آخر الأخبار

تطوير كليات التربية تحت قبة الشيوخ.. دراسة تدعو للهيكلة ومجلس وطنى للمعلمين

شارك

بدأ مجلس  الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، في مناقشة الدراسة البرلمانية المقدمة من النائبتين هبه شاروبيم، ورشا مهدى، بشأن كليات التربية في جمهورية مصر العربية بين الواقع والمأمول، في ضوء تقرير لجنة التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

واستعرضت النائبة هبة شاروبيم، تفاصيل الدراسة البرلمانية والتي تكشف الحاجة الملحة لإعادة النظر في واقع كليات التربية في مصر، باعتبارها المنصة الأولى لإعداد المعلم، وأحد المفاتيح الحاسمة في عملية إصلاح التعليم، وأكدت أن مستقبل النظام التعليمي يرتبط ارتباطاً مباشرًا بجودة إعداد المعلمين ومدى جاهزيتهم للتعامل مع متغيرات العصر.

وقالت "شاروبيم" إن الانتقال من النمط التقليدي إلى نموذج مؤسسي أكثر مرونة وفاعلية لم يعد خيارا، بل ضرورة وطنية تتطلب قرارات جريئة، وشراكات مستدامة، وإرادة سياسية تدعم التغيير المنهجي العميق مؤكده أن المعلم المتمكن، والمعد جيدًا، هو القادر على قيادة التغيير الحقيقي في مدارسنا ومجتمعنا.

وأضافت "شاروبين" أن الدراسة تقدم قراءة نقدية وتحليلية لكليات التربية المتميزة على مستوى العالم وأيضا لمثيلاتها في مصر، ويتضح منها الاختلاف الكبير بينها في الهيكل والدراسة واللوائح، حيث أن معظم كليات التربية في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأستراليا لا يعتمد هيكلها على أقسام تعمل منفردة وتقدم درجات خاصة بها فقط، بل تعمل من خلال برامج مشتركة وقد تقتصر هذه البرامج إما على الدراسات العليا من الدبلومات أو درجتي الماجستير والدكتوراه، أو تقدم المقررات الخاصة بالتربية وعلومها كتخصص فرعى minor لطلاب البكالوريوس من كليات مختلفة داخل الجامعة أو في حالة التخصص الرئيسي major و تجمع برامجها بين الدراسة الأكاديمية والتربوية.

وأشارت "شاروبيم" إلي ضرورة توجيه بوصلة كليات التربية إلى الرؤية والرسالة الحقيقية لها، والتي من المفترض أنها أساسًا قائمة على إعداد معلم كفء لمراحل التعليم المختلفة؛ مع الأخذ في الاعتبار رؤية مصر 2030، ومبادرة بناء الإنسان، والاستراتيجية الوطنية الخاصة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تعنى بالاستثمار في العنصر البشرى، والتي من أحد ركائزها البرامج والتخصصات البينية والعمل بمفاهيم الجيل الرابع لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والتحول نحوها لمواكبة التوجهات العالمية وبالتالي تحقيق المرجعية الدولية والريادة والإبداع بالإضافة إلى التطوير الخاص بآليات وقواعد تشكيل لجان قطاعات التعليم الجامعي والمبنى على المعايير العلمية والأكاديمية العالمية.

واستطردت البرلمانية بقولها : "لا ندعو إلى استنساخ التجارب العالمية، ولكن الأخذ بما يتلاءم مع النسق الخاص بنا الذي من شأنه الارتقاء بكليات التربية في مصر".

ونوهت هبة شاروبيم، إلي أنه في ظل التغير التكنولوجي السريع على مستوى العالم، فالمستقبل سيكون بدرجة أكبر لبرامج تتواكب مع سوق العمل بدلا من أقسام تعمل منعزلة وبصورة تقليدية مضيفا بالنظرة إلى طلاب الكليات النظرية ومنها كليات التربية وسوق العمل، سنجد أن الكثيرين من خريجيها يعملون في مجالات تختلف تمامًا مما يعنى ضياع الوقت والجهد والمال الذي لابد أن يتم استغلالهم في أفضل الطرق، خاصة وأن ما درس من هذه العلوم لا غنى عنها في بناء إنسان يتمتع بالإنسانية ومهارات التفكير النقدي المتعددة.

ونوهت "شاروبيم" إلي أنه رغم عدم وقوف الحكومة المصرية ساكنة أمام التحديات التي يواجهها التعليم بصفة عامة وكليات التربية بصفة خاصة، وقامت بمبادرات محمودة للارتقاء بها، إلا أن هذه التحديات والإشكاليات لازالت قائمة؛ فعلى سبيل المثال: العجز في أعداد المعلمين - وبالأخص المؤهلين بكفاءة - يفوق بكثير جدًا الرقم المقترح تعيينه ( 150) ألف معلم في غضون السنوات الخمس القادمة، مضيفا: في إطار السعي نحو الارتقاء بجودة التعليم وإعداد المعلمين بكفاءة عالية، نقترح حزمة من السياسات والإجراءات التي لابد أن تتسم بالاستدامة لإعادة هيكلة وتطوير كليات التربية بما يضمن توافقها مع المتغيرات المجتمعية والتكنولوجية وسوق العمل والمعايير الدولية.

وفي هذا الصدد، شددت الدراسة البرلمانية علي أهمية وجود رؤية واضحة تتم بناء عليها إعادة هيكلة كليات التربية بمصر، وهنا يمكن الرجوع إلى الرؤية والرسالة الخاصة بالكليات والموجودة بالفعل والالتزام بإجراءات تنفيذية لتفعيلها؛ وأيضًا التعاون مع قطاع الدراسات التربوية بالمجلس الأعلى للجامعات ومع اللجنة العليا للجان قطاعات التعليم الجامعي التي تم استحداثها برئاسة أمين المجلس الأعلى للجامعات، وعضوية قامات علمية وأكاديمية منهم وزيران سابقان للتعليم العالي، وزير أسبق للتربية والتعليم وزيرة التعاون الدولي الأسبق، رئيس جامعة أسبق، بالإضافة إلى رئيس اللجنة الفنية للمشروعات القومية لإنشاء جامعات ومؤسسات تعليمية وبحثية سابقاً بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ وأن يراعى فيها رؤية مصر ۲۰۳۰ وأهداف التنمية المستدامة، وإنشاء مجلس وطني لإعداد المعلم يتولى التنسيق بين وزارات التعليم، والتعليم العالي، ونقابة المعلمين والجهات ذات الصلة لضمان رسم سياسات موحدة ومتكاملة لإعداد المعلمين وتطويرهم المهني.

ودعت الدراسة إلي تأهيل مهني مستمر وترخيص المهنة و يجب أن تتولى كليات التربية مسؤولية تقديم برامج التنمية المهنية المستدامة للمعلمين، وأن تكون الجهة المختصة بإصدار وتجديد رخص مزاولة المهنة بناءً على معايير أداء واضحة، مع تشكيل لجنة من قبل قطاع الدراسات التربوية بالمجلس الأعلى للجامعات لعمل مسح ومراجعة دقيقة لجميع كليات التربية بأقسامها وشعبها المختلفة لتفادي التكرار أو التنافس بين الأقسام والشعب المتداخلة داخل نفس الكلية أو تلك التي تتقاطع اختصاصاتها مع نظرائها من الأقسام في الكليات الأخرى.

واقترحت الدراسة، في حالة إنشاء كليات تربية جديدة أن تقتصر على النمط التتابعي وتسمى "كليات التربية للدراسات العليا التربوية والتدريب"، وبالتالي تقدم برامج دراسات عليا متخصصة، أو تتبنى نماذج برامج تكاملية بالتعاون مع كليات أخرى، بما يدمج البعد الأكاديمي مع التربوي ؛ ويكون سير الدراسة فيها وفق ثلاثة مسارات، الدبلوم العام التربوي ( عام / عامان) : يستهدف خريجي الجامعات من التخصصات المختلفة، ويتضمن عامًا أول للدراسة النظرية ، وعامًا ثانيًا للتدريب الميداني داخل المدارس، الدبلومات المهنية والخاصة تمهيدي ماجستير: تُخصص للباحثين عن التطوير المهني والانتقال للماجستير، مسار الماجستير والدكتوراه : يستمر كما هو في كافة فروع التربية.

أما بالنسبة لكليات التربية القائمة، دعت الدراسة ألا تقبل طلابًا من الثانوية العامة وتقتصر الدراسة بها (شأن جامعة ستانفورد الأمريكية أو جامعة القاهرة على مجال الدراسات العليا، أى تتبع النمط التتابعي وأيضًا تصبح مقرًا لما له علاقة بالتدريب والاستشارات الخاصة بكل ما يرتبط بإعداد المعلم، بمعنى آخر تكون هي الجهة المعنية بتقديم التنمية المهنية للمعلمين وبرخصة مزاولة المهنة، وهذا يتطلب التكامل مع الأكاديمية المهنية للمعلمين هذه التوصية أشارت إليها دراسات عدة منها ما كتبه على صالح جوهر ومحمد حسن جمعة تحت عنوان كليات التربية في مصر : رؤية جديدة للشراكة ، وغيرهما.

وفي هذه الحالة (إذا ما قررت أى من كليات التربية أن تتحول إلى دراسات عليا فقط) يمكن أن تضع فترة زمنية انتقالية تتراوح من ثلاثة إلى خمسة أعوام لتوفيق أوضاعها، وذلك لمحاولة الانتهاء من اللوائح القديمة الموجودة، ومنها اللائحة الموحدة التي بدأ تطبيقها في العام الأكاديمى 2024/ 2023 ومن المتوقع بحلول عامين أن تتخرج أولى الدفعات التي درست بهذا النظام.

وطرح التقرير تصور آخر، إذا أرادت كليات التربية أن تجمع بين النمطين التكاملي والتتابعي، سيتحتم الأمر للنهوض بها ومواكبة المعايير الدولية أن يتم إعادة النظر في الدرجات العلمية التي تمنحها الأقسام الموجودة حاليًا؛ وأن تتم الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس من خلال إنشاء برامج متكاملة يتم فيها التعاون مع كليات التخصصات الأكاديمية المختلفة كالآداب والعلوم (وغيرهما) أو برامج تقدمها الكلية.


شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا