاء الزوجة أثار شكوكه بسيناريو مرعب.
رئيس المباحث سأله بشكل واضح عن وجود أي خلافات بينه وبين زوجته فاجابه برد حاسم "مفيش مشاكل بينا، ومفيش حاجة تخليني أشك فيها بس دلوقتي مش فاهم أي حاجة."
في بداية التحقيقات، تعامل الضباط مع الحادث كجريمة سطو لكن سرعان ما تحول الغموض إلى خيوط واضحة لاسيما اختفاء الأم في التوقيت ذاته، دون وجود آثار عنف أو كسر في باب الشقة.
تحريات الأمن توصلت لمكان الأم بعد ملاحقات ومأموريات مكثفة. وأمكن تحديد مكانها على كورنيش النيل بعد اختفاء وتنقل بين منزل صديقة لها وأماكن أخرى لتضليل جهات البحث.
المفاجأة التي قلبت موازين القضية جاءت من شهادة شقيق المتهمة، أكد أنها اتصلت به قبل يوم الواقعة، وطلبت منه رعاية الطفلين قبل أن تقطع الاتصال وتغلق هاتفها.
التحريات الأولية وأصابع الاتهام تشير إلى تورط الأم بقتل الطفلين، أنهت حياتهما ثم غادرت الشقة، ولجأت لصديقتها في محاولة لإخفاء موقعها، قبل أن تهرب مجددًا.
مأساة العمرانية ليست مجرد جريمة، بل مرآة لما يمكن أن يحدث حين ينهار الإنسان من الداخل بصمت في انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات النيابة العامة لقضية تهز الوجدان، وتفتح الباب على مصراعيه للسؤال: ما الذي يدفع أمًا لقتل فلذات أكبادها؟