تحل اليوم ذكرى ميلاد العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، الأسطورة التي حملت صوت الحب وصدى الشجن، عاش حياة عاطفية كانت أشبه بفصول من رواية ملحمية، لم تكن علاقاته مجرد تجارب عابرة؛ بل كانت انعكاسًا لعواطف متدفقة ووجدان حساس، رسمت على جبين الزمن حكايات عشق لم تكتمل، لتصبح جزءًا من أسطورته الخالدة.
في بداية طريقه، كان الحب الأول بمثابة ومضة حلم عابرة، حينما كان طالبًا صغيرًا، أسرته فتاة بسيطة تقابلها الصدف يوميًا على مقعد في الترام، لم تكن هذه الفتاة تحمل من زينة الدنيا سوى جمال الروح وصفاء القلب، كتب لها عبد الحليم رسالة مليئة بالمشاعر اليافعة، لكن القدر لم يمنحهما فرصة للالتقاء إلا بعد عامين، لتُنهي الفتاة تلك القصة الصغيرة باعتذار صادق يعكس واقعها البسيط.
لكن الحب الحقيقي الذي ترك أثرًا عميقًا في حياته كان مع فتاة من طبقة أرستقراطية، رمزها “ديدي”، التي كانت تشبه الحلم في عيون العاشق الشاب. ورغم أن المجتمع وضع بينهما جدرانًا من التقاليد والفوارق الاجتماعية، فإن مشاعرهما ظلت نقية كالندى على أوراق الورد. حينما طرق عبد الحليم باب أهلها طالبًا يدها، قوبل بالرفض القاطع. ومع ذلك، بقي هذا الحب شعلة وهاجة في قلبه. وحينما اختطفها المرض في ريعان شبابها، بقيت ذكراها تؤلمه كجرح لا يلتئم، وأعلن عبد الحليم أنه لن يتزوج أبدًا، وفاءً لعهد قطع على نفسه في وداعها الأخير.
هكذا كانت حياة عبد الحليم العاطفية، سلسلة من اللقاءات والوداعات، أضافت لرصيده الفني عمقًا وثراءً، كانت تجاربه بمثابة مرآة لنفسه، تلهمه في أغانيه، وتصقل إحساسه. لم يكن الحب في حياته طريقًا ممهدًا، بل كان دربًا مليئًا بالعثرات والآلام، لكنها الآلام التي صنعت منه فنانًا خالدًا، نعيش مع صوته نبض قلبه الذي لم يعرف الاستسلام.