عندما يبدأ قرص الشمس في الهبوط ببطء خلف جبال منى ، تتحول لحظة الغروب إلى مشهد من الجمال الروحي والسكينة العميقة، تُخيّم على المكان أجواء إيمانية لا تشبه أي لحظة أخرى.
في تلك الساعة، تتبدل حرارة النهار برقة نسيم المساء، ويبدأ الحجاج في التوجه بأبصارهم نحو السماء، تلهج ألسنتهم بالدعاء، وتغمرهم مشاعر خاشعة بعد يوم طويل من أداء المناسك والتنقل بين المشاعر المقدسة.
منى لحظة الغروب ليست مجرد وقت ينقضي، بل محطة يتوقف فيها الزمن عند حدود الصفاء، حيث تمتزج خيوط الشمس الذهبية بالبياض الطاغي في ملابس الإحرام، وتغدو الأرض شاهدة على ملايين الأقدام التي وطأتها بنيّة خالصة، وقلوب تعلقت بالمغفرة والقبول.
في هذه اللحظات، يلتف الحجاج في جماعات صغيرة، يقرأون القرآن، أو يجلسون في صمت يتأملون ما أنجزوه من مناسك، وما تبقى لهم من رحلة الطاعة. بعضهم ينظر إلى الأفق وكأنه يهمس لله بطلب لا يسمعه أحد، وآخر يغالب دموعه وقد شعر أن الغروب علامة قرب النهاية، ونفحات الرحيل.
بين الخيام، تبدأ الأضواء البيضاء في الاشتعال تدريجيًا، بينما تظل روحانية اللحظة ترفرف فوق المكان، في مشهد لا تصفه الكاميرات، ولا تنقله الكلمات كما هو.